ابراهيم البليهي
يتساءل البعض عن أسباب استمرار تخلف الكثير من المجتمعات في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية رغم تعميم التعليم في كل المجتمعات ووفرة مقومات الازدهار …..
لابد أن يدرك الجميع بأن الثروات الطبيعية لم تَعُدْ هي مصدر الازدهار وإنما طاقة المعرفة وقدرات الابتكار والإبداع والاختراع ومهارات الأداء هي الثروة المتجددة التي تملكها كل المجتمعات لكنها تختلف في كيفية استثمارها وتفجير طاقاتها الكامنة المتجددة ….
رغم مظاهر التحجر التي تكبل المجتمعات فإنه يغيب عن أذهان الناس عمومًا بأن مقاومة التغيير هي السلوك الطبيعي التلقائي وأن السلوك الجمعي هو دائما مقاوِم للتغيير ولا يحصل التغيير إلا بقيادة سياسية حاسمة مثل قيادة محمد بن سلمان الذي حسم بشكل قاطع سلوك التردد وأعطى المجتمع قوة اندفاع عظيمة وبذلك جعل المجتمع السعود ينتقل من التحجر الثقافي إلى الانفتاح المضيء ويثب من الهامش إلى القلب ويرتقي من السفح إلى القمة ….
تختلف قوة المقاومة للتغيير حسب كثافة القيود الثقافية ويمكن إدراك هذا الفرق في قابلية التغيُّر من مقارنة مصر بكوريا الجنوبية فقد بدأ المفكرون في مصر يستنهضون الأمة منذ أكثر من قرنين لكن رد الفعل المقاوِم كان وما يزال يأتي دائما أقوى بما لا يمكن مقارنته بأدوات ووسائل التغيير مما أدى إلى استمرار التخلف في مصر بينما قفزت كوريا الجنوبية خلال أقل من نصف قرن لتكون في الصدارة. ويمكن أيضا مقارنة سنغافورة التي تفتقر افتقارًا كليا إلى الموارد الطبيعية لكنها ملكت القيادة الحاسمة نقارنها بكوبا فسنغافورة حققت ازدهارًا عظيما صار مضرب المثل في التنمية التي تقوم على الطاقة الذهنية المتجددة بينما انحدرت كوبا نحو الحضيض في الفقر والتخلف وانتشار البؤس. إنه فارق القيادة ….
وتُعتبر الفلبين نموجًا في فاعلية الشعب وعجز القيادة السياسية عن استثمار هذه الفاعلية….
يؤكد علماء الانثروبولوجيا وعلماء الدماغ بأن التمسك بالموروث والدفاع عنه ومقاومة التغيير هو السلوك الطبيعي التلقائي الحتمي. أما قبول التغيير والتحرك عكس التيار الجاري والتفكير بشكل مغاير للسائد فلا يكون إلا فرديًّا وبشكل نادر لأنه خروجٌ على النمط واختراقٌ لكل الصوارف الثقافية ذات الفاعلية التلقائية القوية وهنا ندرك عظمة الدور الذي نهض به محمد بن سلمان في عهد الملك سلمان المضيء ……