سلمان ابراهيم الخليل
كان وقعُ خطاي يشقُ عتمةَ الليل ، لم أكن أعلم إلى أين امضي ، وكانت عتمة روحي أشد حلاكة من عتمة الليل.
خرجت من منزلي الذي أعرف بأنّي لن أعود إليه ثانية ، أسير بخطى متثاقلة متأبطا ذكرياتي وأوجاعي ، هذا الرحيل كان الخيار الأصعب ، ربما لم يكن خيارا بل كان رحيلا قسريا ؟ كان اتقاءا لشر تهديدات تجار الدم وأمراء الحرب ، لم يكن مقبولا عندهم أن يظهر روبن هود في مناطق الجزيرة السورية، يكون وميض الحق و شعلة و نصيرا للمظلومين وعونا للفقراء والمحتاجين على مدى ثلاث سنوات خلت بل يزيد .
ما يؤلمني أنني سأفتقد تلك الوجوه التي كنت أراها كل صباح ، وجوه زبائني القادمون من سوق الخضار ، ما أجملها من وجوه وقد انهكها الزمن بتحدياته لكنها لا زالت تكافح في سبيل الحياة !
أفتقد وجوه تلك النساء اللواتي دابن على تأمين حاجيات أسرهم بشرف وكرامة وقد رأين في شخصي محطة أمل وشاطئ امان .
أفتقد وجه زوجتي و أولادي الذين مازالوا ينتظرون ، ينتظرون ريشة حبي لهم لتخط على وجوههم البسمة .
أفتقد وجه أهلي و أصدقائي ، أفتقد وجهي القديم وقد ضاع بين زحام الراكبين ، وتشابكت ملامحي مع ملامح هذه المدينة الغريبة .
وجهي يشدو الدهشة رغم أنه تائه ومنكسر ، يدرك أن العالم تغير ، لكنه مازال يتحرك ويبحث عن مغامرة جديدة ، ويبحث عن حكاية جديدة تكسر حدود الزمان و المكان . عن حكاية لاتنتهي .