إبراهيم اليوسف
كانت صدمة كبيرة بالنسبة إلي، اليوم، وأنا أتلقى عبر مكالمة من الصديق إسماعيل محمد يسألني فيها: هل صحيح ما نشر عن وفاة الكاتب زنار عزام؟ كنت في تلك اللحظة أتابع فعاليات- الوقفة التي تمت دعوتنا إليها من قبل- هفكاري- أمام القنصلية التركية في كولن، احتجاجاً على المجزرة الرهيبة التي تعرضت لها عائلة- بيشمرك- في جنديرس، واستشهد خلالها أربعة شباب من موقدي شعلة نوروز2023، إذ رحت أتواصل” على هواتف” أسرة أبي عزام، من دون جدوى، ليؤكد لي الصديق سليمان حسن صحة النبأ الأليم، بأنه لفظ أنفاسه الأخيرة في ظهيرة اليوم، في أحد مشافي” إيسن” التي نقيم فيها كلانا.
تذكرت حالاً، أنني في صباح اليوم كنت أرسلت إليه بطاقة صباحية في الساعة الثامنة والدقيقة الرابعة عشرة، وكنت فعلت مثل ذلك أمس، وقبل أمس، وقبل ذلك، على نحو يومي، وأن آخر تواصل صوتي بيننا كان في الحادي عشر من آذار مارس الجاري، بينما وصلتني منه بطاقة صباحية أخيرة في السابع عشر من آذار الجاري ذاته:
أنا مريض
قالها لي
وكان قد كتب إلي مثل ذلك في العشرين من شباط الماضي، وهو يعتذر عن حضور معرض الكتب الذي خصص ريع مبيعاته لدعم أهلنا في عفرين، فسألته عن مرضه، ليجيبني:
أعاني من ديسك شديد!
اطمأننت كثيراً، لأن مرض الديسك غيرمقلق، وحاولت أن أطمئنه قائلاً:
أنت في ألمانيا، والديسك ممكن العلاج، هكذا رحت أحدثه، إلا إنني استشعرت بألم كبير في نبرة صوته، على خلاف واقع صوته الجهوري الدافىء الذي أعرفه منذ ما يزيد عن خمس وأربعين سنة، ورحت أواصل حديثي معه:
أنت تؤجل تكريمنا لك منذ بداية كورونا وحتى الآن!
ما إن أتعاف سأخبركم؟!
هذا الكلام راح يقوله للصديق المهندس سليمان حسن، وهو يقول: اتصل بي إبراهيم ليزورني في المنزل.
حقيقة، كانت اتصالاتي به متواصلة، كلما أتيح لي ذلك، وكنت قد اتفقت معه على إقامة أمسية تكريمية خاصة له، واتفقنا مع رئيس جمعية هيلين، للتنسيق حول ذلك، إلا إن غيابه في الأشهر الاخيرة. بضعة الأشهر الأخيرة، كان لافتاً بالنسبة إلي، من دون أن أتوقع أن أبا عزام في وضع صحي صعب، إذ طالما كان يحدثني- من قبل- عن الوضع الصحي لرفيقة دربه أم عزام، بالكثير من القلق، إلى أن تعافت!
أعترف، أنني رغم كل تواصلي مع أخي زنار أظلُّ مقصراً معه، فهو عضو- في رابطة الكتاب والصحفيين- كما إنه من الوجوه دائمة الحضور لفعالياتنا التي أقمناها في إيسن، وقد حضر مؤتمر الاتحاد في العام 2016 و إن علاقتنا تمتد أبعد وأعمق، كما كتب هو في العام 2019 على صفحته الفيسبوكية، إذ عرفته وأنا بعد طالب ثانوية عندما كان يشارك- في المركز الثقافي في قامشلي- في الأمسيات الأدبية مع توأمه الراحل: حسن جنان أو مع الراحل محمد نديم أو رحمهم الله جميعاً، ولقد كانت علاقتنا جد مميزة إذ طلب مني في تسعينيات القرن الماضي أن أقدم باكورته القصصية، وهو ما فعلته، وإن حصل خطأ ما، يعرف تفاصيل ذلك الشاعر أحمد حيدر، وظل تواصلنا مستمراً.
في ثمانينيات القرن الماضي اشترى منزلاً في الشارع المجاور لشارع بيتنا- الحرية- كان من أكثر هؤلاء الذين يشجعونني على الكتابة، يزورني أنى أتيح له ذلك، حتى وإن انتقل إلى شقة سكنية في الحي ذاته، فلم يتخلف عن زياتي:
لا أستطيع أن أزور بيت أختي أم عبدو إلا وأزورك.
وكان بيت شقيقته وابن عمه كاظم عزم أبي عبدو جد قريب من منزلنا. كان عبدو من طلابي في الثانوية الزراعية، كما كان نجله عزام من طلابي في مدرسة عربستان، ولطالما يذكرني بقوله” لقد قلت لي وأنا أقرأ موضوعي التعبيري الذي كلفتني به المقدمة لوالدك أما متن النص فهو لك”، وهوما ظل والده يقولها بدوره لي:
قلت لعزام عمك خيرعارف للغتي وأسلوبي الكتابي!
وعندما حصلت وأسرتي على الإقامة- من الخارجية الألمانية- فقد كان بيت أبي عزام عنوان رسائلي الواردة من الجهات المعنية باللجوء، كأحد أقرب مقربي إلي- بينما كنت وأسرتي في الإمارات نحاول تأجيل الهجرة إلى آخر لحظة من صلاحية جوازات سفرنا- لأنه تطوع في أداء هذه المهمة، قبل أن نصل ألمانيا، فقد كان سعيداً لأنني اخترت- إيسن- مكاناً لإقامة الأسرة، كأول ثلاثة خيارات من قبلي وأسرتي. ولعل سبب اختياري ل-إيسن- يكمن في أنني والشهيد مشعل اتخذناها محطة لنا أثناء زيارتنا لأوربا في العام2004، حيث أقمنا في بيت الصديق الشاعر- مروان علي- وكان هو ومحمد سليمان من حببونا بهذه المدينة!
في الطريق من كولن إلى إيسن، ظللت في حالة حزن شديد، لأنني أحسست بتقصير كبير إذ لم ألتق أبا عزام في الأشهرالأخيرة، التي انعزل تماماً عن المحيط، ولعلنا لم نلتق خلال هذه الفترة إلا مرة واحدة، في أحد الأنشطة التي أقمناها، وعلى نحو عابر:
أبا عزام حدد موعد أمسيتك. إننا ننتظرك!
حسناً سأفعل، لكن لننتظر طباعة كتابي الجديد، قل لي أية دار نشر تراها مناسبة لأطبع مخطوطاتي من خلالها.
قرر، الدور كثيرة!
هكذا كان يؤجل ذلك التكريم، في انتظار طباعة أحد مخطوطاته الكثيرة، وكنت أقول له:
لا ضير سيكون لنا لقاء آخر بعد طباعة المخطوط!
حقيقة، لقد كان أبو عزام من أكثر الأصدقاء المخلصين الذين عرفتهم، فلم نلتق في ندوة. أمسية. جلسة، أو أية مناسبة إلا واستعرض ما بيننا من مودة، معتزاً بصداقتي، وأخوتي له
رحيل الأديب القاص صبري عزام خسارة كبيرة بالنسبة لأسرته. لذويه. لمحبيه، لي، فقد عرفته أخاً أكبر، وإنساناً، وجاراً في الوطن والمغترب، ناهيك عن وفائه الدائم لي كأخ كبير حان يعدني واحداً من أسرته. أبا عزام لن أنساك-صديقي- وثمة دين لك في ذمتنا، لابدَّ أن أتعاون وأنجالك وزملاؤنا- في الاتحاد- لنفي بعضاً منه. بعضاً مما بين من وعد وعهد!
فيمايلي منشور للصديق الأديب زنار عزام عن صداقتنا
وقفة مع كاتب…
للشاعر زنار عزم ..
ابراهيم اليوسف ابن جيل السبعينات ..عرفته متمرداً جريئاً..متفوقاً..عنيداً..
شاعراً..ويحمل موهبة مبكرة أشبه بالمعجزة
عرفته طالباً في المراحل الاعدادية والثانوية حينما كان يجلس احياناً في المركز الثقافي بالقامشلي وانا اقدم امسية قصصية او امسية شعرية وكان يصفق لي بيديه الصغيرتين وبقلبه الكبير وشعاع عينيه لايزال في اعماقي ينشد لحن الاعجاب بصمت..واقف معه الان بعد سنوات طوال حيث تفوق على استاذه وأقر بذلك..تفوق واصبح كاتباً وروائياًوشاعراًواديباً وناقداً عبر كتب ودواوين منشورة له وموزعة في الوطن واوروبا ..
للشاعر الكبير انحني واهمس له أبدعت في تفوقك على استاذك وانا لي الفخر بذلك حينما اجدك في المحافل الوطنية والدولية نجماً ساطعاً وكوكباً في عالم الثقافة تكتب وتتألق
المجد لك ياشاعراً غنى وأبدع وكاتباً تألق وتفوق وسيداً للتعابير والكلمات بك نفتخر وبك نعتز ويحق لي ان اقف مع كبرياء ابراهيم اليوسف واقدم له الف تحية وتقدير ..وانا احمل له في ذاكرتي محبة وطفولة وشباب ويجمعني معه ذلك الأرث العظيم من الماضي والحاضر بحلاوة الايام ومرارتها..
ابراهيم اليوسف ابن الجيل المعذب كما كان استاذه الشاعر زنار عزم ابن جيل القرن الماضي حيث المرارة والاوجاع وجمعتنا الغربة مرة ثانية بعد غياب طويل .
في الصورة انا … والاستاذ ابراهيم اليوسف..حيث الذكرى التي تجاوزت مرحلة الصداقة واصبح اخا لي بامتياز .. حفظه الله
الشاعر زنار عزم ….
انا و المرحوم زنار عزام
زنار عزام في انشطتنا