خليل مصطفى
أوّل أمس ( الثلاثاء ) كتبتُ عن قادة أحزاب كورد سوريا… واليوم سأكتب عن المعنيين بالثقافة وقضية الثقافة في إقليم كردستان العراق تجاه مسألة ثقافية دقيقة تهمنا جميعاً، أما عن هؤلاء المعنيين ثقافياً، يفترض فيهم اليوم أنهُم الأكثر وعياً و تجربة و خبرة… في مجالات التكتيك والاستراتيجية . والأكثر إدراكاً لحجم المسؤولية والإخلاص ولأمانة الضَّمير .
1 ــ ما بالهُم هؤلاء، وفي مراكز متنفذة وقد تناسوا مسؤوليتهم… بل لا زالوا يتناسون حتى تاريخه… مُتجاهلين وجود مثقف كوردي كبير كالأستاذ إبراهيم محمود (مُفكِّر و باحث و كاتب كوردي سوري، لهُ المكانة العُليا على مستوى الشرق الأوسط) .؟ وللتذكير: فكان هو أول مَنْ شهر وبجُرأة قلمه لنصرة كورد قامشلو في آذار 2004 حين كان زعماء أحزاب كورد سوريا يرتعدون هلعاً وخوفاً .؟!
وهو الآن في الإقليم (كلاجئ عندهُم منذ سنين في دهوك) حيثُ يُعاني مرارة عذاب نفسي وجسدي، مُتنقلاً من بيت آجار، إلى آخر .؟! وعليه… نسأل قادة الإقليم: ماذا تعني مقولة الخالد مصطفى البارزاني : ( يجب أن نضع كل ما نملكه من مال وحياة وعقل وعلم وكل ما لدينا في خدمة هذا الشعب ) .؟ ولِمَنْ هي موجَّه .؟
2 ــ يُؤسفني ككوردي حال رجُل عظيم كـ الباحث إبراهيم محمود. وهو يوصف حاله : يا جهاتي، كيف يُمكنني التَّنفس في حِصَار الرُّوح في وطن، تُعاكسه جهاته، ليس من جهة أناخت ظهرها لا نبع واساني لا ماء أرشدني إلى نبع، وبي ظمأ إليه درب أرى نبعاً، أرى بحراً، أرى ماء زلالاً غير أني ألتقي قفراً، ووراءُ قفر حيثُما ناديتُ: يا قوماً… ألوذ بهم… وفيهم مُستقرّي كيف ساقوني إلى جرح، وفيه صُراخ ناي لا درب أهتدي إلى شجر ولا شجر أشار إليَّ أنْ قف أيّ حرمان تراه بث عزلة عُمري المسكُون بالمأساة مُنتحلاً مداي يلفظني ثراي يا سوء أحوالي يُطالعني عويل الأرض، بئس أرضي يا بؤس ما عايشت، ما طالعت، ما أبصرت في مرمى عقود في مسلك غربة أو في صنائع كربة.
3 ــ أنا (كأحد المُثقفين المُلتزمين) أخجل من انتمائي الكوردي بسبب ظاهرة ممتدة مثل هذه، حين أتخيَّل مشهدين مأساويين لصورة واحدة: المشهد الأوَّل: معاناة المثقف الكبير إبراهيم… والمشهد الثاني: لامُبالاة من هم مسؤولون عن الثقافة ودورها في بناء المجتمع، ويهدرون الأموال هنا وهناك دون حساب، يُقابلها تضييق الخناق على زعيم مثقفي عامَّة الكورد ( إبراهيم محمود ) . والمُضحك المُبكي : أنهم يتباهون بسلوكياتهم في مشاهد تظهر استخفافهم حتى بالشعارات التي يرفعونها ويكررونها في مناسبة ودون مناسبة، وينثرون آلاف الدولارات على من يمدحونهم زيفاً، وفي سهرات متنوعة، وفي حفلات الطرب الرخيصة، ونراهُم ( بالمقابل ) : يتناسون ويتجاهلون المُثقف المُبدع ( وهُو حي )… ثم بعد وفاته يستنفرون ويتسابقون للمشاركة في مراسيم دفنه… ووضع أكاليل الزهور على قبره… ويتفننون في ذكر إنجازاته العظيمة .؟!
أكتفي بهذا القدْر، على طريقة ذكّر إن نفعت الذكرىَ