إبراهيم محمود
يخرج جسدها من الماء بمائها
أنَّى لماء أن يسابق ماءها ؟
كيف لماء أن يستحم بمائها
يقطر الماء من مائها الجسدي منتشياً
يتداعى الهواء مغشياً عليه
ماذا لو لم تكن النار بَرْداً على الماء ؟
البحر على وشك الغرق !
***
هوذا الجسد يصعد بمائه الدقيق
هوذا الجسد يبثُّ ماءه هِبات للجهات
يروي ظمأ الماء البالغ الإيلام
يتشبث الماء بالجسد
رضيعاً هو الماء يلتقم كامل الجسد توقاً إليه
تشتعل النار في الماء فوراً
لو أستحيل ماءاً أستوطن مساماته !
تقولها النار ثملة .
ثمة صخرة تنوح في الجوار !
ثمة تربة تشهق بكبد حرّى !
***
لا يبالي الماء بكائناته
وحده الجسد يشغله في تمامه
واصلاً ما بين سماء تتثاءب نجومها وأرض يقلقها نعاسها الوشيك
جسدٌ ليس إلا يعبُر الماء بجموعه شطآنه
يغيب في الجسد مأهولاً بسحره الزلال
ثمة استغاثات تتصاعد من البحر !
إلى أي جهة نطلب اللجوء بعد الآن؟
تقولها كائنات الماء البحرية !
***
وحده البحر لا سواه يبصر بروق الجسد
في مشهد وأكثر:
السباحون يرمون ورود رغباتهم الحميمة في جهات البحر
الغواصون يودِعون زجاجات رغباتهم بدورهم أعماق البحر
النوارس تنقر الماء المرشرش اشتهاء للمس الجسد
الحيتان تكتفي بشم ماء جسدها
تستضيء قناديل البحر بزيت مستقطر من ماء جسدها
في مشد وأكثر بالمقابل:
تتقصف أمواجه في فتنته
المصطافون يغادرون شاليهاتهم سريعاً
قبل انتفاضة جنون تسوناميّ غير مسبوق
قراصنة البحار عالمون بحالة كهذه
يتركون سفنهم الخاصة متعلقين بحوّامات نجدة
جسد يتنامى بمائه واصلاً بين البحر والسماء
ماذا لو طالنا بعتوّ أمواجه المهيبة؟
تقولها ملائكة السماء متهامسة فيما بينها وهي ترتعش بلذة صادمة !
***
يتغزل الماء بالجسد بلغة الرشرشة دغدغةً
البحر حامل الماء التليد ظاهر بليغ بعمقه
الجسد الأصل عمقه اللجّي
ظامىء هو البحر إلى ماء الجسد
لا نوم للماء بحضور الجسد
الجسد حلْم الماء إذ يُرى به
كيف لبحر أن يفقد رشدَه لمرآه
كيف لبسمة من المائيَّة الجسد أن تطوّف النار في كامل البحر
إطفائية السماء عاجزة عن إغمادها
لا استراحة للماء المتيَّم بشبق الجسد
***
يعترف البحر بأمومتها
تلك الأنثى الكونية وهي تمخر هشاشته الزرقاء
تعيد تكوين الماء تبعاً لمكرماتها الجسدية
ينفتح أمامها البحر على مصراعيه
رغبة في التحافها متلذذاً
ذاكرة البحر أنثوية
يصدح موج البحر مردّداً صداه عالياً
تسلّم ذاكرة البحر أوراق اعتمادها
لجسد الخارجة نفاثاً بقواه الجاذبة
يصعد جسدها الأمومي، العشقي عالياً في مرمى الشمس المأخوذة به
بكامل جسدها تحمل البحر ريشة من أزرق كروي متماوج
تدجّنه وهو مهدهَد بين يديها
في إثرها صدىً لا يكف عن الانتشار جهاتياً:
من يمخر عباب بحرها كم يخشى من الغرق !