أثينا فقط وليس كل اليونان

ابراهيم البليهي 

يتحدثون خطأ عن المعجزة اليونانية وتغيب عنهم حقيقة صارخة وهي أن الحضارة التي ازدهرت في القرن الخامس قبل الميلاد كانت في أثينا وحدها بينما أن اليونان تتكون من عشرات المدن التي كانت تتحرك في مسارات ثقافية مغايرة فأسبارطة على سبيل المثال كانت مجتمعًا عسكريًّا محضًا كان الأبناء يُسَلَّمون للسلطة فتربيهم تربية عسكرية محضة وكان الطفل الذي يولد ضعيفًا أو بعاهة يُترك يموت في طفولته ولا يُسمح له بمواصلة الحياة ولا لأسرته بأن تعتني به لأن تربية الناشئين كانت مسؤولية السلطة وليست مسؤولية الأسرة فالعليل يُترك يموت طفلًا لأنه غير لائق للتربية العسكرية القاسية كما أنه يكون عبئًا على الوطن وليس فقط على أهله إن النظام الاسبارطي نظامٌ مضادٌّ تمامًا للنظام الأثيني ولكل ما يقال حين يجري الحديث عن الحضارة اليونانية …..
    وحتى أثينا فإنها مجدها مدينٌ لبضعة أشخاص من مشاعل الفكر وبضعة أفراد من قادة الفعل …..
    إنها مدينة لطاليس وبارمنيدس وهيراقليطس وجورجياس ويوربيدس وهيرودوت وسقراط وأفلاطون وأرسطو وديمقريطس وصولون وبركليس ….
   إن المدن اليونانية المتنافرة المتعددة لا تختلف عن العالم الذي كان معاصرًا لها إن أثينا انفردت بهذا الامتياز الخارق بفضل القائد الحكيم صولون ثم صارت ملتقى لمشاعل الفكر فحصل لها ذلك الامتياز الخارق لكن عموم الناس حتى في أثينا لا يختلفون عن عموم الناس في كل مكان بدليل أن أثينا حاكمت سقراط وأعدمته ولاحقت فلاسفة آخرين وهذا يؤكد أن الحديث عن معجزة يونانية بشكل مطلق هو حديث خاطئ كليا فالتميز كان فرديّا فقط ولعدد قليل جدا من الأفراد كما انحصر في أثينا وليس في كل اليونان وهنا ندرك أن الحديث عن المعجزة اليونانية هو حديثٌ خاطئ ومضلِّل ……

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…