ركلات

إبراهيم محمود

بورِكت ِ القدَمُ في ركلاتها
مدخلاً إلى النجومية
صورة الهوية ملتقطة منها
إذ تمثّل الجسم في آماله الكبرى
القدم رأس فرجار يحيط نفسه بدائرة مسجَّلة باسمه
لا عالَمَ خارج مركزها
الخيال يتنفس قدَمياً
التفكير يتنشط قدمياً
فم قدمي للطعام
فم قدمي للشراب
لسان قدمي للعب الكلمات المتقاطعة
خطط قدمية محْكمة
رؤية قدمية اسراتيجية للعالم
عناق قدمي للكون
حرب قدمية معَدَّة لحالات الطوارث
حسابات قدمية مقرَّرة 
موزعة للمستجدات
استلهام قدمي في معايشة المختلف
توقيع قدمي على آخر القرارات:
***
ركلة كرَة القدم:
هتف الجمهور
شاط اللاعب
اهتز المرمى
طاش الجمهور
رقص مدرّب اللاعب طرباً
صار الهدفُ مناسبة قومية
يا المجتمع الدبق !
***
ركلة السياسي:
من زاوية أدمنتْه نظرةٌ
” الكورنر ” مرصد السياسي العتيد
ركلتُه حمَّست جمهورَه 
احتفت بها نشرته الحزبية المنتظرة
في منتصف المرمى الاجتماعي
زُخرِفت القدمُ
هوى نجم
حل ليل اجتماعي مديد
أخرَج جمهورُه احتقاناته
كلمات حماسية نخب ركلة قدم الجمهور السياسية
مسحوباً وراء ركلاته الثقيلة الأخرى
يا للمجتمع المقهور
***
ركلة الاقتصادي:
أخرج الاقتصادي أفكاره الذاتية
وجَّه ركلة إلى هدفه المرسوم
تزعزع الأساس
احترق الخبز سريعاً في تنوره المكربن
يا للمجتمع المهدور
***
ركلة الثقافي:
ركَّز بعين خياله المحصور على كرَته الحجرية المسننة
إنها كرَة بنسَب فكري مزعوم
بساقه الشريطية دفع بقدمه المفلطحة كرته 
اهتزت أعمدة المرمى
الغبار ملأ المكان
انتشى برؤية اهتزاز الأعمدة
غابت الكرَة
يا للمجتمع الأحول
***
ركلات حمار على الخط:
تاريخه محفور على حافره
سدّاد ماهر بطبيعته النافذة الأثر
حيث أذناه تلتقطان أدق الذبذبات 
حاضر في أكثر الحالات صعوبة:
ركلة في مؤخرة الرياضي
أنت ملخص في قدمك
وقدمك عمياء
قالها متهكماً
ركلة إلى خاصرة السياسي مرفقة بقوله:
رجلك الهشة 
قدمك المطاطية
لا تنال من مرماك الصغير جداً!
ركلة إلى صرَّة الاقتصادي تتقدمها عبارة:
تخلَّص من كرشك الضخمة أولاً
أنت في مرمى سَيل رعّاد
تيقظْ
قدمك عالقة في تجويف صخري
ركلة إلى صدر الثقافي
مصحوبة بالتالي:
خيالك كسيح
قلبك قش
ومرماك دون أعمدة
وقدمك الشلمونية
مصاصة وهْم
قالها الحمار بضحكة مدوّية 
رُفَع الستارُ
أنزِل الجمهورُ!!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…