سلوكيات كلبية

إبراهيم محمود

عوّى الكلبُ
ترددَ صدىَ نظيرِه في الطرف الآخر
أطلق زفيرَه في الهواء الطلق
عوّى إنسانٌ في الجوار
التبس الأمرُ على الكلب
شهق عميقاً حتى انسدَّ مجرى الهواء
مصدوماً نظر إليه
كان يستمرُ في عوائه
انطلق عواءٌ ثان بالقرب منه
أعقبه عواءٌ ثالث
بالكاد استند الكلب إلى عصعوصه
تمالكته رعدةٌ
تحرك كامل جسمه
محرّكاً أذنيه الذاهلتين جهة العواء الغريب
تساءل الهواءُ عما يجري
مثقلاً بترددات صوتية بلبلتْ عليه هبوبه
لماذا عوائي أنا بالذات ؟
تساءل الكلبُ في خياله المهان
ترددَ العواءُ بإيقاعات:
اإلى هذه الدرجة محبوبٌ هو عوائي ؟
ما بال البشر يهربون من أصواتهم
ناهبين أصوات غيرهم؟
هل لهم أذناب غير مرئية يجرّونها وراءهم؟
لماذا يطيلون في العواء أحياناً كثيرة؟
لماذا يعادوننا نحن الكلاب بسطوهم على عوائنا؟
كثيراً
ما يُسمَع للكلب هو عواء متقطع
عواء كالبكاء
أو بكاء ينوب مناب العواء
عواء كالنشيج الحاد أحياناً
ينقطع فجأة
تعقبه حشرجة موجعة
تلهب الأوتارَ الصوتية للكلاب جميعاً
في الليالي المغطسة في حبر بالغ السواد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…