عشرونَ قنديلاً لحبيبتيَ الغائبة

فراس حج محمد| فلسطين

[أريدها مثلَ النهارِ واضحةً، تقشّرُ أشياءها على مَهْلٍ معي]
1
نصبح فينا على خيرٍ 
الآنْ
ننهضُ مِنْ علينا
نضحك لآخر ما تبقّى من حلمْ
فينا وحدنا 
يتنفّس الورد عطور صباحنا
وجهكِ وحده الساطع في وسْط العتمةِ
والبردِ ودفقِ المطرْ
يا ليتني الآنَ بعمقِ حِضنكِ دافئاً 
لأشعرَ أنّني حرٌّ وحيّْ
2
هذا الصباح الياسمينُ 
لمن يكونُ؟
لحبيبة تُهدي الجمال بعمقهِ
فيشتعلُ الحنينُ
هذا الصباح الياسمينُ الفذُّ 
كيف يكونُ؟
لك الأزهار شعشعها الصبا 
فالحبّ دينُ
3
هذي الأنا اللّا شيءْ 
تغرق في اللّا شيءْ
تنقذني نسائم وحيكِ الفجريّ
ضحكة وجهكِ في الصّباحِ النّديِّ
المحمّلِ أغنياتْ
تخلقُ لي عمراً جديداً
يستريحُ على غصونِ يديكِ
4
موجودٌ على طرَفِ العالمِ النائي 
القريبُ إليكِ جدّاً 
أسمعُ كلّ شَيْءٍ
من صفيرِ الرِّيحِ في الشّباكْ
لحفيفِ صوتِ سعادتِك
أحسّ فيّ دفءَ همسِ وسادتِكْ
ولذيذَ طعمِ الصّحوة الأولى 
بحضنِ منابعِــكْ
أردّ فيــكِ الشَمسَ نوراً 
يستلذُّ بفيضِ أشعّتِكْ
وتعانقينَ أصابعي
وتعلّقين عليّ وردَ أصابعِكْ
كقصيدةٍ نشوى 
يصلّى الحبُّ فيّ افترارُ قصيدتِكْ
فيا لهذا “الوحيِ”
الجنونيِّ المسمّى في القصيدةِ
 فيضَ سرّكْ
5
هُـمُ الأحبة إن غابـــوا 
وإن حضــــروا 
في القلب مسكنهم كالروح 
في البدنِ
فأستضيء بهم
بنور الشوق 
إنّهـمُ فرحي وسرّ حروف الشعرِ                         
والشجنِ
6
أيّتها الساكنة خلف حدود الخيال 
لا تبكي
فالدمع البادي في عينيكْ 
جمرة في سويداء قلبي
المملوء بطيفك
7
وأنا السائرُ للخلفْ
فلعلّي لم أكبرْ أبداً
قد وهن الجسمُ 
حنيناً وترهلْ
والروحُ الطفلةُ قد خفتتْ
والليلُ الساقطُ في جلْدي
أشلاءُ كيانٍ يتخلخلْ
8
وأنا أقول لها بكلْمتينِ
وقُبلَةْ
وأعدّل اللغة الخؤونة في سطور صباحها
لتقوم قبلَهْ
ويغرد الشعر الجميل على غصون الوردِ
يفوحُ مثلَهْ
هي كلّ شوق في الحنايا 
ساكنٌ
يهدي الغرام سبيلَهُ
فيصير حِلّهْ
9
من ألف عامٍ يا سيّدتي 
وعمري أربعون طفلْ
ما زال يسبح في خليّته الجنينيّة 
يحتاج حليبه الأوّل المنسيّ في أنساغ أمّهْ 
ما زال حضنكِ دافئاً 
كما هو قبل ذاك الماء الساكن في عروق الياسمينْ
10
الحروف مثلي جائعة لمعنىً 
فيكِ مختبئٌ
ومشتبكٌ فيّ 
كمثل شهيّتكِ الأخرى 
تراوغني على ثقة شهيّة ثالثة 
محرّمة كسنبلةٍ خضراء مبتلّةْ
أستجدي إسمكِ
أقضمه حرفاً فحرفاً شبه تفّاحةْ
فيبدو سائغاً في الفكرة الجائعة
11
أغمضتُ عيني
أردّ بعضي نحو بعضي
أصلّي على أطرافكِ الملأى بذاتي
أراكِ نبيّةً
تشعلُ البخور في رؤيا الصَّلاةِ
أغمضتُ عينيَ 
كي أراكِ هناكَ نور ملائكةْ
ولحن عطر قرنفلةْ
أشربُ من راحتيكِ ملذّتي المترائيةْ
أغمضتُ عيني 
أشرقتِ فيّ إلهةً متساميةْ
12
ليس بوسعي أن ألمّ صورتها وأمضي
ناعمة الخدّين
كأنّه الندى المسروق من لؤلؤ وشذىً
طافح الحمرة راوٍ بالفرح
تضحك مثل أغنية جريئة
أستعمل معها الكناية كي أواريَ ما تعرّق من شفاهي السائلةْ
أكتبُ شيئاً سريعاً كي أوثّق ضوْءها المنساب في ذاكرتي
ولا أمضي لشيءٍ غيرها
هل أهاتفها؟
وهل ستأتي مثل موج الصوت كركرة العذوبة في غدير الماء؟
13
وتفجّري مثل النّهَرْ
حبّاً وشعراً 
ومطرْ
فيضي عليّ شهيّة
وبهيّة في كلّ أمرْ
دفئي ومائي والهوى
تجري إلى ذاك المقرّ 
جِنّي بحبّي 
وانتشي
جسداً وروحاً وزهَرْ
14
شهرزادُ يراعُ المحبرةْ
ترتق ألفاظَ الغلاف الخارجيّ لوحيِ نصّ
وتعلّقُ الكلماتِ أثماراً على شفتيّ
تخلقني في راحتيها لحن همسْ
مختالة مثل الضياءْ
مثل خطو الكبرياءْ
تحرسُ الأحلام في ولهِ الدّماءْ
ترتديني فكرة عليا 
نغنّي في اتّحادٍ حلوَ جِرْسْ
15
لَنْ تتوهَ وهْيَ معي
ولن تضلّ وتشقى
سأشفى بها
ويتّسعَ المدى برحيبِ طُهْري
لن تتوه غارقة ببحري
ستسري نجمة علويّة 
لتكتبَ في أناملها الرهيفةِ سِفْري
لن أتوهَ ولن تتوهَ 
سيصفو بالكؤوسِ اللامعاتِ 
على الشفاه نقيّ خمري
لن نتوهَ 
أنايَ بعضُ أنينها
وهذا الهادئ الأبديّ عطري
16
يا امرأة الصورة 
فيضي 
واسكنيني
واستبيحي كلّ ما يأتيك منّي
واجرعيني
واستجيري بالصباح الحلو
بالمعنى اليقيني
أيّهذا الظلُّ 
لا تعتم رؤاك على ظنوني 
كم سيكبر من جنونك في الموجِ 
جنوني
17
أصدِّقُ وجهكِ القمريّ
إحساسَ اللّغةِ البعيدةِ 
والقريبةِ والحزينةِ والسّعيدةْ
أصدّقُ مَحْبَرَة القصيدةْ 
ظلالَ أصابعكِ الطّريّةِ تكتبُ للصّباحْ
أصدِّقُ أخيلةَ المرايا 
أصدِّقُ نظرتي نحوَ امتدادِ بصيرةٍ تُبْصِرُنا
أصدِّق كلّ شَيْءٍ حيّْ
ما دامَ وجهُـكِ صادقاً مثلَ طعمِ الضَّوْءِ فيّ
مثلَ نهرٍ جامحٍ يجري ويجري 
يشرحُ في تجلّيه الحكايا
أصدِّقُ لونَ خَمرتكِ اللذيذةْ
أصدِّقُ طعمَ نفسي 
إذ صرتِ بعضاً من أنايَ
18
طعمُكِ هذا 
الذي ما زالَ على بقايا أعضائي
يغمرني بالصهيل
ليس لي دعوة سوى 
“أن يكلؤكِ اللهُ فيّ وتراً من نشيدْ”
19
عشق الجمال جمال روحكِ 
والنقا
يا ســر روحي يـا أماني المنتقى
يا بـــوح أغنيـــة الصبــاحِ 
تألّقي
كالضوء يعلو في معالي المرتقى
كالغيم يسكن في مســـارحِ 
مائه
يهـــمي اشتـــياقاً ورواءً 
فســــقى
20
هُوَ النّصّ الأخيرُ 
كأوّلِ نصّ كنتِ فيه
روايةً لن تنتهي
دائريّ، لولبيّ
متمردٌ مثلي عليكِ
عليّ
في عجينة أضلعي
هو النصّ الأخير مراوغٌ 
ومشاكل معناك فيّ
ما كاد ينهي حرفه إذ يرتديك
ويبتدي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…