النوابغ

ابراهيم البليهي

النوابغ يظهرون في كل الأمم فالمهم هو التكامل بين الإبداع والاتباع بين الريادة والاستجابة: 
يوجد التباسٌ شديد في فهم مقومات الحضارة وقد أدى هذا الالتباس إلى إعاقة حضارية مستمرة لأكثر البلدان الإسلامية.
   إن لكل أمة نسقٌ ثقافي ولكل نسق ثقافي محورٌ أساسيٌّ تدور حوله وتنشأ عنه مختلف فعاليات المجتمع. ومعلومٌ أن المحور الأساسي للحضارة الإسلامية هو العلوم الإسلامية. ولكن ضمن المجتمع الإسلامي ظهر فلاسفة وعلماء نوابغ انفصلوا عن التيار العام الجارف مثل ابن النفيس وابن رشد وابن حيان وابن الهيثم والخوارزمي والرازي وابن سينا والفارابي وغيرهم كانت لهم إسهامات فلسفية وعلمية 
وقد أثمرت جهودهم إثمارًا عظيمًا سجَّله التاريخ لكن التاريخ نفسه سجَّل أن تلك الثمار العبقرية قد رُفِضت من المجتمع الإسلامي وحوربت وتم تكفير بعضهم وفي أحسن الحالات أُهملت ثمارهم ولم تجد اهتمامًا ولا تفعيلا. لكن هذه الثمار المهملة انتقلت لأوروبا حين أفاقت من هيمنة الكنيسة فأسهمت في انطلاقتها المبكرة الظافرة. ومن ناحية أخرى فإن الكثيرين لا ينتبهون للتغير النوعي الذي طرأ على وظيفة العلم الموضوعي: فمع الحضارة الحديثة والمعاصرة حصلت قطيعة عملية في أوروبا مع النسق الموروث وتبدَّل محور حركة المجتمع تبدُّلًا جذريا فأصبح العلم هو محور الحياة وبات العلم حاضرًا وشديد الفاعلية في الحرب والسلم وفي الصحة والمرض وبات تقدم الأمم مشروطًا بالاعتماد على العلم كما بات التعلم شرطًا تأهيليا لعموم الناس. إن دراسة تاريخ العلم من ألزم المتطلبات المعرفية لأن هذه الحقيقة التاريخية رغم شدة وضوحها لمن يرغب في الاستقصاء والتحقق إلا أنها ما تزال شديدة الخفاء ليس فقط عند عموم الناس وإنما لدى النُّخَب وبمنتهى العمق والاتساع. إن هذا الفرق الأساسي والحاسم بين كل الحضارات القديمة والحضارة الحديثة والمعاصرة يجب أن يكون من أوليات التعليم وأن يجري تأكيده وإبرازه في كل مراحل التعلُّم وفي مختلف المناسبات لكي يكون واضحًا بقدر وضوحه في تاريخ العلوم …….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…