إطلالة في ديوان ( نافذة الغياب ) للشاعر هجار بوطاني

نصر محمد / المانيا 

عشق رائحة الكتب والحبر ورسم الكلمات ، جذبته الطبيعة الريفية في القامشلي ، فحمل حكايا الليل والسمر والعاب الطفولة ، صور حملته ذاكرته من همسات الحقول واثواب الشمس ، وخفقان القلوب ، رسم صوره ونسج احلامه خلال إمتطائه صهوة الحرف ، إثناء مطالعته الكتب الأدبية والتاريخية القديمة والحديثة 
قبل ان ادخل الى عالم القراءة من بابها الواسع ، علي ان اعرف القارئ بالشاعر هجار بوطاني 
#اسمه هه ژار هلال يوسف
 و لقبه Hejar Botani.
 ولد في مدينة القامشلي عام 1966
 أنهى دراسته بمراحلها في مدراس مدينة القامشلي 
  وفي بداية عام 1982 بدأ في رسم بعض اللوحات و أكثرها كانت لرموز الحركة السياسية الكردية لكن سرعان ما تحولت إلى كتابة الشعر باللغة العربية.
 في عام 1994 بدأ في كتابة الشعر الكردي وكتب عددًا من القصائد الغنائية، أقدم الفنان حسن يوسف على تلحين خمسة منها و سجلها بصوته عام 1996 .
أيضا الفنان نسيم يوسف غنى من كلماته اغنيتين كذلك الفنان جوري له اغنيتين من كلماته 
 بعد هذه التجربة التي اعتبرها ناجحة الى حد ما تطرق إلى كتابة الشعر الحديث ولا زل مستمرا في الكتابة حتى هذه اللحظة . 
 تم نشر العديد من قصائده في مجلات عربية وكردية.
 عضو في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين اللكرد في سوريا.
و حاليا يشغل مديرا للمشاريع في الأكاديمية الثقافية الدولية 
 صدر له من الكتب : 
 1 – الخطيئة الجسيمة 2021 (دار نشر سرسرا) برلين
 2- رماد الأحلام 2020 برلين
  3- نافذة الغياب عن دار النسيم ، القاهرة ، مصر 2018
 وهناك كتب مشروع طباعة وهي : 
١- مجموعة قصصية بعنوان تحت زخات المطر 
 ٢- حينما يلفح الحدود بردا ترجمة عن رواية آهات شعب ٍ للدكتور إسماعيل حصاف 
٣- قصائد تحت الحزام مجموعة شعرية باللغة العربية 
٤- مجموعة شعرية باللغة الكردية غير معنونة 
٥- أنطلوجيا الشعر الكردي 
٦ – انطلوجيا الغناء الكردي 
٧- حوارات ولقاءات
يستهل الشاعر هجار بوطاني ديوانه نافذة الغياب بهذا الإهداء الذي نجده على علاقة وثيقة بنصوص الديوان اذ جاء فيها 
_ الى وطني المتكئ على عكازة الإنتظار المجروح بآلاف الكلمات 
_ الى قطعة الحلوى الراحلة الى مقبرة السكر ( امي ) 
_ الى ابي الذي لا يزال رمزا على اشرعة السفن التي تبحث عن الحرية 
_ الى الأصدقاء الذين عزفوا على أوتار حياتي سمفونية الوفاء 
يقول : في قصيدة ( وطن بلا سماء ) 
مع كل شهب كفن مزركش 
واسم شهيد يقطر دما 
مع كل نيزك توابيت نهيمة 
وطفل يتسول على ابواب الحاويات 
مع كل زخة مطر 
ترى المقابر تتسابق في اكمال شواغرها 
وتتجمد المقابر 
لكن …
اين الشهب والنيازك ؟ 
اين المطر ؟ 
في وطن فقد سماءه بين ازقة السماوات 
فالأشلاء مبعثرة بين الأنياب المسومة
والجوع يمضغ الجائع 
والقابر تركت العادة 
تخلت عن قيمتها 
في وطن لم يشمله الآحصاء 
فبقي بلا سماء
هجار بوطاني تناول في مجموعته الشعرية هذه مواضيع متعددة ، تنتمي قصائده الى اليوميات العادية للشاعر ، البيت القديم ، الدخان ، رائحة الذاكرة ، رعونة الطبيعة ، 
يقول في قصيدة ( قيود وروائح شتى )
ياتربة جذوري هل لي يوما 
أن ابكي بحرية ؟ 
أضحك ؟ 
ادون بصمات أفكاري المترهلة ؟ 
إني ، سئمت كلماتك الرثة 
في جيوب سراويلك المرقعة 
دعيني من ناقتك المتباطئة 
واناملك الراكدة 
دعيني اسير 
أخفق بجناحي 
واتكلم بحرية 
هذا يحصد اللغات ، وذاك يجامل 
وانا فقدت لساني وشيئا من نفسي 
في جوقة المباح واللامباح 
رائحة القيود 
تنبعث من عيوني 
تمزق حبال احلامي 
وتقتل فطريتي عمدا .
تجلت عفوية الشاعر هجار بوطاني فيما خطه دون ضبط الحدود وترك الذات تبوح بمكنوناتها حرة طليقة، سابحة في الخيال،  
يقول : في قصيدة ( خيبات ) 
أهرب بعيدا 
إلا ان الخيبات تطاردني 
أسلخها عن جسدي 
واحدة تلو الأخرى 
اركض وراء حرشفة امل 
أعزي نفسي بها 
تغوص هي الأخرى 
في حفنة زاحفة من السؤال 
اركض من الخيبة 
تاركاَ 
قلبي فقاعات على طريق الذهول 
هجار بوطاني نسج خيوطه بدقة ، تنوعت عنوانين القصائد لديه وحوت المواضيع وفيرها ومن الرؤى والأفكار عميقها 
يقول في قصيدة ( اغتيالات ) 
سأعود الى الغارقة في القيم 
للبلدة المتوارية خلف تلك الذكريات 
سأذكر الذي اغتال ولادتي 
فضاءاتي 
قصائدي 
سأذكره بالتائهين ، في ادراج من النسيان 
والخوف 
سأعود لأصطاد ندمي 
والعروس المركونة 
هناك 
وهي تغازل آلامي على نول الإنتظار 
تحيك من غربتي إكليلاً 
ليوم ولادتي 
سأعود 
رغم اغتيالهم لصدى صوتي 
ولا ينسى الشاعر هجار بوطاني الأشخاص المقربين له ، الأم ، الأب ، الأطفال الأصدقاء المقربين ، حيث يكتب عن الأم الغائبة وذكراها المتأججة في نص جدا مؤثر .
 
 #يقول : في قصيدة ( الراحلة الى مقبرة السكر )
( الى نبع الحنان وسيدة الشقاء ، الى امي التي اعتنقت الفناء )
كان الربيع ماداً خطوته الأولى 
والوقت 
شب على اذرع الكلمات 
نثرتٍ ذرات إصبعك 
الجغجغ 
بكهوفه شامخ على جبين الموت 
رحلتٍ الى حياة ذاتية 
ماتت ساعاتي ومعصمي يتيم 
رسمت واحدة 
وفاءَ لأسنانك الراحلة 
وانتظرنا جداولاً 
لقاءات ..
نغوص في مقبرة السكر 
والتأملات تعزف اوتار العاطفة 
قريب قربكٍ 
الأب ..
يتخيلك نافذة حب مفتوحة 
تبعث انين الإخلاص 
يراكٍ سجادة عبادة 
فيسعل ركعة 
والصغار 
يتوضأون من جنات صدرك 
يلملمون كلماتك المحفورة 
عن شجيرات الأيام 
فيبكون موت مكتبتهم 
ونذوب جميعا في عيون الإنتظار 
وحديقة مرفعة الجدران 
فنبث مسامات المقبرة 
عن همسات اخرى 
وسكر اخر 
وايضا كتب عن القامشلي مكان نشأته ، تلك الرقعة الممتدة بين حلبات النفس ، وكتب عن احلامه الموؤدة التي تنتظر بزوغ شمس الصباحات الأولى ،
يقول : في قصيدة ( قامشلي ) 
تمخضت كتاباتي بالشعر 
حملت تسع قصائد ، ثم ولد حبك 
يرضع من اثداء،ذاتي 
ومن حلمهة قلبي 
قامشلي ، انت سمفونية صبر 
تتأرجح على صول الإنتظار 
سهر يداعب خصال أحلامي 
وبملح طعم حياتي 
وقناديل لياليك يا قامشلي 
شلال يتدفق على روحي ، رونقاُ 
وحناناً 
فيزحف شوقي اليك 
الى لمسة مفعمة بالسكر 
واين المفر من براثن الشوق 
ودخان الهموم يتلمس شعري 
يهرب خيالي المبعثر 
ونظراتي المعلقة من بصيرتها 
كان قلبي ، 
قد فقد آثاره في طرقاتكٍ 
وحين التقينا 
ياقامشلي ،
وجدته في صمتك الخجول 
مطرزاً بالهدوء 
والوداعة 
في الختام : 
رغم اني قرأت الديوان منذ عامين حين اهداني إياه الشاعر هجار بوطاني ، إلا اني عدت اليه اكثر من مرة للقراءة ، وفي كل مرة اشعر بأني اقرؤه لأول مرة 
ديوان نافذة الغياب امتلك مميزات النصوص الشعرية النثرية ، من حيث الرمزية واللوحات والصور ، امتلك الحس الشعري والنغمة الموسيقية ، كان مكثفاً ولم يلجأ الشاعر الى تشتيتنا بالسرد الذي يخرج النص عن افاقه ، فكان هذا الديوان يحتوي نصوصا يمكنها ان تشد القارئ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…