طوفان الجهل والتفاهة

ابراهيم البليهي

مثلما أن العالم الغربي يُصْدِر إلى العالم أفكاره وعلومه ومخترعاته فإنه أيضا يُصْدِر التقليعات وما تجرُّ إليه من انحدار وتفاهة ….
في عام 1968 اندلعت في فرنسا وفي أوربا وفي الغرب عمومًا اضطرابات شبابية احتجاجية هوجاء تريد التخلص من أية ضوابط أُسَرِيَّة أو اجتماعية أو معرفية أو أكاديمية أو أية مرجعية؛ وكان ممكنًا أن تنتهي تلك الاضطرابات دون أن تُخَلِّف أثرًا دائمًا إلا أن المثقف الشهير رولان بارت وبتأثير من تلك الاحتجاجات: أطلق ما يمثل صيحة مُدَوِّية في مقالة ثم في كتاب بعنوان (موت المؤلف) وكان هذا بمثابة إعلان سيادة الجهل وهيمنة التفاهة والقضاء على القيم الضابطة للفكر؛ المحددة لأحكام القِيَم؛ الضرورية لسلامة الحياة …..
ومقابل طوفان الجهل وهيمنة التفاهة التي أطلقتها الاحتجاجات وكَرَّسها نظريًّا رولان بارت في كتابه ( موت المؤلف) تصدى الأكاديمي البريطاني الناقد رونالد ماكدونالد محاولا في كتابه ( موت الناقد) مواجهة طوفان الجهل بإيقاظ المخدوعين بأن الحياة الإنسانية لا يمكن صلاحها إلا بضوابط القيم المطلقة فالحياة البشرية لا تنتظم إلا باحترام قِيَم الحق الذي سبيله المعارف الموضوعية؛ والخير الذي سبيله الضوابط الأخلاقية؛ و الجمال الذي يرتقي بالذوق ويحقق التهذيب ويؤنسن وحشية الإنسان …..
وينبه البروفيسور ماكدونالد إلى أن شبكة التواصل الاجتماعي قد أتاحت للجاهلين التافهين أن يُغْرِقوا العقلَ البشري بالجهالة والتفاهة وأن يُفسدوا الذوق العام ففي بضع كلمات في تويتر يستطيع جاهل تافه أن يحكم على عمل فكري عظيم ففي الانترنت اختلت الموازين واضطربت القيم وتساوى التافه مع المفكر واعتقد الجاهل أنه عالم …..
لقد توافرت وسائل التواصل توافرًا مذهلا وبذلك وجدت التفاهة نفسها في موقع قيادة الفكر وتوجيه الرأي …..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق عبدالرحمن

عندما قربت مني صورتك

أمعن في زوايا عينيك النظر

تهت…

ضعت…

مثلما النهر إذا ما صب في البحر

عندما قربت مني صورتك

أرسم على خديك القبل

ذبت …

مثلما الثلج إذا ما ألقى على الجمر

وعندما أغمضت عيني أتخيل تلك الليلة

ارتجفت…

مثلما العصفور من بلل القطر

فقطعت صورتك الف قطعة ورميتها

لكنني لم أستطع تقطيع صورتك في فكري

فجأرت إلى ربي ونذرت

إن أنساني هواك

أمضي نصف عمري أصلي

والنصف…

خالد حسو

….. كان يا ما كان في قديم الزمان، أسد عجوز عاش سنوات طويلة سيدًا لغابة مترامية الأطراف، وكان يحكمها بحكمته وقوته. وفي الجوار، كان هناك نمر شاب في مقتبل العمر، طموحه السيطرة على تلك الغابة وفرض نفوذه.

نشب قتالٌ شرس بين الأسد والنمر. كان النمر مليئًا بالطاقة والشراسة، بينما الأسد، رغم خبرته، كان يرزح تحت…

جيلان محمد شريف

إعلامية كوردية، مترجمة، وناشطة في الشأن الإنساني

في عالم يتزايد فيه الاهتمام بالفن والإبداع، تتألق قصص ملهمة لشخصيات تتغلب على التحديات لتصل إلى النجاح. من بين هذه الشخصيات البارزة، تبرز شنو وبوكان، شقيقتان من ذوات الاحتياجات الخاصة، حولتا تحدياتهما إلى مصدر قوة وإلهام. بشغفهما العميق بصناعة الإكسسوارات والأعمال اليدوية، تمكنتا من بناء مسيرة فنية…

بسام مرعي

قبل عشر سنوات من الآن انطلق نادي المدى للقراءة – أربيل بروحِ مفعمةٍ بحب المعرفة وشغف القراءة ليكون منصةً تجمع حولها عشاق الكلمة المكتوبة و الروح المحلقة في سماء القراءة ، ومكانًا يفتح أبوابه لكل من يسعى للحوار والمعرفة .

لان هذا النادي تجاوز اختصار فكرة كاتب يجلس خلف طاولته وناقد يشرح ويفسر والحضور…