في الذكرى (26) لرحيل الشاعر واللغوي ملا أحمد بالو …!!!

ريزان بالو

لا أخفي أنني في كل سنة وقبل مرور ذكرى رحيل والدي الشاعر واللغوي (ملا أحمد بالو ) الذي انتقل إلى جوار ربه في 1991/5/9 أشعر بارتباك شديد ، وتحاصرني الأسئلة من كل صوب وحدب منذ رحيله وحتى أيامنا هذه: كيف ساحافظ على هذا الإرث الكبير الذي تركه والدي وراءه؟ كيف اكمل هذه المهمة بمفردي في ظل أوضاعنا المادية المتردية والضغوطات الأمنية التي كانت سائدة آنذاك ؟ لقد كانت من أمنياته أن يرى أعماله مطبوعة في متناول ايدي القراء من أبناء شعبه ؟
لقد ترك الراحل أكثر من سبعة دواوين شعرية
– وقعت بين ايدينا- بالإضافة إلى كتاب قواعد اللغة الكردية وقاموسان أحدهما كردي / تركي ولا نعرف مصير الكتب التي ضاعت في فترة تنقلاته من قرية إلى أخرى من أجل تأمين لقمة العيش لأطفاله ومن أهمها ترجمة ديوان( بندي عطار ) من الفارسية إلى الكردية للشاعر الفارسي فريد الدين عطار ……….
وتتشابك الأسئلة كلما اقتربت – هذه المناسبة – ذكرى رحيله : أليست من مهام القوى السياسية أن تحتفي بمبدعيها الذين كرسوا حياتهم في خدمة ادب وثقافة القضية وتعرضوا للضرب والاعتقال و……؟ ما دور المؤسسات الإعلامية والثقافية في مجتمعنا ؟ و…و..؟ 
أود أن أشير الى أن كلمة الأستاذ عبد الرزاق جنكو في الأمسية التي أقيمت في بيتنا بمناسبة أربعينية الراحل – بمساعدة أصدقائه المقربين- تركت أثرا لا يمحى في ذاكرتي عندم توقف عند بعض مناقبه ثم قال : ( أن قبر الشاعر بالو في محمقية سيكون يوما ما قبلة لسواح الادب العالمي عموما والادب الكردي خصوصا ) كان حافزا للبدء نحو تحقيق الحلم المنشود….و بهذه المناسبة ألقيتو كلمة باللغة الكوردية باسم العائلة
و لا بد ايضا ان أشكر الدكتور علاء الدين جنكو على الجهود التي بذلها في إصدار كتاب عن سيرة حياة الراحل وترجمه إلى اللغة الكردية الكاتب عزيز غمجفين …
مايثير الحزن أنه لم يصدر للراحل حتى الآن سوى ديوان وحيد من أعماله الشعرية وهو ( دور وكرا كردستان ) بمعونة من الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا- البارتي – أعده الكاتب والصحفي سيامند ابراهيم وبقيت بقية أعماله في الظل …
اللفتة الكريمة من ملتقى نرجس الثقافي الاجتماعي 2011 – و بعد عشرين سنة من رحيله – شجعتني للمضي قدما نحو الامام
عندما منحته جائزة تكريمية لعطاءاته وابداعه الشعري في حفل شعري موسيقي أقيم في مدينة قامشلو ولا انسى كلمة الصديق الشاعر أحمد حيدر فوق قبره عندما قال : ( مؤلم جدا أن نتذكر شاعرا ولغويا كرديا كرس حياته في خدمة أدب وثقافة شعبه بعد عشرين سنة من رحيله …
مؤلم جدا أن نتذكر صاحب الملحمة الشعرية ( اجتماع الخالدين ) التي تتألف من عشرة الاف بيت شعري بعد عشرين سنة من رحيله ….) 
لم أتوانى لحظة واحدة في التواصل مع القوى والمنظمات والشخصيات والفعاليات الثقافية والاجتماعية وطرق جميع الأبواب ولم تمنعني المحاولات البائسة من قبل بعض أصحاب الرؤى الضيقة لوضع العراقيل أمام مساعي من اجل إتمام ما بدأته فعرضت طباعة كتابه ( قواعد اللغة الكردية ) الذي ترجمه الصديق الكاتب كاسي من الحروف العربية الى الحروف الكردية على أكثر من جهة سياسية ومؤسسة إعلامية وشخصيات ثقافية واجتماعية لكن – للأسف- بدون جدوى 
ولم يكن يرى كتابه النور لولا مساعدة الصديق (وليد أبو أراس ) المقيم حاليا في المانيا 
المؤلم أن أغلب القوى السياسية تتسابق في كل سنة للإحتفاء بالشعراء الموالين والمريدين لها والمصفقين لسياساتها – بأسماء لم يسمع بهم أحد وليس لديهم نتاج يذكر أو حضور في المشهد الثقافي – الأحياء منهم والاموات – مع احترامي الشديد لهم – 
في الوقت الذي يتم تجاهل أسماء وقامات شعرية هامة قدمت نتاجات ابداعية لا تقل أهمية عن ابداعات كتاب وشعراءالشعوب الأخرى التي تكرم مبدعيها وترعى مؤلفاتهم وتكفل حقوقهم المادية والمعنوية ..لأن تقدير الكتاب والمبدعين وتكريم جهودهم والاحتفاء بمنجزهم الابداعي والاعتراف بجميل ماقدموه عمل حضاري وإنساني وحافز للعطاء ومكسب للقضية …
مايحز في النفس أن اغلب المؤسسات الثقافية
– التي تدعي انها مستقلة – انتقلت إليها أمراض القوى السياسية فتتعامل مع الفعل الثقافي بمزاجية وعقلية الحزبوي وفقا لمصالحها وتنظر إلى الواقع الثقافي بمنظار سياسي لتحقيق مكاسب ومنافع شخصية 
من هنا نجد فشلها في أداء دورها الريادي – كمؤسسات مدنية ثقافية – وتحقيق أهدافها المعرفية والانسانية كل ما اقترب الذكرى السنوية لرحيل والدي ابادر بأجراء اتصالات كثيرة مع الاحزاب و الاصدقاء و المؤسسات الثقافية والإعلامية والقوى السياسية في الداخل والخارج وفي كردستان العراق للتشاور والتنسيق معهم لإقامة نشاطات بهذه المناسبة الا أن اغلب الردود كانت سلبية وتحت ذرائع واهية وهروب من المسؤولية التاريخية والاخلاقية الملقاة على عاتقهم…
وأعيد ماقلته سابقا : (لقد ظلموا والدي في حياته وظلموه بعد وفاته ) 
أخيرا أريد أن أؤكد أنني 
سأبقى وفيا لهذا الارث وأواصل المهمة قدر المستطاع – كواجب قومي واخلاقي وتاريخي – 
وبمؤازرة الاصدقاء والشرفاء المخلصين من أبناء شعبنا ..!!!؟
خيرا ، أود أن أشكر جميع الأخوة الكتاب والأصدقاء والمواقع الانترنيتية 
الذين استذكروا الوالد 
ولا يمكنني أن انسى الجهود التي بذلها بعض أفراد عائلتي في الداخل وعنايتهم بقبره وترميم أجزاءه ليكون جاهزا في يوم ذكراه ( 26 ) انها موضع اعتزازي وتمدني 
بالأمل والتفاؤل بعد أفضل …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

يأتي الاسم- هكذا- ممتلئاً دافقاً بالبشرى بما يكفي ليشغل فضاءً واسعاً في ذاكرة الإبداع، والتشبث بالوطن وجباله وسهوله. دروبه. قراه. مدنه. وجوه ذويه. مزكين حسكو ليست مجرّد أديبة شاعرة وساردة تكتب قصائدها وأدبها بلغتها الأم، بل جذرٌ عميق في تربة القصيدة الكردية، فرعها الذي لا ينحني مهما تبدّلت الرياح. لم تأتِ من الهامش، بل…

عصمت شاهين الدوسكي

الاحساس المرهف يفجر المشاعر المكنونة والآمال الميتة

كلیزار أنور عندما فتحت عیناھا للحیاة وعرفت بعض أسرارھا، قاومت كل الأشواك التي تحیى حولھا ،أبت أن تكون نرجسه نائیة ، جرداء ، بلا نور ، خرجت من بین الطلاسم المظلمة لتغیر ذلك الهواء بهواء نقي وترفض التقالید الفكریة البالیة ، رسمت لنفسھا طریقا وعرا، شائكا، غائرا…

عبد الجابر حبيب

 

خطوةٌ واحدةٌ منكِ،

تكفي لتهوي الأبوابُ الثقيلةُ

التي حُشرتْ خلفها حكاياتُ الألمِ.

 

بخطوةٍ أخرى منكِ

سينهارُ الهرمُ المشيَّدُ فوقَ صدورِ الجائعين،

وتبتلعُ الأرضُ عذابَ البؤساء.

 

حتى بإيماءةٍ منكِ،

تعودُ إلى أصحابِها

مفاتيحُ المدنِ المفقودةِ،

ويجفُّ الحبرُ على النهاياتِ القديمةِ،

وتنفكُّ الأقفالُ عن السجونِ

دون أن يلمسَها أحدٌ.

 

بهمسةٍ منكِ،

واثقٌ بأن أصواتَ القتلةِ ستختفي،

ويذوبُ صليلُ البنادقِ

في فراغٍ لا حدودَ له،

وتسقطُ تماثيل اعتلَتْ عروشَ يأسِنا.

 

نعم، بمجرّدِ حضورِكِ،

يتمزّقُ…

إبراهيم سمو

شعرية الجرح والتحوّل أو ثلاثية التمرّد والرومانسية والمفارقة:

يشكّل شعر سعيد تحسين صوتا متفرّدا في مشهد الشعر العربي الحديث، يتميّز بقدرته على التوليف بين التوتّر الداخلي والاختراق الجمالي، بين الحُلم والخذلان، وبين اللغة بوصفها خلاصا، والوجود بوصفه سؤالا معلّقا.

يغترف “مهندس الأعمال الشعرية الكاملة” جوهر قصيدته من حواف الذات لا من استقرارها؛ حيث يتقاطع العاطفي…