نداء يونس في جرش وسيت، وشعرها إلى الفرنسية وفي أنطولوجيا لشعراء عالميين

تقرير صحفي: (رام الله- فلسطين)
اختتمت الشاعرة الفلسطينية نداء يونس مشاركتها في مهرجانيْ جرش للثقافة والفنون الذي تنظمه وزارة الثقافة الأردنية بمختارات لقصائد من مجموعاتها الشعرية الست التي صدرت عن عدة دور نشر فلسطينية وعربية، وسيت الدولي للشعر الذي تحتضنه مدينة سيت في الجنوب الفرنسي بمجموعة مختارات صدرت لها بالفرنسية عن دار المنار 2022 تحت عنوان “لا أعرف الشعر”، كما نشرت قصائدها ضمن أنطولوجيا شعرية تصدر عن المهرجان لشعراء عالميين.
وبينما شكل مهرجان جرش فضاء للقاء ضمن كوكبة من شعراء عرب وأردنيين وبتنظيم من وزارة الثقافة الأردنية التي احتفت بالمشاركين، وجعلت فضاء عمان وجرش ومدن أردنية أخرى مسرحا للشعر لخلق التنوع وإغناء المشهد الشعري لجمهور أردني متعدد الاهتمامات، منحاز إلى الجمال دون اشتراطات ويتلقى ويناقش بذائقة عالية وبثقافة بنيت على تنوع معرفي وإنساني وبشري مذهل، أما مهرجان سيت فشكل فضاء ثقافيا مغايرا وشديد الخصوصية بما يمثله من تنوع ثقافي وانفتاح على المشهد الشعري العالمي.
وفيما ألقت الشاعرة يونس قصائدها التي توزعت وفق برنامج المهرجان على ثلاث أمسيات شملت الأمسية الشعرية الافتتاحية إلى جانب عدد من الشعراء العرب، قام المحرر والناشر الفرنسي ألان جوريوس الذي رشح الشاعرة للمشاركة في سيت بإلقاء قصائدها المختارة، ترافقها ترجمة إلى لغة الإشارة الفرنسية قامت بها المترجمة الفرنسية جوزفين بتشر. 
تقول يونس حول هذه التجربة “أسعدتني ردود الأفعال من الجمهوريْن في الأردن وفرنسا؛ الأول كان يناقش صدموية الصور والعلاقات الجديدة بين الأشياء والكلمات التي تشتغل ببعدٍ يعيد إنتاج المدلولات؛ والثاني يتحدث عن قوة النصوص وقدرتها. إضافة الى النقاشات التي دارت، والرسائل التي تلقيتها من الجمهوريْن حول هذه النصوص، وصلني من الشاعر والرسام الفرنسي روبرت بارس الذي لفتته التجاورات والمصاحبات اللغوية والإزاحة والترويض والتحولات وتعيين الكلمات وتراكيب الجمل، والصمت أيضًا كما يقول في تعريفه للشعر واشتغالاته تسجيلات بصوته وبمساعدة زوجته ايزابيل وصديقين آخرين لعدد من القصائد وبإلقاء يتوحد بالكامل مع نصوصٍ قال في معرض تعقيبه عليها: “يساعدنا الشعر على العيش، وعندما يكون مثل شعرك تمامًا، تكون قيمته عالمية”. 
وكانت المجموعة التي قدم لها الشاعر العربي العالمي أدونيس وترجم لها المترجم القدير محمد الحسني رافقتها لوحات للفنانة الفرنسية كوليت دُبلي التي ترسم باستخدام تقنية (( La Vais، تلك التقنية التي لا ترجمة مباشرة لها إلى العربية لكنها أقرب إلى التبقيع أو اللطخات اللونية التي رافقت رسوماتها على مدى عشرين عاما كبار الشعراء الفرنسيين هناك مثل ميشيل بوتور وبرنارد نويل. واستلهمت الفنانة لوحاتها من قراءة نصوص الشاعرة متجاوزة في إنتاجها البصري الثمانين لوحة، وتشمل رسومات لشاعرات عالميات بدء من سافو وأنخيدوانا وصولا إلى الشاعرة نداء يونس التي رسمتها مستوحية شكلها من صور شخصية، حمل غلاف المجموعة إحداها. وكانت هذه المجموعة عرضت بداية في سوق الشعر في باريس الشهر الماضي ثم في (سيت) التي تصدر أنطولوجيا لشعراء عالميين ضمن فعاليات هذا المهرجان. 
تقول يونس: “كنت أظن أن الصراع في الشعر سؤال الشكل بين العمودي والنثر، أو سؤال في المحتوى، وحول ما يمكن للشعر أن يقوله أو أن لا يقوله فقط، لكن أدركتُ أن ذائقة الجمهور، ومنهم الشعراء أيضا هو فضاء بطولة خارج الشعر طبعا، وبعيدا عن أن يكون هدفا بحد ذاته. هنا تجارب تعيد تشكيل الكائن. هنا، أمكنني أن أسأل؛ كيف يمكن أن أستأنس الشعر، أن أحضره من البراري، أن لا أقتل فيه ما يجعله شعرا، أن يظل الشعر ذاته سؤالا وأن يظل مسرحا آخر للفعل. هنا تعلمت أن ما تكتبه امرأة “أسفل النهر”، تكتبه أخرى في “اشتغالات الفائض” وأن الشعر أيضا “كتابة للصمت” لا عنه، وكما نكتب من “أعالي الخوف”، فإننا نكتب أيضا من أعالي الحب. علمتني هذه التجارب أن جلجامش عثر فعلا على عشبته الخالدة؛ الشعر”.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…