نارين عمر
تغيّر لون السّماء
لبست جلباب الحرباء
صبغت حواسها بالألوان
فجأة ظهرت لنا بألوان زاهية
بشّرتنا بربيع مولود
سُررنا بربيعِنا، قلنا:
حان أوان النّزهات والرّحلات
إلى الطّبيعة المولودة
إلى ربيع لا صيف بعده
لا شتاء ولا خريف
خرجنا فرادى ..جماعات
انكسر أمامنا جذع نراه متيناً
أحسسنا بثقل في هامتنا
انحنى جذع ثابت في الأرض
شعرْنا بازدياد في طول قامتنا
بتلكَ الهامة.. بتلك القامة
صرنا نتخبّط في حانات الخيبة
من دون هذيان
يمّمنا صوب جهات ووجهات
في لذّة بطرنا وانزياحِنا
فوجئنا بلون الأرض
مجهول الألوان
الأرض تسلّمت جلباب السّماء
ظهرت ألوان اختفت ألوان
دهان مغبَر ضبابيّ المعنى
سديميّ المغنى
صبغ أبصارنا
ربيعنا بات في مهب التّرّهات
فاجأَنا ربيع جديد لا يشبه الفصول
طبيعته ليست كطبيعة سلفه
جذوع متفرّعة في العمق
طوّقتنا روّضتنا نسفتنا
الماء ما عاد كوثريّ المذاق
الهواء لم يعد تسنيميّ العبق
الرّوض ليست كجنان عدن
النّار لن تكون برداً ولا سلاماً
من بين الجذوع المتفرّعة
لمحنا أغصاناً ضاحكة مسترسلة
تتمايل حيثما تشاء
الجذوع لم تنكسر لم تنحن
كانت قد تسلّلت إلى عالم اللامرْئيّ
من هناك تترصّد عالمنا المرئيّ المنكشف المكشوف
تطعمها جذوع هي الأقوى هي الكبرى
تقول لها:
أو لم تروا أنّا خلقناكم من قبل
وها نحن
نحييكم من جديد
بالرّوح ذاتها بالعقل عينه
إنّما بزيّ جديد
عندها علمنا أنّ السّماء أوهمتنا وصدمتنا الأرض
بين هذه وتلك
سحقتنا نفسنا
التي كانت وقوداً وحجارة
لألوان ربيعنا القاتمة
وعلينا السّلام.