وليد حاج عبدالقادر / دبي
كما عودتني أن أبحث عنك وقت شدتي وألمي، عيناي كانتا تجولان كل المحيط والحمى تغرقني لحظتها كما فيض نهر دجلة، وفي الأفراح كنت أركض واركض واركض لأنقل لك بعضا من افراحي ..
ابي :
ما أحسست لحظة رغم كل الظروف ورغم تجاوزي عقدي السادس قرب منتصفه بأنني وكطفل قد تيتم منذ أمس، ورغم الألم ابتاه وكذاك الطفل عينه حينما صرت أبكيك وانت تتألم بشدة من الم الحصى التي كانت تحاصر كليتك، وأنا الموجوع كنت أشتكي عجزنا عن المساعدة ..
أبي :
لازلت أتذكر فصيح كلماتك وبنبرتك التي أعشق نطقها .. القبو بالكامل لكم واحتفلوا فيها كما يحلو لكم، لن اسمح لكم بالخروج هذه الليلة ..
أبي :
وأنا الموجوع من اعماقي، أجل، من أعماقي تصرفت وكطفل وانا الجد، نعم أبي : عدت الى ارقام هواتفك أتأمل ! عجبا ! من سيرد علي ؟ هل سأسمع همسك، صوتك الهادئ ؟ أم تلك النبرة التي أدرك من تراتيل حروفها احمرار وجهك، وتلك العقصة كماركة مسجلة وملكية لك ! .. ترددت ابتاه ! جربت الرقم المسجل باسمك في قامشلو .. رنين وكأنه قادم من عميق محيط بلا قرار .. رقم موبايلك السوري .. لا صوت ! .. الرقم التركي ؟! .. والألماني الذي توهني بصداه و .. رقم بابا الشام ! أجل ابي كل هذا حدث في هذا الصباح والوجع ديدنه قد تقمص في كياني .. أجل ابتي ! تقمصت شخصيتك وحفيدك كوران ومن حوله أخته الكبرى شيندا وزوجها عماد وآرام وفين وزوجة حفيدك وابنهما جيار .. أجل ابتي وكانت هي بذاتها امهم السنديانة الوارفة عطفا وحنينية .. وعندما تتراكم على اي كان اوجاعه، قد تكون هي بسمة طفل او طفلة بلسم شاف، سيما إن كانت عبارات مصدرها طفلتي الصغيرة التي ستبقى بنار ام الثلاثي هشيار وجين وسامان، وليبقى ألق أخيهم هفراز رفيق الدرب ذلك السند الذي كان .. أجل ابتي : كم هو جميل وسيبقى الأجمل : حينما أراهم لأولادي وأولادهم من خلال عينيك ..
لذكراك أبي وها نحن في ذكرى رحيلك الابدي .. كم احن اليك .. كم أحن
…
سأظل أتذكر تلك اللحظات أبي، وكأنها كانت في الأمس : حينما قدم الصديق أديب فقه حسن من الحسكة ومعه واحد من الأخوة المسيحية لا يحضرني اسمه، وكنا جميعا طلابا في الصف التاسع ننتظر النتائج .. الصديق أديب كان يعرف جميع الناجحين ومن بينهم هو والصديق الراحل محي الدين سيد نذير بينما الصديق الآخر كان قد جلب قائمة اعدادية الطليعة ومن بين الناجحات كانت بهيجة خطيبته ان كانت ذاكرتي لاتزال تعمل وهو مساعد بيطري أيضا، المهم هو كان قد جلب صفحة واحدة ليوسف العظمة وكانت هناك تتمة مؤلفة من ستة أسماء وطبيعي انهم كلهم كانوا من حرف ميم ! الأسماء تبتدأ بحرف م .. ما أثار استغرابي حينها ان لا اسم أديب الذي يبدأ أيضا من محمد أديب و محي الدين أيضا غير موجودتان في قائمة النتائج فيما أصر أديب بأن محي ومحمد نوري وهو وشخص آخر لا يذكر اسمه وفسر ذلك حينها فيما بعد أنه تصرف ذلك لئلا يحرج ابن الخال عصام فرمان .. المهم : كأن وقع ذلك علي كبير لأنني كنت واثقا بأنه يفترض أن يكون اسمي بين الناجحين .، علم الوالد بذلك وأخذ يبحث عني إلى ان وجدتي ناداني وخرجنا سوية .. توجهنا إلى محيط القشلة والشمس كانت كاوية وهو يستجلب أطراف الحديث وببساطة قال : هل أديت واجبك وقرأت جيدا قلت : أتوقع .. قال إذن أستعد القادم بني .. لأنه يفترض أن يكون الفشل دافعا للنجاح .. أجبته ببراءة ؟ ولكن يا ابي ! أديب ومحي وو أسماؤهم غير موجودة في صفحة النتائج وأديب مصر أنه ناجح .. وكمن صفن ومن ثم قال : إذن هيا لتتكلم مع بيت خالتك هناك بالحسكة .. وبالفعل كان الخبر المفرح لك قبلي أبتاه .. حينما اتصل الراحل ملأ ابراهيم حسني والد زوجتي نهار اليوم التالي ويسرنا بنجاحي .. غبطتي الكبرى كانت أبتي : حينما قبلتني بوسط سوق ديريك وقلت لي : صدق احساسي .، كنت اعرف انك لن ترسب وناولتني 10 ليرات وكان .. مبلغا كبيرا جدا حينها لمن في مثل سني .. والدي : .. مهما كبرت فينا الأيام سنبقى كما كنا حينها بظلك نتقي .. رحمك الله وعفى عنك
…