حوار مع الفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير الكردي السوري جواد مراد

أجرى الحوار: نصر محمد
*جواد مراد، فنان تشكيلي كردي سوري من اقصى شمال شرق سوريا، عاش في كنف عائلته المشربة بقيم الوطنية والقومية، تفتحت عيناه على النور في بيئة واسعة حيث الضوء و الحقول والبيادر، والجبال الزرقاء في المدى القريب، حمل تجربته من بلدته ديريك إلى دمشق العاصمة، وهناك ارتقى سلالم الفن، وتنوعت اساليبه التعبيرية بين اللوحة التشكيلية وفن الكاريكاتير، وتنفيذ اعمال الانيميشين وكتابة السيناريو، وليوثق موهبته ويعمق اساليبه، بدراسة الفن اكاديمياً،..
سنوات الازمة السورية والحرب وكل الكوارث التي عاشها السوري، حملها معه نحو اقليم كردستان، وخاض غمار الفن وخاصة فن رسم الكاريكاتير، وساهم برسوماته في فضح علاقات الزيف والغدر، كما استطاع ان يمنح الجمال للطفولة، وان يساهم في مشاريع تمكين المرأة، ودعم مسيرتها، لينتقل إلى اوربا، ويكمل مشروعه الفني ويطور اساليبه، وليصبح جواد مراد احد اهم فناني الكاريكاتير، فتعرض اعماله على شاشات قنوات تلفزيونية، وتتصدر رسوماته صدر اهم الصحف في العالم ويمكننا ايجاز سيرته الفنية عبر السطور التالية :
* رسام كاريكاتير، ومخرج رسوم متحركة 
* مواليد ديريك (المالكية) ١٩٨٣
* خريج كلية الآداب ٢٠٠٧ /جامعة دمشق. 
* خريج معهد أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية عام ٢٠١١
* عمل في عدة قنوات تلفزيونية كرسام ومخرج للأنيمشن ورسام ستوري.
* عمل في عدة مواقع الكترونية ومنصات اخبارية متنوعة وصحف محلية وعالمية رساماً للكاريكاتير.
* عمل في العديد من المنظمات. ونفذ عدة مشاريع متميزة للتوعية لصالح اليونسيف _اليونسكو _ NRC _THD _ACTED.
* افتتح معارض فردية في كل من سوريا ولبنان، واقليم كردستان. 
* ساهم وشارك بمعارض جماعية في كل من سوريا _مصر _ لبنان _اليابان _ تركيا _ المانيا _ بريطانيا.
* يتقن اللغات الكردية، العربية، الفرنسية، الانكليزية. 
* يقيم بأوربا حالياً 
* بداية، كيف يمكنك ان تحدثنا عن علاقتك بالرسم، والفن عموماً..
عن البيئة الأسرية، والاجتماعية والثقافية، المؤثرات، والتحديات والمصاعب..
عوالم طفولتك والشغف بالفن..رحلة طويلة وشاقة.. كيف تخبرنا عن بعض تفاصيلها ؟
–  انا من ديريك، كبرت في دمشق في حي عمالي اسمه “زورآفا”، من عائلة مهتمة بالثقافة والأداب منخرطة في السياسة الأبناء كوادر في الحزب الشيوعي السوري، والأب عضو بحزب التقدمي الكردي.. والأعمام والأخوال توزعوا في تاييد البارتي الديمقراطي أو حزب العمال الكردستاني.. كان ظهر عليِّ منذ السنوات الأولى في المدرسة محبتي للرسم، في سن المراهقة الأولى بدأت تتشكل لدي أسئلة حول الطبقية والقومية والوطن والمجتمع مع تعرفي على وجود شيء في الفن اسمه الكاريكاتير ورويدا رويدا بت اعالج هذه الافكار بالرسم مع الأهتمام الذي تلقيته من المدرسة والاصدقاء والأهل كبرت وكبر الكاريكاتير معي وهكذا صرت واياه رفيقين، لدرجة لا يكاد يذكرني احد حتى يذكر الكاريكاتير..
* الأنتقال من الرسم الواقعي والتشكيلي إلى رسوم الكاريكاتير.. عملية لها تحدياتها وعمقها المعرفي وتوجهاتها الأنتقادية.. كيف تم ذلك الأنتقال؟
–  لا يمكنني القول اني انتقلت من التشكيل إلى الكاريكاتير، فقبل ان اكون فناناً بدات برسم الكاريكاتير منذ أن كان عمري ١٤ او ١٥ عاماً، ربما الأصح القول اني زرت عوالم الفن التشكيلي من باب فن الكاريكاتير.  
* الرسوم الكاريكاتورية لها علاقة مباشرة بالمتابعة اليومية للأحداث السياسية.. 
والكاريكاتير بالنهاية موقف سياسي..يمتلك الكثير من الجرأة.. 
كيف يمكننا معرفة الحد الفاصل او المتماهي بين السياسة والفن؟.
– السياسة احدى مواضيع الكاريكاتير التي نتناولها بطريقة فنية لابد من امتلاك العناصر الفنية فيها بمستوى المبالغة والصدمة والدهشة والتقاط الخيوط الخفية في علاقة العناصر الموجودة سواء من حيث الرمز أو التكوين الفني، وطرحها كلها بطريقة جمالية متوازنة، لذا الكاريكاتير على خلاف بقية مجالات الفن التشكيلي يمكن تقييمه من حيث الموضوع، ومن حيث الشكل بشكل واضح وجلي..لذا عندما ترى كاريكاتيراً، اما ان تصرخ في داخلك أواه ما اجمل هذه اللوحة..ياله من رسام !.. أو انك تغادرها، ودونما اية اهتمام.
* الانيمشين فن حديث يعتمد سلسلة طويلة من الجهد الجماعي.. اين يكمن دور الفنان في العملية،وكيف تعتمدون رسم الشخصيات وتجسيدها فنياً.. ؟
– الانيميشن يحمل كل عناصر الدراما مع لمسة اكثر مبالغة لذا فـ دور الفنان يكمن في كل تفصيل فيها بدءاً من الفكرة إلى خلق الشخصيات ثم جعلها تتحرك عبر آلاف الصور اضف إليها الأداء والتمثيل، والصوت والمؤثرات والموسيقا، وكلها عمليات فنية ابداعية، فبينما نحاول التكثيف في الكاريكاتير، اما في الانيمشن نحاول تمديد الوقت واستطالته والدخول في اجزاء الثانية احياناً، تمتد الثانية عند صانع الانيميشن إلى ساعات، ثم نعيد الزمن، ونعيد ترتيبه، وتركيبه الى زمننا الواقعي.. 
* عملتم في منظمات انسانية عديدة، ماهو برأيك دور الفنان في مجابهة اثار النزوح والهجرة والحروب؟ وهل ينجح في إيصال رؤيته الخاصة، أم هو مجرد دور شكلي يتم ممارسته بروتوكولياً، ورفعاً للعتب ان صح التعبير؟..
– كان ومايزال الفن من اسرع الطرق للتواصل سواء للأحتجاج او لإيصال معلومة، لذا تعتمد المنظمات على الرسم كثيراً لإيصال رسائلها، ورفع درجة التوعية، للرسم سحر خاص عند كل الناس ربما يألف الناس الرسم والصور المرسومة كونه شيء مرتبط بالطفولة..
* كان لكم معارض فنية فردية في عدة دول، بدءاً من سوريا بلدك الأم.. وانتهاءً ببلجكيا ،مروراً بمصر وتركيا واليابان والمانيا.. 
كيف كان تفاعل الجمهور المحلي، والجالية الكردية، والمتلقي الغربي حيال تجربتك الفنية؟
– المعارض فرصة للفنان للتواصل المباشر مع المتلقي وفيه من الرهبة والمتعة الكثير..خاصة انه في المعارض يستطيع الفنان ان يتخلص من متطلبات الأعلام والصحافة وان يختار مواضيع تتسم بالديمومة واعتماد المزيد من الرمزية والاهتمام بالجوانب الجمالية اكثر، فاللوحة على الجدار لها اعتبارات تختلف عن مثيلاتها في الصحف والاعلام.
برأيي ان الناس يحبون فن الكاريكاتير ويتفاعلون معه ويتاثرون به بشكل واضح، وهذا ما أراه، واشاهده دوما في المعارض، ومهما اختلفت اعمار الزوار، واجناسهم، أو لغاتهم، تجد تلك التعابير التفاعلية على وجوههم، وكلما قل استخدام اللغة والكتابة في اللوحة كلما صارت متعددة اللغات ومفتوحة للجميع، تعبر بطريقة اكثر وضوحاً ..انه شعور رائع عندما ترى تفاعل الناس.
* الفن التشكيلي سلسلة متعددة تعتمد الخط واللون ورقعة من البياض.. و افكار متجددة.. 
هل يمكنكم الحديث حول نشاطكم الفني واتجاهاته، و حلقات سلسلته..؟
– اهم مافي الكاريكاتير هي تلك اللحظة التي تلمع الفكرة في خيال الرسام انها تلمع كانعكاس ضوء في مرآة..ثم يأتي دور معالجة الفكرة بالخط واللون، والأسلوب. الذي يختلف من فنان لآخر، ومايميزهم عن بعضهم، قد نبدأ برسم سكتش سريع نوزع فيه عناصر العمل والتكوينات بخطوط سريعة ثم تأتي مرحلة التحبير أي الرسم بخطوط اوضح، ثم التلوين، أو التظليل بطرق مختلفة، لذا قد يكون الكاريكاتير رسمة بخطوط 
سوداء وبيضاء مسطحة بلا تظليل أو آلوان..أو قد تكون لوحة زيتية تتطلب مجهوداً لا يقل عن مجهود اي لوحة تشكيلية اخرى ناهيك عن الرسم الإلكتروني، وهو الأكثر رواجاً، لكن الرسم الكاريكاتيري يتميز لكونه عمل فني يحتاج الفنان إلى كل وعيه، فهو يعرف ماذا ينبغي عليه ان يرسم قبل ان ينفذ ذلك على المساحة البيضاء ..وليس كبقية مجالات التشكيل التي قد ينخرط فيها الفنان لساعات، دون ان يقرر ماهية ما سيرسمه، ..معتمدا على تدفق حسي وعاطفي، وربما كان غياب الوعي شيء مرغوب هنا لكنه ليس كذلك في تناول رسم الكاريكاتير.
 * لكم تجارب في كتابة السيناريو، كيف تعمل على دمج الفن بلغة الادب والسينما أو التلفزيون؟ وهل يمكن ان نتعرف على تفاصيل عمل ما من اعمالك التي وصلت إلى شاشات العروض السينمائية او التلفزيونية؟
– لقد بدات بمشروع تحويل عدد من رسوماتي الكاريكاتيرية إلى افلام قصيرة منذ عدة سنوات، وكانت مشكلتي في التمويل وكانت ذلك خطأ فادحاً انني قبلت بشروط حينها، وتأكيداً لن اقبل بها الآن، ونفذت عدة اعمال، لكن حينما كنت ضيفاً في احدى محاضرات الكاتب سعيد محمود عن السيناريو عرفت ان ما اقوم به هو كتابة فكرة وليس سيناريو، لذا تراجعت خطوة وصرت اشارك اصدقائي ممن يمكن فعلاً ان اسميهم كتاب سيناريو في هذه الافكار واتعلم منهم، وكيف يمكنني ان اطور الفكرة لتتحول إلى سيناريو امثال الأساتذة دلبرين موسى ومعتز عبد الرحمن.. وغيرهم، 
ومؤخرا اخرجت فيلم انيميشن قصير عن 
شلل الاطفال، وسابقاً كنت قد انجزت فيلم بعنوان “”ارواح مظلمة” يتحدث حول اسباب تشكل وظهور الجماعات الأسلامية المتطرفة، وشاركت فيه بمهرجان اربيل الأول للانيميشن، والآن اعمل على اخراج فيلم اخر .. علماً انني اعمل في صناعة الرسوم المتحركة منذ عام2008 وتنقلت بين مختلف اقسام هذا المجال، لكننا ما زلنا متأخرين كثيراً كأكراد في هذا الفن عن محيطنا كأيران والدول العربية..واغلب مانشاهده في المهرجانات ووسائل التواصل الأجتماعي هي نتاجات متواضعة وللأسف هناك من يستسهل العمل في هذا المجال فانحدر مستوى الأعمال بسبب ضعف الامكانيات المالية، وانتشار المحسوبيات والشللية، والأعتماد على كوادر ذو خبرة قليلة، لكن دوماً يبقى الأمل ان نرى يوماً ما قطاعاً قوياً يمكننا وصفه، والقول انه صناعة انيميشن كردي..
* حضرتكم كفنان، ماذا اضفتم لحركة الفن التشكيلي كردياً، ماهو العامل المميز، أو السمة التي تختلفون بها عن فنانين آخرين؟.
– لا.. هذا سؤال اكبر مني.ما زلت اتعلم..وما زلت اخاف كلما واجهت مساحة العمل البيضاء، ربما اقصى مايمكنني قوله ان عملي في رسم الكاريكاتير خلق الاهتمام، وفي محيطي من الأهل والأصدقاء، وربما كان من الممكن اهمالهم لهذا الفن لولا اني موجود بينهم..اما بشأن الجانب الآخر من السؤال حول مايميزني عن باقي الفنانين اظن ان هذا منوط بالنقاد والصحفيين، ولهم ان يقيّموا تجارب الفنانين، واعمالهم.. 
مهمتي ان ارسم وان اطور عملي في كل يوم سواء من حيث الفكرة أو من حيث التقنية، لا شك أني اقوم بتقييم ذاتي كي اقدم شيئاً يلقى مني القبول على الأقل أو منحي الحد المعقول من الرضى، اما ان آخذ دور الناقد الفني لنفسي فأظن ان ذلك ليست مهمتي.
* تعاملتم مع الكثير من الصحف والمجلات حول العالم، ماهي مساحة الحرية التي تستطيع العمل ضمنها، وخاصة ان الكاريكاتير فن اقتحامي أساسه رصد الحالات السلبية وانتقادها، هل عانى جواد مراد من ضيق مساحة الحرية للتعبير عن أفكاره؟ وخاصة ان لكل مجلة او جريدة خطها السياسي الخاص..
– لا شك ان الصحافة في العالم العربي تعاني من ضيق مساحة حرية التعبير عن الراي وقلة المهنية وقلة النزاهة الاعلامية وهذه ينسحب على الأكراد أيضا، وبدرجة اكبر حيث تتحكم العقلية الحزبية الضيقة بالوسائل الاعلامية مهما كانت مواردها ضخمة. 
ففي سوريا قبل الثورة كانت الخطوط الحمر كثيرة، لكن كان ثمة هامش، لكنه محسوب بالحرف والنقطة، وحينما ظهرت المنصات الأعلامية المعارضة، منحت نماذج اسوء مما كان كان النظام يقدمه، واكثر ضيقاً وتضييقاً على العاملين في هذا القطاع، والكاريكاتير لا يمكن ان يعيش او يتقدم الا في المساحات الأوسع من حرية التعبير هو فن للنقد، نقد الدولة والدين والمجتمع والسياسة والأفكار السائدة التي تعيق تقدم الناس،واهمية ان يعيشوا بكرامتهم، وحماية حقوقهم، لذا تجد كل المؤسسات تتغنى بالكاريكاتير بينما نادراً مانجدهم يفسحون المجال لعمل رسام كاريكاتير في هذه المؤسسات، وانا مثل باقي زملائي ممن يرفضون التخندق في الجبهات المتصارعة أو ان نكون مأجورين لصالح هذه الجهة او تلك على حساب المبادئ لا نشك اننا نعاني من صعوبة النشر رغم اعتمادنا على الكاريكاتير في معيشتنا،وهذا ما يجعلنا نستمر، رغم التهديدات المستمرة في قطع الأرزاق أو الأعتقال واحيانا تصل لدرجة التهديد بالتصفية الجسدية.. 
لم يكتف المتعصبون بمنع الرسامين في مجتمعاتنا بل تم تصديرهم لقتل الرسامين وارهابهم كما حدث في فرنسا وسواها من الدول التي تتمتع بمساحات وحماية للتعبير عن الراي. لكنها حربنا الفكرية، ولا بد من التضحيات حتى نصل لمرحلة تكون حرية الراي مصانة، 
فترات طويلة مضت، ومرت دون ان اجد زاوية في صحيفة ما لنشر ولو رسمة واحدة،لكن اليوم مع وجود الانترنيت ، ووسائل التواصل الاجتماعي، تحطم هذا الاحتكار، ولم يعد الكاريكاتير اسير مقصات الرقابة واعين المخبرين، 
ارسم ما أؤمن به واشاركه مع الاصدقاء، ربما هذا سيفرض على كل الاعلام تغيير ادواتها وتوسيع مساحة الحرية،فنحن نحتاج فعلاً لصحافة مستقلة تعتمد على القارئ والمتابع وليس على جيوب الممولين المتصارعين وخطوطهم الحمر .
* ماذا اضافت الغربة، او فرصة وجودكم بأوربا إلى تجربتك الفنية؟، وكيف تقييم حركة، ونشاط الفنانين التشكيليين الكرد او السوريين عموما بأوربا؟
– نحن لاجئون ولسنا مغتربين، الشعور مختلف كثيراً بين الحالتين، فالأغتراب رفاهية، واللجوء قسر، وان كان يحمل ذات الرداء، لكنه يؤثر على نظرة الفنان واحساسه بذاته وبالمحيط. وهي تجربة تضيف الى خيال الرسام مزيدا من الادوات والتعرف عن قرب الى رسامين كبار من مختلف الشعوب نتعلم منهم ويضيفون على تجاربنا المتواضعة من تجاربهم الاكثر نضجا. 
هنا يوجد الاف الرسامين استطيع ان اقول ان بين الرسامين الاكراد والسوريين من هم اكثر ابداعا وفنا من اغلبهم..لكن اختلاف الاحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية وارتفاع الذائقة الفنية في المجتمع تحط من شأن هذا وتعلي من شأن ذاك.
* اعمالك الفنية، ليست من الضرورة ان تنشر في الصحف.. 
اين تحتفظ بها ،وما مصيرها وخاصة نحن نتحدث عن فن الكاريكاتير الذي يختلف عن اللوحة التشكيلية بعلاقته المباشرة مع حدث ما، ربما هو فن يشبه إلى حد ما المقال السياسي اليومي.. محكوم بعمر معين وتأثير زمني مؤقت..؟
– من اجمل المشاعر عندي عندما انشر رسمة لي في احدى الصحف. لكن في عدم النشر مزية جميلة انك تتخلص من الآنية وتصبح الرسمات اكثر ديمومة وبامكانها ان تعيش طويلا كالكاريكاتير المتعلق بمواضيع الصراع الطبقي والاستغلال ومشاكل الانسان الحياتية والبيئة وصراع النساء لنيل حقوقهن وحقوق الطفل محاربة العنصرية والقمع السياسي الموجود في كل زمان ومكان . لكن الكاريكاتير المرتبط باحداث مؤقتة ترسم خطا لنتاج الرسام وشخصيته ووضوح رؤيته وصوابية حسه الفني والانساني بالتالي تعرف 
مدى نزاهته وصدقه مع ذاته وفنه والمتلقي.او تعرف انه رسام مأجور يتخذ من الكاريكاتير مصدر رزق “يسوق حسب السوق” ومنابع التمويل. 
 على الرسام ان يكون له موقف من كل شيء ليس بالضرورة ان يرسم عن كل شيء يراه او ان يكون ممن يمكن ان نسميهم ركوب( الترند) .
في كل الاحوال يستطيع الفنان ان يخلق ويبدع لمواضيع آنية او مواضيع تحيا مادام هناك بشر يصارعون التوحش سعيا نحو حياة اكثر انسانية ورحمة.
* هل هناك اقبال من الجمهور الأوربي بأقتناء أعمال أو شراء لوحات فنانيين مقيمين بأوربا؟
– نعم الفنانون المتميزون والمبدعون يجدون لهم مساحة هنا وان تطلب الامر مجهودا اكبر واكثر مشقة . لا ننسى ان الاهتمام بالثقافة والفن دوما كان ضحية لتقلبات السياسة والسلطة.
* هل ترى نقد الواقع، ورصد الحالات السلبية هدفاً لرسوماتك أم هناك حالات مغايرة تتناولونها كرسالة لفن الكاريكاتير بشكل آخر؟
– السمة الاساسية للكاريكاتير هو النقد نقد الذات الفردية او الجمعية ونقد الآخر المستبد المتسلط . اما الكاريكاتير الذي يؤيد موقفا ما هو اقرب للبوستر او الصورة الدعائية.وفي حالة مثل حالتي كرسام كردي يساري اتناول مواضيعي من الجهتين .فعند الهجوم الارهابي التي قادته تركيا وعصاباتها لاحتلال عفرين .طغت على رسوماتي افكار دعائية لدعم مقاومة هذا 
الاحتلال.
في الهجمة الارهابية التالية لاحتلال راس العين وتل ابيض تقصدت ان ارسم الكاريكاتير لفضح الدعاية والة الحرب الاعلامية الضخمة التي رافقت الاحتلال بكشف زيف تلك العملية العسكرية وتناقضاتها التي سميت زورا بنبع السلام لكنها كانت نبعا للارهاب والارهابيين وب تغاضي دولي مفجع ومخزي ويبعث على الخذلان.
 وفي الجهة الاخرى لابد من نقد واضح وشفاف لمجتمعنا والحركة السياسية من غير تقديس وبناء اصنام جدد غير قابلة للنقد ومواجهة الانتهاكات والفساد والافكار السلبية.
* درستم في معهد للفنون التشكيلية، هل لممارسة فن الكاريكاتير منهاج دراسي تعليمي، ام هو مجرد ابداع والهام خاص، وهل لديكم الرغبة في استكمال دراستكم للفن عبر اكاديميات الفن الاوربية؟
– ليس هناك فرع خاص لتدريس الكاريكاتير اقرب شيء له هي فروع تدريس الانيميشن والاعلان. الكاريكاتير يجمع الفن والصحافة والالمام بالسياسة والمجتمع لكن دراسة الاعلان والانيميشن والفن التشكيلي تغني تجربة الرسام وتطور تقنياته .
ودراسة الفن التشكيلي بحد ذاتها مهمة بالنسبة لاي رسام في النهاية الجانب الفني في الكاريكاتير يتطلب دراية عميقة بمقاييس الفن والجمال ولا يمكن الاقتصار على الموهبة وحدها.
* الاحداث الجارية في الوطن، وتحديداً في شمال شرقي البلاد، 
كيف عبرتم عن رأيكم فنياً في كل ما حدث، او ما يحدث الآن؟
– قلت سابقا اني بشكل طوعي ومن منطلق الشعور بالواجب والحق ومنذ بداية وعيي لذاتي اني رسام كاريكاتير رسمت على مستويين الاول فضح وحشية المستعمرين لكردستان وحججهم الشعبوية ومتاجرتهم بشعارات دينية من جهة وشعارات وطنية من جهة اخرى.
 وفي المستوى الاخر كان عليي كشف نقاط الضعف والفساد والترهل والتخلف في مجتمعنا وفي الاحزاب واصحاب النفوذ والقرار .
وفي الحلقة الاوسع الرسم الدائم عن الاحداث التي اصابت سوريا بكل جوانبها قبل وبعد الثورة والسقوط المدوي لمن يمثلون المعارضة في حضن الاسلام السياسي والارهاب والمتاجرين بالقضية السورية وشعبها. 
وفي حلقة اكثر اتساعا على مستوى العالمي رسمت عن حقوق النساء والاطفال وعن البيئة وتصاعد الشعبوية وانتشار التنظيمات الارهابية وصعوبات اللجوء وغير ذلك من مواضيع..
* بالتأكيد عملك كفنان كاريكاتير يشكل مسؤولية كبيرة، وخاصة انتم كفنان كردي له ارتباطه العضوي بقضاياه القومية، هل ينتابك شعور بالتقصير اذا لم تتناول قضية ما في رسوماتك ؟
– في كثير من الاحيان اتجنب الرسم عن مواضيع مكشوفة وواضحة احب ان رسمت كاريكاتيرا ان يكون فيه جانب لم يراه الاخرون او ان اكتفي بالصمت..
احيانا يكون الموضوع مؤلما لي لدرجة لا استطيع الرسم عنها كصورة الطفل ايلان الذي اصبح رمزا لمحنة اللجوء وموضوعا تناوله عشرات الرسامين..لم استطع الرسم عنه كان الالم اكبر مني ومن قدرتي على رسمه..
ودوما هناك شعور بالتقصير فهذه الموهبة مسؤوليةكبيرة يجب عليي ان اعرف البوصلة الصحيحة عليي ان ارسم دون السقوط في الابتذال والتفاهة والشعبوية والعنصرية او خطاب الكراهية وهذه اسئلة دائمة الحضور في ذهني قبل وبعد كل رسمة..
* الى مدى ساهمت الثورة التكنولوجية في فن الكاريكاتير؟ وهل ثمة تقنية رقمية تساعدكم في انجاز العمل الفني، وهل ثمة فرق بين رسومات الكاريكاتير في الصحافة قديماً، وصحافة اليوم؟
– بالتاكيد فكما اثرت الثورة الرقمية في كل مناحي الحياة اثرت في الكاريكاتير ايضا من حيث الشكل والمضمون وسرعة الانجاز والنشر. وما عاد الرسام يحتاج الى الادوات التقليدية هناك برامج على الهواتف والاجهزة اللوحية والكمبيوترات تمنحنا المزيد من الاختيارات والالوان والاقلام والريش .وامكانية التجريب والتراجع دون الخوف من اتلاف الرسمة وخسارة الجهد والوقت.
لكن يبقى للرسم المباشر على الورق باقلام الرصاص والتحبير والتلوين بالريشة وقع خاص لدى الرسام والمتلقي هي حالة رومنسية صعب ان يصلها اي كمبيوتر او تقنية.
* هناك عدد كبير من الفنانات والفنانيين التشكيليين الكرد بأوربا، يعيشون حالة الانعزال عن محيطه الوطني، هل حاولتم تأسيس مظلة تنظيمية، او مجمع فني ، او صالون فني تنظمون فيه عملكم، هل ثمة لقاءات دورية تجتمعون بها.. وما هي اسباب كل هذا التشتت حيث لا نقابة او اتحاد يجمعكم ضمن الية تنظيمية ما؟
– نعم هناك سعي دؤوب لايجاد تجمع للفنانين والادباء لكن التشرذم الحزبي انعكس على الجو الثقافي ايضا فبعد ان كنا نبحث عن اتحاد صار هناك اتحادات وبدل المهرجان صار هناك مهرجانات فصرنا في دائرة مفرغة ندور فيها ولا نصل الى ماهو مطلوب.
 براي البحث عن اطر تنظيمة للفن والثقافة بدون وجود اعتراف رسمي دولي وتمويل بعيد عن الاحزاب والسياسة هو بحث عقيم او باحسن الاحوال يبقى محدودا. 
الامل الان هو في تطوير الفنانين لذواتهم وتجاربهم ومن حق الفنانين ان يختاروا مواضيعهم وتوجهاتهم دون ان يحكم عليهم احد انهم ملتزمون باصولهم القومية او الوطنية او لا . هذا يحدده كل فنان وليس احد سواه.
* ربما كان الشعر والرواية وباللغة الكردية يعاني صعوبة الوصول إلى المتلقي الاوربي، لكن الفن وعبر الرسم تحديداً، لربما لا يحتاح ترجمة، كيف يقرأ الناقد الاوربي اعمالك الفنية؟ وهل ثمة اهتمام بخاصية الفن التشكيلي الكردي؟
– ما ازل حديث القدوم الى اوربا احتاج لوقت اطول لاستطيع الجواب على سؤال كهذا.
* كلمة اخيرة، 
لك حرية الكلام في السؤال والجواب معاً.. ، لربما غفلنا عن امر ما، ترغب انت بالحديث عنه.. 
نترك لك مساحة الحديث.. 
تفضلوا..
– اشكركم على افساح هذا المجال للحديث وابداء رايي .
اتمنى دوما ممن يقابلون الفنانين من اعلاميين وصحفيين ان يجهدوا انفسهم في الاطلاع على الفن.
وعلى تجربة الفنان قبل مقابلته ربما هذا يساعدنا على الارتقاء بالفن ويجبر الفنان على عدم الاستهانة بذائقة الناس وذكائهم كما يساعد على نشر المزيد من الوعي الفني .
اشكركم كثيرا.
واتمنى لكم التوفيق في كتابكم هذا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…