المرأة الشجرةُ في عيد ميلاد صوفي؛ امرأة من عطر وثورة

فراس حج محمد| فلسطين

(1)
المرأة الخضراء كونٌ من معانٍ خَضِرَةْ
غضّة مثل الربيعِ معطّرة
مبرعمة الشفاه بضحكة محرّرة
ظلّ ظليل كالليالي المُقمرةْ
ذات معنىً وارفٍ
ذات روح خفرةْ
المرأة الخضراء عرّافة ممتدّة مقتدرةْ
مثل الأرض حنّاء التّراب
حانية مهديّة مثل روح الشّجرة
“أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا”
شموسها منتشرةْ
المرأة الخضراء برد وسلامْ
دفء وهيامْ
كلامها درٌّ
وصمتها ضوءٌ وزخرفةُ ولغزٌ واضطرامْ
اسْميّةُ المعنى المبجّلِ
سفرها هديُ السّماء النّضرةْ
(2)
هذه المرأة الشامخة مثل نخلةٍ في أرض العراقْ
العظيمة مثل أرزة في لبنانْ
الصبورة مثل زيتونةٍ في القدسْ
البريئة في اشتياق عناق مسيحها في فسحة المسرى
شاسعة كصوت فيروزَ يغسلُ لحنُها وجعَ الصّباحْ
الواثقةُ مثل نجمةٍ بين الغيومْ
مشرقة بين هذا الضباب الأسود المخيفْ
المهيبةُ مثل بحرٍ يحدّثها حكايته كلّما التقيا هنالكْ
القريبةُ مثل قطرةٍ على عنقودِ داليةٍ أمام البيتِ في تمّوز
الشاعرية مثل جملة في كتاب “النبيّ”
الخياليّة مثل حلم إخوة يوسفَ في رحلة التّزوّد بالقمحْ
الواقعيّة مثل رؤيا الرجل الصالح يعقوبْ
الشهوة المشتهاة الشهيّة في مدار الليل
يرتوي منها الرواءُ في عزّ السكونْ
حتّى افتضاض بكارة الضوءِ أعمدة انبلاج الوردِ
إيلاجُ الحياةِ إلى الحياةْ
الناجزة، المفتوحة الآفاق بعدُ
ولمّا تنهِ ما بدأته من سطر هنالك في الكلامْ
الصاعدةُ المعارجَ خطوة خطوة نحوها
لتنظر كي ترى في كلّ ذلك نفسها
فكأنّها اغترفت بيديْ ملاكٍ معانيَ وحيها
الشاربة من أيدي البتول “شربة لا تظمأ بعدها أبداً”
القارئة التراتيل في كلّ المحاريبِ
المعابدِ والكنائسِ والمساجدِ والصوامع والصلواتْ
والبِيَعِ الخصوصيّةِ
الخلواتِ والمعتكفاتْ
الكاتبةُ الغريبة في عوالمها
الجريئة في اجتياز النهر نحو الضفة الأخرى
لتعبرني وتعبر في أنايْ
وتعبر ما رأيتُ الليلةَ الماضيةْ
وأعبرها لأعيد لها الكتابة كلَّ يومْ
امرأة مثل وردةٍ وقامةِ حور
أعظم ما تكون عليه امرأة تبرّج نفسها للهْ
لتطيل عمر إلهها الممتدّ في شواطئها
كأنّ الله أعطاه الهبات الأزليّة
ستعيد ترتيب العالم بكلْمة حبّ
وتنسى أنّ هناك ما يمكن أن يدعوَ للحرب يوماً ما.
27 تموز 2022

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…