أجزاءُ مبعثرةُ

أنجيلا درويش

أنا لستُ أنا
جسدي رغيفٌ طازجٌ
وألفُ جائعٍ في البابِ
أقرأُ الوجوهَ
كأنّي عرافةٌ نبعتْ من كفّيها
جداولُ زمزميةٌ
بها تسقي وإليها تحتضرُ
كذاك الوادي الوعرِ
الحمامُ فيه تضاجعُ
والزهرُ ضلَّ طريقَها
في غيابِ الشمسِ !!
أتوهُ ولا أتوهُ
كعنوانِ قصيدةٍ
لا يُعرفُ كاتبُها
في غيابِ الأوطانِ
أنا لستُ أنا
حينَ يُمضغُ لحمي
على أغنيةِ الموتِ
وأنا مازلتُ قطعةَ لحمٍ لمْ تنضجْ
مفكوكةٌ أزرارُ قمصاني التسعةُ
على مشجبٍ في سوقٍ ما
كطفلٍ تملصَ منْ بينِ يدِ المغتصبِ
تملصتُ منَ الكمِّ العاشرِ
عدتُ وكأنّي لمْ أعدْ
مازالَ الطريقُ حالكاً
والبومةُ تنذرُ
والحانةُ يملؤها السكارى
والنرجسُ ناعسٌ
على نافذتِها ثملٌ
والعجوزُ السمراءُ تسردُ
حكاياتِ أزواجِها الخمسةِ
وأطفالَها الشقرَ !!
وكمْ كانتْ طاهرةً
بعلامةِ إزارِها المثقوبِ !! 
أنا لستُ أنا
حينَ أُعلِنتُ العصيانَ
والتهمَ الرأيُ العامُ
رقصتِ الفراشاتُ حفاةً
والأرصفةُ مليئةٌ بالأحذيةِ الوطنيةِ
والكتبِ الشرعيةِ
كمْ يبلغُني النعاسُ في حضرةِ النعاسِ
وكمْ منْ جثةٍ منّي بلا هويةٍ
حينَ كنتُ أنا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…