حوار مع الفنان التشكيلي آرشفين ميكائيل

حاوره لقمان تعلو

قبل ايام نزلت ضيفأ عنده،حيث دعاني إلى بيته بمناسبة رأس السنة
بيت حيطانه من قوس قزح، ألوان تحكي لك قصتها في هذه الحياة، اينما تلتفت ترى أمام عينيك لوحة، فوجدت نفسي أمام مجموعة من الأسئلة
وهذا ما زادني فضولا بأن أطلب منه أن يسرد لنا قصته مع لوحاته وكيف بدأ هذا المشوار

بداية أرحب بك آرشفين ويسرني أن أجري معك هذا اللقاء . و سؤالي الأول أريد أن يتعرف ألآخرون عليك .فمن هو آرشفين ؟

قبل كل شيئ وبما نحن في بداية السنة الجديدة 2008 أقول للجميع كل عام وأنتم بألف خير وأتمنى أن تمر هذه السنة على شعبنا الكردي وسائر شعوب العالم بمزيد من التقدم والسلام والود والإستقرار،نحو عالم جديد ،خال من الإضطهاد والخراب و الدمار. فأما من أنا .
إسمي آرشفين ميكائيل من مواليد مدينة الدرباسية من عائلة وطنية متواضعة، ترعرت في هذه المدينة التي عشت شبابي كله فيها ومنذ آواخر عام 1999 آقيم في هولندا.

متى أحسست بأنك تميل إلى الرسم ؟

كان ذلك في المرحلة إلإبتدائية منذ كان عمري عشر سنوات .كان الإستاذ و جميع الطلاب يلتفون حولي عندما كنت أرسم مشهدا معينا في حصة الرسم أو أرسم لهم مجلة الحائط.

بما تأثر آرشفين في بداياته وماهي أول لوحة لك ؟

عندما أصبحت في الخامسة عشرة من عمري كان آنذاك أمطار الأممية تمطر من قطب النظام ألإشتراكي على العالم أجمع وكان الأكراد أيضا يضعون انفسهم تحت المظلة الإشتراكية. كانوا يعتقدون بأن الشعب الكردي ربما يتأمل أن يحصل على حقوقه وكان له تأثير كبير علي. كنت أرسم بألوان الفحم الكثير من القادة أمثال ماركس، انجلس،لينين، هوشيمن ، كيفارا، جكرخوين، وكنت مطلعا على الرسامين العالميين مثل آرشيل غوركي وفان كوخ و ليوناردو ولكنني لم أتأثر بهم أبدا. استطيع ان أقول بأنني في التسعينات تأثرت بزخارف وبنمنمات إيرانية. كنت أنذاك عضو منتسب في المكتبة الثقافية المستشارية الإعلامية الإيرانية في دمشق. أما مايتعلق بالشق الثاني من السؤال، طبعا من المستحيل أن أسمي اللوحة الإولى أو الثانية أو لوحة ألألف ولكن أقول أنني أخذت أجمل لوحة من عائلتي عندما كنت أشاهد وأنا صغير كان بيتنا يبدو كأجمل فندق حيث يزورنا الضيوف من الناس والفقراء وأهل الريف والوطنيين.يقضون أحيانا شهورا ونادرا ما كنا نأكل وجبة الطعام بمفردنا

هل كنت قد أقمت معارض في الوطن ؟

اقمت معارض في الحسكة والقامشلي والدرباسية ولوحاتي عرضت في المركز الثقافي الروسي والمركز الثقافي في المزة بدمشق تحت إشراف وإسم الفنان السوري المعروف ناجي عبيد

ماهي نوعية العلاقة بينك وبين لوحاتك ؟

طبعا أقل من عادي أن يكون لكل فنان طابعه الخاص به يرتاح من خلاله أن يكون لنفسه لوحة تخص به وأنا من أولئك الناس واللوحة في أغلب ألأوقات تكون صديقة وقتي وأحيانا تساعدني لحل همومي. أضع كل همومي وأمنياتي وطموحاتي في لوحة مضلعة أو مستديرة

متى يحب آرشفين أن يرسم وهل هناك وقت محدد للرسم ؟

 أنا أحب أن أرسم عندما أحس بأني سوف أخلص اللوحةوبعد أن تكتمل أستفاد منها في معالجة مشهد قد تأثرت به. تعودت أن لا أرسم لوحة من دون أحاسيس كما يرسمونه الكثير من الناس، ولا وقت للرسم عند آرشفين

آرشفين يرسم ويكتب ويعزف قليلا. فبأي واحدة منهم بدأت أولا ؟

 بدأت التعبير في بداياتي عن المشهد الذي كنت أتأثر به،عبرت من خلالها أن أستعمل أحيانا القلم في أوائل الثمانينات،سواء في كتابة قصائد أو أقلام الفحم ،كلاهما لم تفارقني في بداياتي ولكن الناس آنذاك شجعوني بأنني رسام ماهر وهذا ما أتاح الفرصة امامي أكثر، وحينها قلت في نفسي يجب أن أختار واحدة من الإثنين، و اخترت الريشة، على الرغم أني كتبت في بداياتي حوالي أربعين قصيدة ،وأتذكر في عام 1983 كنت من المشاركين في تأسيس أول فرقة كرديةإسمها (باهوز) في الدرباسية وأغلب أغانيها كانت من قصائدي. أما العزف، فأنا لست بعازف ولكني أحب الموسيقا وخاصة آلة العود و الكمان وفي عام 1985كنت قد تعلمت في دورة موسيقية على آلة الكورنيت في مدينة دمشق

ماهي قصة المرأة في لوحاتك، حسبما رأيت أنك قد رسمتها كثيرا. هل هي إمرأة معينة و بأشكال مختلفة ؟

المرأة في لوحاتي لها قصص و روايات تختلف من لوحة إلى أخرى ،تحمل أساطير رائعة. الشرق المتقيد و المرأة المتقيدة. أين مكانتها في الشرق، وكيف تكون لها مكانة في لوحتي . مكانة المرأة في الشرق تختلف عن مكانة المرأة في الغرب .كما في لوحاتي إمرأة كردية تتحير، و بجانب
آخر إمرأة غربية تتأمل .

سؤال أظنه طرح عليك من قبل الآخرين أيضا.أنك ترسم في أغلب لوحاتك مع ماترسمه، شيئا يبدو وكأنها شبكة، ورأيت في سقف البيت أيضا ، أنك قد رسمت عدة لوحات على أطباق الستلايت. ماذا يعني ذلك ؟

نحن نتذكر جيدا مرحلة التعتيم .حالة يائسة تعيشه الشعوب المضطهدة . وهنا في أغلب لوحاتي هناك مرحلتين .مرحلة التعتيم ومرحلة الثورة الإلكترونية. ونحن بصراحة استفدنا من هذا العصر . إن مسألة الرسم على طبق الستلايت و الشبكة في اللوحة كلاهما مشتركان. ثورة حقائق . كل العالم ينظر بعينيه ويسمع بآذانه مايجري على الكرة الأرضية بواسطة الستلايتnet  و النت ـ

بما أنك تقيم في هولندا، وهذا يعني مجتمع و واقع آخر ،فهل ثمة تغيير طرأ على ألوانك التي كنت ترسم بها في الوطن ؟

لا أبدا، ألألوان كما هي أينما اتجهت ، و لكن طريقة الفكرة قد تدرجت وتحولت عن معالجة الموضوع وحركة الشكل بطريقة أخرى ولكن بنفس ألواني التي كنت أفضلها في الوطن .

هل سبق وشاركت في معارض هولندية، أو معارض خاصة بك ،وهل هناك من الشعب الهولندي ممن تعرفوا على اللوحة الكردية ؟

 أقمت معارض كثيرة في هولندا وأغلبها كانت بمفردي، سوى معرض واحد في مدينة دلفت كان مشتركا مع فنان عراقي والآخر يوغسلافي .أغلب معارضي كانت ناجحة ،وكان لها حضور و إقبال شديد من الناس المدعوين و الصحافة الهولندية المرئية والسمعية أيضا

هل أقمت معارض خارج هولندا ؟

أقمت معرضا واحدا في اليونان عام 1998، وأنا الأن بعثت مجموعة لوحاتي إلى المانيا ،هناك أحضر للمعرض، ولي إتصالات في بريطانيا و النروج لإقامة معارض هناك

مامفهوم الفن بشكل عام والرسم بشكل خاص في نظر آرشفين ؟

إذا وضعنا الأحاسيس والشعورمن الفنون في البشرية إلى جانب آخر، سوف ترى إختلاف ومفاهيم، ربما مشاهد جامدة ،كالصخرة بدون شكل ،ولكن الفن عندما خلق عند البشر في العصور القديمة، كان هناك فن واحد إختلقه البشر. وأيضا الرسم نوع من الفنون بدون أحاسيس وإتقان الرسم لم نكن نسميه فن، ولكن مميز عن الفنون الأخرى من حيث طريقة ألإبداع و الحركة والوسيلة ويلتقيان مع الفنون ألأخرى بالأحاسيس والمشاهد والتعبير

كيف هي طريقة الرسم عندك،إذا أردت أن ترسم لوحة ؟

 تختلف طريقة الرسم عندي من مرحلة إلى أخرى. عندما كنت في الوطن كنت أحس باللوحة وأرسمها بطريقة الموضوع. بحيث يتمتع به الزائر ويحب اللوحة بأسرع وقت، لأنني أنذاك كنت أرى الخبر بعيني قبل أن أسمع ،أو أسمع قبل أن أرى وفي النهاية كنت أرى وأسمع وأكون لوحة ربما الأكثر واقعية أو درامية.أما هنا فطريقة إنشاء لوحة تختلف تماما عن الوطن .لأنني هنا أسمع لاأرى الخبر ،لذلك أرسم اللوحة أو الخبر أحيانا بدون شكل، مجرد ألوان وحركات معبرة. أحاول أن أفتح عيني للمشهد في الوطن بدون أن أرى المشهد

كيف تعرف النقد ؟

 أسباب كثيرة لفقدان النقد في الفن الكردي عموما. وهذا يحتاج لشرح مطول، ولكن أستطيع أن أقول بإختصار، أن الفن الكردي يحتاج للنقد حتى يتطور

كيف تقرأ واقع اللوحة الكردية ؟

 اللوحة الكردية هي الحالة الكردية. أين وصلت الحالة الكردية في عالمنا الحالي، فإذن اللوحة الكردية تعيش مع الواقع الكردي

برأيك. هل اللوحة الكردية طرقت أبواب العالمية ؟

كما تفضلت في سؤالك عن واقع اللوحة الكردية.أقول لك ان القضية الكردية طرقت أبواب العالمية المغلقة مرارا و تكرارا،ولكن بعض ألأبواب منذ فترة قريبة فتحت من تلقاء نفسها حرصا وحفاظا لمصالح الدول العالمية. أستطيع أن أقول أنه لازالت ألأبواب مغلقة أمام اللوحة الكردية. وهناك سبب رئيسي آخر وهو أن الفن التشكيلي هو آخر نوع من الفن يستوعبه العقل الكردي بعد الفنون ألأخرى في التداول والفهم والحاجة .وأعتقد أنه سوف يتدرج الفن التشكيلي الكردي تدريجيا نحو العالم وعلى أبواب وأبواق العالم بعد فهم العالم للقضية الكردية و معاناة الشعب الكردي

بماذا يطمح آرشفين، وهل لك حلم لم تحققه بعد ؟

طموحي كطموح أي عامل يحلم أن يشبع من عرق جبينه، أو كفلاح يحلم أن يرى محاصيله خضراء ومزدهرة. وأنا راض بنصيبي القليل في هذه الدنيا الكبيرة. أحلم بأن أرجع يوما إلى وطني وأحمل كل لوحاتي وأنشئ متحفا (عرض خاص بأعمالي) وبإسمي. يزوره جميع الناس، وخاصة الأطفال، وأكتب على بابها أو جدارها (متحف لوحات آرشفين المجاني للفنون التشكيلية)

 في ختام هذا الحوار لايسعني إلا أن أشكرك، وكل عام و أنت بخير، مع كلمة أخيرة تود أن تقولها ؟

شكرا جزيلا لك وكل عام أنت و شعبنا الكردي بألف خير

للإطلاع على موقع الفنان آرشفين
www.arshavin.spaces.live.com

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…