اللحظـات الأخيــــرة ..!!

  وزنة حامد

لم يكن بالأمر السهل لعائشة عندما اتخذت قرارها الأخير فهي تقول إنه أصعب قرار اتخذته في حياتي ، لكن يجب على الإنسان أن ينحني أمام الحقيقة والواقع لا بد منه  بهذه الكلمات كانت تتمتم عائشة وهي تلملم ما تبقى من أمتعتها التي يعز عليها أن تجمعها في حقيبة لتنهي بذلك آخر ارتباطٍ مادي بينها وبين هذا المنزل الذي قضت فيه أجمل سنوات عمرها مع رجل تزوجته عن حب عمره أربع سنوات لكنها لا تدري لماذا اختارت هذا التوقيت بالذات للرحيل عند بزوغ الفجر، حيث الشمس ترسل بخيوطها الذهبية الأولى على العالم لتكشف حقائق قد تخبئها الليالي في ثناياها إلا أن الضباب الذي خلفتها الدموع حال دون تأملها لزوجها في تلك اللحظات الأخيرة.تناولت أمتعتها وبخطوات وئيدة مترددة.
خرجت إلا إنها لم توصد الباب وراءها ثم دنت من شجرة التوت التي بدا الحزن عليها ، متدلية الأغصان ، تحسست جذع الشجرة بأناملها ، وفي بريق عينيها ملامة لذات الجذور العريقة مفادها إنها لم توقظ النسغ بأغصانها كما تفعل مع ذاتها.آنئذٍ تقدم زوجها نحوها ثم سألها:
ـ هل ستهجرينني إلى الأبد.
 أجابت بعد أن بحثت بعينين مرهقتين في فراغ الهواء عن تلك السنوات الغابرة ..
عن الحب المطعون في مهده حيث يمتزج النور بالعدم فتبدو الطبيعة في كمال عريها وجمالها ..
عندما يغيب الوعي في اللاوعي ولا يبقى إلا الدوار والتداعيات التي لا يضبطها ضابط حالها كحال محتسي الكحول.
ـ إنما هو هروب من سنوات الصقيع
ـ لكنني لا أحيا من دونك
ـ ومن قال لك سيحمل هذا الجسد الروح من بعدك. أومأت أن نعجز أمام المواقف ، فمن الشجاعة
الاعتراف بالهزيمة.
ـ ومن أخبرك إن قدر الله هزائم للبشر.
ـ لكن غاباتي وسهولي وهضابي جرداء يا مصطفى .
عشرون عاماً وخصري كخاتم سليمان لم أنجب لك طفلاً قالتها بعد أن تلمست بطنها
ـ أنت طفلتي لايخيل إلي الامتداد والتواصل إلا بأنفاسك أرفض الحياة إلا معك . 
ـ علمتني أبجدية الحياة أبجدية الحب يا مصطفى أعترف لك بهذا
ـ ومازلت أحبك وينبوع أشواقي لم تجف بعد ، ثم أردف :
أرفض إحساسك بهذا النقص وعقابك الدائم لنفسك .
أنظري إلى شموخ هذه الشجرة إلى……. قاطعته .
كلنا نشرب من كؤوس فارغة أفرغ حياتك من وجودي لتملأها بامرأة تنجب لك أطفالاً هي مكافأتي لك قالتها بعد أن ابتعدت عنه بضعة خطوات .التفت إليها.
ـ متى كان للحب مكافأة .
ـ منذ أيام تناهى إلى مسمعي نبرات أمك الحزينة وهي تتوسل إليك لخطبة ابنة خالتك.
ـ خريفك يزهو أمام ناظري ، رفضت الحياة إلا معك
ـ لا أريد أن أصبح وجه المقارنة بين رغبة أمك وبيني وبهذه الكلمات أنهت حديثها ثم توجهت نحو الباب الرئيسي لمنزلها بخطوات ثقيلة ، قدماها لا تسندانها إلا أن للقدر ما يشاء فها هي وللحظات أصبحت جسداً بلا روح للناظر إليها , أغمي عليها , تماما ولكن زوجها أسرع إليها ثم حملها إلى عيادة أقرب طبيب في المدينة .بعد المعاينة والتحاليل تبين إن العاقر طيلة السنوات الغابرة حامل في شهرها الثاني أما تمرغها

بأتربة الذنب غسلتها بفرحتها ، وما الحياة إلا شعلة ونسمة ولله في خلقه شؤون.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…