هوشنك أوسي
تستضيف صالة المعارض بالمركز الثقافي الفرنسي في العاصمة السورية دمشق، معرض الفنان التشكيلي الكردي حسكو حسكو. ابتداءاً من 2/12/2008 ولغاية 9/1/2009. وهذا هو المعرض الفردي الرابع له في دمشق، والثاني في صالة المركز الثقافي الفرنسي. ومن الجدير ذكره، أنه في نفس يوم افتتاح هذا المعرض، تمّ افتتاح معرض فردي آخر للفنان حسكو حسكو في العاصمة القطريَّة الدوحة أيضاً.
تطغى على أعمال حسكو حسكو، تعبيريَّة جدّ حسَّاسة، تسعى لاستحضار مفردات البيئَّة الأوَّلى التي احتضنت طفولته في الشمال السوري، من قرى وبيوت وحيوانات…، وتوظيفها تشكيليَّاً. فالخَضار المخيّم على منطقة عفرين، وحميميَّة الالتصاق بالمكان، ومساعي النهل من مكنوناتها وموروثها الشعبي، والاحتفاء بالطبيعة، على طريقة تعبير الطفل عن تعاطيه وتآلفه مع محيطه، هو ما يميّز أعمال حسكو حكسو. ولا تكاد تخلو أيّة لوحة من لوحات المعرض السالف الذكر إلاَّ وتجد حضوراً للماعز والأغنام والأبقار والكلاب والحمير والطيور والحشرات…، موزَّعة على مساحات لونيَّة، تشكلِّ الفضاء التعبيري، الخلفي للأعمال. وهذه السلاسة والبساطة الباديَّة في لوحات حسكو، تنطوي على عمق وخزين بصري غني وثري، هي حصيلة تجوال عين شديدة الحساسيَّة في رصد المحيط، ومخيال خصيب، دأبه إعادة إنتاج الذاكرة البصريَّة، ضمن صيغ وتعبيرات تشكيليَّة. وعليه، الناظر إلى لوحات حسكو حسكو، أولى النتائج التي يخلص لها، هي، تماهي هذا الأسلوب التشكيلي في التعبير عن الذات، مع أساليب الأطفال وخرائطهم، أثناء الرسم. وهذا ليس انتقاصاً لهذه التجربة التشكيليَّة الشابَّة، بقدر ما هو إشارة إلى فرادتها، وتمايزها عن أقرانها.
ككل المعارض التي أقامها حسكو حسكو في دمشق، أتت لوحات هذا المعرض أيضاً، كبيرة الحجم، شبه خاليَّة من الألوان الحارَّة، عدى لوحة واحدة فقط. حيث انحسر حضور الأحمر والأسود والأصفر، بنسب متفاوتة، لصالح الحضور اللافت للأخضر، بتدرُّجاته، إلى جانب مساحات واسعة من اللون الأبيض، في غالبيَّة الأعمال المعروضة. ولا يعني هذا، غياباً لبقيَّة الألوان، بل كان حضورها، مقتصراً على نسب وجرعات معيَّنة، وليس بشكل فاقع ومستفزّ. وبدا الانسجام والتناغم بين الألوان في هذه الأعمال جليَّاً في هذه الأعمال، بعيداً من البهرجة والفلتان اللوني، غير المجدي، ما يشير إلى حالة من الاستقرار والهدوء والرضا لدى حسكو حسكو. فلوحاته، توحي أكثر ما توحي إليه، بأنَّها تعكس حالة من التأمُّل والغوص والاستكشاف الطفولي، بالضدّ من حالات الفوضى والقلق والضجيج والصخب اللوني، التي تكتنف أعمال بعض الفنانين الشباب السوريين. والحقُّ، أن الذي يعرف حكسو عن قرب، يجدهُ نسخة طبق الأصل عن أعماله، لانحيازه نحو البساطة والعفويَّة في التعامل والتواصل، بعيداً من الافتعال والتصنُّع. فحسكو، لا يجيد التنظير والكلام الفخم، والمنمَّق، وهو يشتغل على يده وعينيه، أكثر من الاشتغال على لسانه. ويؤثر الرسم على الكلام. لذا، لا تكاد ترى مظاهر العصبيَّة والانفعال واللؤم في سلوك حسكو حسكو. في حين، تجده ودوداً، مازحاً، صريحاً، تغلب عليه روح النكتة والدعابة. بالنتيجة، لم تنجح دمشق، بضجيجها وأضوائها وأبواقها، في تشويه ريفيّة حسكو وبساطته. واستطاع حسكو نقل عفرين، بصيغ تشكيليَّة هادئة وحميمة إلى دمشق والعالم.
قد لا تكون الفروق كبيرة، بين ما قدَّمه حسكو حكسو في هذا المعرض وما قدَّمه في معارضه السابقة. لجهة الألوان الهادئة، وحضور مفردات الطبيعة، وذاكرة المكان، وتحكُّم اللون الأخضر بالمساحات المركزيَّة في الكثير من أعماله. زد على ذلك، أن ثمَّة تماثلاً وتشابهاً كبيراً يلحظه المتلقّي في لوحات هذا المعرض. وهذا يدلّ من جهة، إنَّ هذه الأعمال، قد تمَّ إنجازها، في فترة زمنيَّة متقاربة. ومن جهة أخرى، أن حسكو حسكو، صار رهين تقنيَّة تشكيليَّة معنيَّة، لا ينفكُّ عنها. والحال هذه، قد يتساءل البعض: ولماذا لا يتمَّ تفسير ما سلف، على أنه خصوصيَّة، أنجزها حسكو حسكو لنفسه؟!. والحال هذه، يمكن الاكتفاء بالقول: إن تكرار استخدام نفس المفردات والعبارات التشكيليَّة، يؤدِّي إلى استنفادها. وعليه، ينبغي أن يكون التشكيلي، دائمَ الاجتهاد في ابتكار تقنياته، والاشتغال مراراً على مراسه، نأئياً بتجربته عن مطبَّات السقوط في التكرار، الذي هو بالضدِّ من الإبداع. فخصوصيَّة الفنان التشكيلي، أو أيّ مُبدع آخر، ينبغي أن تكون دائمة الانفتاح على التنوّع والتجدد في ابتكار التقنيات والمعالجات اللونيَّة، لا الاقتصار صيغ معنيَّة، واجترارها، ما يسهم في إتلاف التجربة، بدلاً من الارتقاء بها.
ككل المعارض التي أقامها حسكو حسكو في دمشق، أتت لوحات هذا المعرض أيضاً، كبيرة الحجم، شبه خاليَّة من الألوان الحارَّة، عدى لوحة واحدة فقط. حيث انحسر حضور الأحمر والأسود والأصفر، بنسب متفاوتة، لصالح الحضور اللافت للأخضر، بتدرُّجاته، إلى جانب مساحات واسعة من اللون الأبيض، في غالبيَّة الأعمال المعروضة. ولا يعني هذا، غياباً لبقيَّة الألوان، بل كان حضورها، مقتصراً على نسب وجرعات معيَّنة، وليس بشكل فاقع ومستفزّ. وبدا الانسجام والتناغم بين الألوان في هذه الأعمال جليَّاً في هذه الأعمال، بعيداً من البهرجة والفلتان اللوني، غير المجدي، ما يشير إلى حالة من الاستقرار والهدوء والرضا لدى حسكو حسكو. فلوحاته، توحي أكثر ما توحي إليه، بأنَّها تعكس حالة من التأمُّل والغوص والاستكشاف الطفولي، بالضدّ من حالات الفوضى والقلق والضجيج والصخب اللوني، التي تكتنف أعمال بعض الفنانين الشباب السوريين. والحقُّ، أن الذي يعرف حكسو عن قرب، يجدهُ نسخة طبق الأصل عن أعماله، لانحيازه نحو البساطة والعفويَّة في التعامل والتواصل، بعيداً من الافتعال والتصنُّع. فحسكو، لا يجيد التنظير والكلام الفخم، والمنمَّق، وهو يشتغل على يده وعينيه، أكثر من الاشتغال على لسانه. ويؤثر الرسم على الكلام. لذا، لا تكاد ترى مظاهر العصبيَّة والانفعال واللؤم في سلوك حسكو حسكو. في حين، تجده ودوداً، مازحاً، صريحاً، تغلب عليه روح النكتة والدعابة. بالنتيجة، لم تنجح دمشق، بضجيجها وأضوائها وأبواقها، في تشويه ريفيّة حسكو وبساطته. واستطاع حسكو نقل عفرين، بصيغ تشكيليَّة هادئة وحميمة إلى دمشق والعالم.
قد لا تكون الفروق كبيرة، بين ما قدَّمه حسكو حكسو في هذا المعرض وما قدَّمه في معارضه السابقة. لجهة الألوان الهادئة، وحضور مفردات الطبيعة، وذاكرة المكان، وتحكُّم اللون الأخضر بالمساحات المركزيَّة في الكثير من أعماله. زد على ذلك، أن ثمَّة تماثلاً وتشابهاً كبيراً يلحظه المتلقّي في لوحات هذا المعرض. وهذا يدلّ من جهة، إنَّ هذه الأعمال، قد تمَّ إنجازها، في فترة زمنيَّة متقاربة. ومن جهة أخرى، أن حسكو حسكو، صار رهين تقنيَّة تشكيليَّة معنيَّة، لا ينفكُّ عنها. والحال هذه، قد يتساءل البعض: ولماذا لا يتمَّ تفسير ما سلف، على أنه خصوصيَّة، أنجزها حسكو حسكو لنفسه؟!. والحال هذه، يمكن الاكتفاء بالقول: إن تكرار استخدام نفس المفردات والعبارات التشكيليَّة، يؤدِّي إلى استنفادها. وعليه، ينبغي أن يكون التشكيلي، دائمَ الاجتهاد في ابتكار تقنياته، والاشتغال مراراً على مراسه، نأئياً بتجربته عن مطبَّات السقوط في التكرار، الذي هو بالضدِّ من الإبداع. فخصوصيَّة الفنان التشكيلي، أو أيّ مُبدع آخر، ينبغي أن تكون دائمة الانفتاح على التنوّع والتجدد في ابتكار التقنيات والمعالجات اللونيَّة، لا الاقتصار صيغ معنيَّة، واجترارها، ما يسهم في إتلاف التجربة، بدلاً من الارتقاء بها.
الفنان حسكو حسكو، من مواليد قرية شرّان / عفرين _ محافظة حلب سنة 1973. تخرّج سنة 2000 من كليّة الفنون الجميلة بدمشق / قسم التصوير. وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين. كما أنه من الأسماء الشابَّة الهامّة في الحركة التشكيليَّة السورية. وله معارض مشتركة عديدة داخل وخارج سورية. وحصل على جوائز عدَّة، أهمّها: جائزة لجنة التحكيم الخاصة في معرض الشباب السوري الثاني 2001. وجائزة نقيب الفنون الجميلة في معرض الشباب السوري الرابع 2003. والجائزة الأولى في مسابقة غاليري أيام للشباب السوري.