عن الألمانية خيانات

 كارولينه هارتغه
حياة قريبة

اسوداد وصدأ
الرماديّون الأكثر كهولة
المكتهلون منهكون عمّا قريب
المجرفة التي ستقبرهم كلّهم
مسنودة خلف بابي
في الزاوية خلف بابي
يقف المعول والرفش
خلف البيت
مربّع مقصّف
هناك يتمّ الدفن
بالقرب من أسرّة مليئة بالأزاهير
بعضها ذابل منذ زمن طويل
بعضها غير مولود بعد
في البراعم.
اسوداد وصدأ

في الزاوية خلف الباب
المجرفة والمعول
مهيّآن
الذين مضوا،
الشائخون
في لون الرماد
الذين حفظوني
الكهول يلوّحون واهنين
من مكان بعيد
في وجوههم يبدو
أني لا أخاف
والمجرفة التي تدفنهم
مسنودة خلف بابي
خلف البيت:
مربّع مهجور
يتمّ الدفن
إن حان الوقت
والوقت
يحين
عند الأسرّة المعبّأة بالأزاهير
زنبق نهار واحد شقائق الثرثرة وزهر مهماز الفارس
البعض منها متيبّس منذ زمن بعيد
البعض غير مولود بعد
في البراعم.
***
حاجات
ولا تدع
أن يساء فهمي
أقدامك جزؤك الخلفيّ حيث قبل الآن
كان عليه ضفيرتي الشمسيّة! لكن
أرغب أن أستلقي في الساعد الأمين لأبيك
أن أتنفّسه بحريّة
الرأس على كتفه
الفم على صدره
والساعد أتمنّاه يحوطني
في الساعد الواثق لأبيك
أشتهي أن أرتاح
صدرا فوق وركه
فخذا بين خواصره القاسية
هكذا جدّ قريبة في القرب حيث أنسى
أتحرّق إلى ما هو يكون
وما أنا.
***
احساس
دمى في الدمية
مطويّا على بعضك البعض عليك أن تكون
الرأس إلى الأسفل مثل خفّاش
مطويّة على بعضي البعض عليَّ أن أكون
فلا تبقى مساحة على الظهر
لتمتدّ فوق العرق العميق
ولا هواء لنا سوى تقطّع الأنفاس
على الجنب وملتفّين حول البطن
في اليمين ليس على القلب في اليسار
مهد في المهد
أنت في الباطن في الماء الداكن الدافئ
الساكن
قلبي يخفق بهدوء
وقلبك يمضي معه مضطربا
أنا في الداخل في نور الشمس المنير على السرير
أنام الإغفاءة المطمئنّة
بالقرب منّي يجلجل بالطناجر طاردا كلّ الهموم
يهمس أنّه يريد أن يرى ما نتج منه ومنّي
يهمس أني في موضع آمن
ما الذي سنخافه أنت وأنا
في هذه البيوت المضيافة؟
***
مظهر
ولا تتركني
أن يساء فهمنا
أنا وأنت فتانان
مليئة ومدوّرة الحياة
رجالٌ متفرّجون
رجال مدندنون
خدود بتلات الورود وعيون أنجم
من هي فقط هذه المرأة السمينة
في المرآة.
***
إخصاب
غباء لماذا تسّمى الرحم
رحما والقلب والكلى الرئة المعدة
الكبد الطحال والأمعاء تسمّى كما هي
اسماؤها مناسبة
ودقيقة
بغير توقع
– فقط فجأة-
حين يكون أحد ما في داخلها
يبدو ما عليه القيام به
الشهوة تخجل من الإتيان
ومن أن تأخذ في احتلال موضعها المعتاد
الذي الآن
مشرّد وفي مكان آخر
منشغلا ومشغولا
مع الجديد
لا عجب أن يحدث هذا في عمق البدن
الذي يصون السرور والوجع
والخصوبة الوحيدة التي يمكن التفكير فيها
والدفء الوحيد الممكن
لا عجب
أنّ الدماغ لا يستطيع
أن يعرف شيئا أن يجرّب شيئا
مظلّلا في قشرته الجوزيّة ومبتورا
من العالم كلّه
يعرف جسمي الأشياء التي ستصير
الأشياء التي تريد أن تصير
التي يجب أن تصير
هو الأوّل الذي يعرف الأمر
شعور ما… إنّه… مختلف
شيء ما له رائحة أخرى
شيء ما يبدو بشكل مغاير
ويعلّمني
وبشكل عامّ يعرف ما يجب القيام به
أمّا أنا فلا أعرف
أرى فقط وأندهش
بلا حساب.
***
الحمل
والذي منّا نحن الاثنين
ليس بديلا
فليرفع الكأس أوّلا
اشترني (بالقرض) أدخلني اجعل
نفسك ملتحما
لا يمكن تجنّب أن نكون بشرا
الشراء من أولى واجبات المواطن
والتعفف هلاك
أمّا أنت فإنّنا صنعناك
من دون أن نعلم قطّ كيف أوَتدري
أني أحبّ أكثر الحبّ الأشياء
التي جاءتني على شكل هدايا صدفة
لغتها واضحة مباشرة لا يمكن اساءة فهمها
موجّهة إليّ
معبّأة بروح أولئك
الذين منحوها.
***
إشعار
مرّة في العينين الداكنتين للآخر:
رأيناك تأتي
ذات يوم مشرق حلو
يستطيع المرء أن يرى لمسافة بعيدة
أسفل البستان من الأطيار المغرّدة
خلل الورق الشاحب من العام الفائت
ينمو عشب طريّ
لدى المنحدر بالقرب من النبع
حيث لا أحد قطّ يأتي
في الجيب
قطعة من ورق رقيق
بحفيف مسحور
خيط من اللآلئ فقار الظهر
مشط مزركش القفص الصدري
ليمونة ذات شرائح
تدقّ-
القلب
مدفوعا من
قبل نعم غير متوقفة
مرّة في العيون الداكنة للآخر
رأيناك تأتي.
***
إشعار أوّل
قبل أن
يبدو شيء ما للعيان
في الجيب
قطعة من الورق
عليها حفيف أسود وأبيض
الحياة القريبة.

1966- هانوفر

ترجمة عبد الرحمن عفيف 

——
جريدة النهار – الاربعاء 17 أيلول 2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…