الأتراك بين الإسلام والعلمانية والتعصب القومي

  خالص مسور

بدأ الأتراك يستغلون الإسلام لمآربهم الخاصة، منذ عهد السلاجقة، وبدا ذلك أكثر وضوحاً في عهد السلطان (سليم الأول) 1512- 1520. حينما ادعى الأخيرأن الخليفة العباسي (المتوكل على الله) قد تنازل له عن الخلافة بمحض إرادته. ولهذا فسنرى من الآن فصاعدا، أن الدولة العثمانية ستلجأ إلى استخدام الإسلام كواجهة إيديولوجية تستند عليها في مجالات حياتها السياسية، والاقتصادية، والإجتماعية، وكذلك التشريعية
حيث نصت دساتيرها على (أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي) على الرغم من أن الدولة كانت تفتقرفي الغالب – وخلال تاريخها الطويل- إلى أي من الدساتير الرسمية المكتوبة. بل كان الموجود منها هي دساتبر شفهية تغلب عليها الطابع الديني في الغالب، وتلتزم الدولة بأحكامها بشكل مزاجي. وهكذا صبغت الإمبراطورية نفسها بصبغة دينية، وعمدت إلى فرض الجزية أو ضريبة الرأس على رعاياها الذميين من مسيحيين ويهوداً عملا بالقوانين الإسلامية. إلا أن لإسلام الذي تشدق به العثمانيون، لم يكن سوى إسلام جاء لتبرير وسائل وغايات دعائية لصالح الدولة القائمة على الفتح والتوسع. أي أنه كان إسلاماً على الطريقة التركية، طبقوا منه ما رأوه مناسباً لمصالحهم ومصالح دولتهم، ونبذوا منه ما تعارض مع هذه المصالح، وهو مايمكن أن نسميه بـالإسلام الغائي أوالإنتقائي. وقد ندد القرأن الكريم بأمثال هؤلاء الغائيين والإنتقائيين تنديداً عنيفاً فقال : (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وماالله بغافل عما تعملون) . البقرة
فالسلطان الخليفة الذي كان يملك السلطتين الدينية – الزمنية في هذه الدولة، كان الحاكم المطلق الذي لاراد لحكمه، مع تفضيل العنصر التركي على من سواه من شعوب الإمبراطورية المحكومة باسم الأخوة الإسلامية، الأمر الذي أدى إلى خلخلة الإطار الديمقراطي للحكم الإسلامي في هذه الدولة. بهذا الشكل وضع الخليفة نفسه في تناقض أمام المقولة الإسلامية (الناس سواسية كأسنان المشط). فهذه المساواة بدت فيما بعد أنها ليست من مصلحة دولة قائمة على التعصب وعدم رءية الآخرين وإنكارحقوقهم، وجرى فهم المساواة على أنها مساواة بين الأتراك فقط وهي لا تشمل القوميات الأخرى مطلقاً، ومن هنا نشأت صراعات حادة ومريرة بين زعماء دينيين ينتمون إلى مختلف شعوب الإمبراطورية المؤمنون بعالمية الإسلام وإنسانيته ومساواته بين الناس، وبخاصة الأكراد منهم الذين قادوا انتفاضات كبيرة في وجه حكام الأتراك الظالمين والمضطهدين لهم، ونخص بالذكرانتفاضة الشيخ (عبيد الله النهري 1880م) ، وانتفاضة كل من الشيخ (سعيد بيراني) عام 1925م، وانتفاضة (سيد رضا) في ديرسم عام 1938م والخيرة كانت في عهد تركياالكمالية…ألخ .
أما من الزعماء الأتراك الدينيين الذين وضعوا أنفسهم  في خدمة سلاطين دولتهم وحكامها، مسخرين بذلك الإسلام لصالح القومية التركية السائدة في مواجهة القوميات الأخرى المستضعفة والتي اتهموها بشق صفوف المسلمين وأمرهم جميع، وبالخروج عن الإسلام والتعاون مع الكفار وأعداء غير ذلك من النعوت التفيرية غير المبررة أصلاً. ولهذا يمكن القول: أن الأتراك خالفوا الإسلام في عدة أمور، منها فرض ضريبة الدم على المسلمين، والإنكار القومي، وتفضيل العنصر التركي على غيره من المسلمين، وتدبيرمذابح جماعية بحق المسلمين وغير المسلمين، في فترات توسعهم وفتوحاتهم والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم وبشكل ينافي الأخلاق الإسلامية أصلاً، ناهيك عن لبوس التعصب السني والدكتاتورية و الحكم المطلق البعيد عن العدل والمساواة الإسلاميين.
هذا التناقض الجوهري بين الإسلام بتعاليمه السمحة القائلة (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وبين التعصب القومي، أدى بالقوميين الأتراك إلى شن حروب شرسة ضد الدين والقيمين عليه ويمموا بوجوههم نحو العلمانية، لا بل إلى إزالة كل ما يمت إلى الإسلام بصلة، كما سنرى ذلك لاحقاً. فتاريخ الإسلام في تركية ينقسم في الحقيقة إلى أربعة مراحل وهي:
1- المرحلة العثمانية وتبدأ منذ قيام الإمارة العثمانية عام 1288م بقيادة جدهم عثمان أرطغرلن وتنتهي في عام 1909 مع القضاء على حكم السلطان عبد الحميد الثاني، وتتميز المرحلة بالتخفيف والتقليص من الفروقات القومية بعض الشيء، وإنما بالشكل الذي لا تمس فيه سيادة العنصر التركي في الدولة، وبالترافق مع أشتداد الضغط الديني على أتباع الأديان أوالمذاهب الأخرى وخاصة في أواخرعهد السلطان عبد الحميد الثاني.
2- المرحلة الثانية هي مرحلة حكم الأتحاديين وحكومة (تركيا الفتاة) والتي تنتهي في عام 1922م ، وهي بالحقيقة فترة قصيرة ولا تستحق أن تسمى مرحلة، وتتميز بطغيان الشوفينية القومية والأفكار الطورانية التي أتخذت أبعاداً هامة في الفكر العنصري التركي، وأضطهاداً دينياً وقومياً لا مثيل له بحق شعوب الأمبراطورية غير الأتراك وخاصة الكرد، والأرمن، والعرب منهم، وتمثلت بحالت الإعدامات اليومية والمجازر الجماعية والتطهير العرقي، وبسياسة التتريك والصهر القومي، وكان الأسلام يأخذ دوره بالقدر الذي يمكنه أن يخدم تلك الغايات والأهداف، فهو إسلام مستغل لأبعد الحدود ودثار تدثر به عصابات أمتهنت القتل وارتكاب المجازر.
3- ثم المرحلة الكمالية من 1923- 1938م، وفيها تم الإقرار بغسل المجتمع التركي من الصبغة الإسلامية، ومحاولات لإزالة المعالم الدينية والقضاء عليه في عقر دارالخلافة، وتغريب المجتمع التركي مع العودة إلى أستخدام الدين وهو هنا الأسلام المسيس ليستخدم في حالات الضرورة ضد أعداء الدولة الكمالية من الكفار، وهو تعبير يعني به الأتراك حتى اليوم المسيحيين بشكل خاص.
4- وأخيراً مرحلة ما بعد الكمالية وحتى الوقت الحاضر، وتتميز بعودة الأسلام المسيس إلى المجتمع التركي وأفول نجم الكمالية، وإنما هو مرة أخرة ومع الأسف إسلام خاص مفصل بمقاسات البرجوازية التركية أولاً ثم مقاسات القومية التركية ثانياً، أوأنه إسلام على الطريقة التركية لاغير، وهذا إستخفاف بالإسلام وتجاوزعلى تعاليمه السمحاء. ولكننا سنستمر في دراستنا هذه بشكل عام ونبدأ من عام 1839م، وحتى عام 1871م حيث ظهرت فكرة الجامعة العثمانية وغايتها إنشاء وطن للأتراك يضم المسلمين والمسيحيين، في ظل غياب أو ضعف التعصب الديني والقومي بالمعنى المتعارف عليه حالياً، والأمرالذي أدى بالدولة إلى تبني هذه الفكرة، هو حاجتها الماسة إلى أستقرار الأوضاع الداخلية، وإلى عدم اللجوء إلى ما يثير مشاعر الطوائف الأخرى وخاصة المسيحيين منهم، نظراً لحروبها المتواصلة مع الروس على حدودها الشمالية ومعادات اليونان والأوربيين لها . أما في عهد السلطان عبد الحميد فقد تغيرت الأحوالو وظهر ما يدعى بالرابطة الإسلامية، وهذا لا يعني غير شسء واحد وهو نبذ الطوائف المسيحية من الميدان، وهكذا ألقي بالمسيحيين والطوائف الأخرى في زوايا النسيان. ومع ظهور حركة ( تركية الفتاة) التي أنشأها عنصريوا الإتحاد والترقي، وصلت السياسة التركية إلى درجة الفاشية الدموية وإلى التمييز القومي والديني الشديدين، وفي الجانبين ظهرت كتابات تدعو إلى تتريك القوميات التي تعيش في ظل الأمبراطورية الإتحادية، وفي الجانب الديني جعل الأتراك من الإسلام مطية لأهدافهم السياسية، ويبدو أن استغلال الدين بهذه الوتيرة لايزال مستمرا حتى اليوم وبالاخص ضد الشعبين الكردي والارمني، فيتهمون الحركة التحررية الكردية في كردستان الشمالية بالكفر والإلحادو وبالأرمنية في كثير من الأحيان، ليتسنى لهم خداع البسطاء من الاكراد والاتراك معاً وإدخالهم في خدمة أهداف البرجوازية التركية والإحتكارات الأجنبية.
وحسبنا هنا أن نورد قولاً بليغ الدلالة، ظهر في تلك الفترة ويعتبر كشاهد عيان على المدى الذي ذهب إليه الأتراك في استغلال الدين لخدمة مصالحهم وطموحاتهم الشخصية. فقد خطب الشيخ التركي (عبيد الله) في جامع أياصوفيا مانصه : (إن من لايشترك من رعايا الدولة الإسلامية العثمانية الثابتة خلافتها بالنص القاطع، من العرب اوالتتار أوالألبان أوأبناء مكة واليمن، والحاصل جميع الأقوام المختلفة إذا لم يشتركوا مالاص وبدناً ونقداً، بالجهاد الذي هو اعظم العبادات في صفوف حضراوات عبد الرحيمن وجمال، ورضان وشكري، وبكر، وجاويد، ورؤوف، وأنور، وعزت، وطلعت، وأمثالهم من أبناء الترك الذين هم أولياء الله صلى الله تعالى عليهم وعالى آلهم واصحابهم وقدس الله اسرارهم، يكونون في صفوف المرتدين عن الدين). وهؤلاء الذين ذكرهم الشيخ عبيدالله في خطبته وهم ثلة من القادة الإتحاديين الذين أبادوا الأرمن والكرد ومن غلاة الدعاة إلى (الوحدة الطورانية) التي تدعوإلى وحدة الأمة التركية، وتشمل هذه شعوبا تركية أو تتكلم التركية وتقطن تركية أو آسيا الوسطى، وتزعم الطورانية أن من بتكلمون التركية ويدينون بالإسلام ولهم ثقافة تركية واحدة هم أتراك بغض النظر عن مناطق سكناهم أو تواجدهم . وبذلك أثبتت الطورانية أن القومية التركية هي قومية متزمتة، ترتكز عالى مفاهيم اقطاعية وقبلية ضيقة الأفق.
وتعود الافكار الطورانية إلى كتابات المنظر الرئيسي للحركة الكردي الأصل ( ضياء جوق ألب) 1876- 1924م. الذي ربط الفكر القومي التركي بطوران موطن الحضارة التركية حسب زعمه، وفي الحقيقة قد نسأل ماهي نوعية الحضارة التي أقامها الأتراك..؟ وماهي ثوابت ومفاهيم تلك الحضارةالتي يفترض أن يكون الأتراك قد حملوها معهم إلى شعوب آسيا الصغرى والشرق الاوسط عموماً..؟ وإذا كانوا قدأنتجوا حضارة حقاً وذات مفاهيم وركائز، فإنها لن تكون سوى ركائز قائمة على التعصب القومي، وأبتلاع الشعوب والمجازر وسفك الدماء..الخ . ويذهب ضياء جوق ألب أيضاً، إلى أن تركية هي قائدة الشعوب وملهمتها وعلى الجميع أن يتحولوا إلى أتراك، وترتكز نظريته على ثلاثة مبادء أساسية هي (التتريك- الإسلام – التحديث). وهي كما تظهر أهداف ومبادىء متناقضة، ولكنها لا تزال تشكل محور الحقيقة القومية التركية حتى الآن على الرغم من الهجوم المرير على الإسلام في فترة من الفترات أي في عهد كمال أتاتورك، ألا ان الإسلام الذي ظهر غريباً في المجتمع التركي وبدأ يعود غريباً ومستغلاً كما هو شانتها مع الحكام الأتراك في كل مرة، ونعني بأن هذا الإسلام المسيس بدأ يرسخ أقدامه بين بين الناس المغرر بهم من قبل حكامهم شيئاً قشيئاً في تربة مهيأة لقبوله والحفاوة به. ونلاحظ أن الإسلام الذي شكل أحد المبادىء الثلاثة قد أستغل هنا لصالح القومية التركية بأجلى صوره وتم قلب مفاهيمه وموازينه رأساً على عقب (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) – ولافضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى- . فالتتريك والإسلام مفهومان متناقضان تماماً. أما التحديث الذي يقصده فمعناه هو سلخ الجلد التركي وإلباسه جلود أوروبية، وهذا تناقض آخر بين الأصالة التركية التي يدعيها جوق ألب وبين الدعوة إلى متغرب مشوه الجسد والمفاهيم، منقطع المنبت والجذور، فالتحديث يجب أن ترتكز على الأصالة والتراث وأتخاذهما تربة صالحة لشجرة راسخة تزهو بالبراعم والأفرع الغضة، حتى تفوح منها روائح تمتزج فيها الدم بالدمع لتهب منها على الأجساد أنسام، نعم لتهب منها روائح عرق الأجداد ونفحات أهازيجهم الحماسية الوطنية وقعقعة سلاحهم، وهم يدافعون عن ثرى الوطن وسماءه.
لكن كتابات ضياء جوق ونظرياته جاءت بخلاف ذلك، لأنه وضع نصب عينيه ضم الشعوب المسلمة وغير المسلمة تحت راية الدولة التركية وقيادتها من قبل هذه الدولة ذات السيماءات الغربية، ليصار بالتالي إلى تتريكها وصهرها ودمجها في شعب واحد هو الشعب التركي. كان ضياء ألب عضواً في (جمعية تركيا الفتاة) حيبما بدأ يبشر بآرائه العجيبة تلك والبعيدة عن كل الأعراف والشرائع الإنسانية وقوانينها، جاء ذلك في مقالة نشرها في مجلة (أقلام شابة) التي كان يصدرها جمع من المثقفين الأتراك في مدينة (سالونيك) اليونانية بعنوان (فلسفة معاصرة) والمعاصرة لديه تعني التتريك والتغرب ولا شيء غيرهما. هذا الرجل إذا تسنى لأحدنا أن يعصره فلن يحصل منه إلا على الحقد والتعصب، فمقالته تلك جاءت مشبعة بروح الشوفينية والأنكار القومي وهي فلسفة البرجوازية التركية ووسيلتها للتوسع على حساب الاخرين وتتريكهم أو إبادتهم. يطبقونها حتى اليوم على الشعوب التي تضمهم حدود تركيا الحالية من أكراد وعرب وأرمن وغيرهم. لقد ظهرت آراء ضياء ألب في مؤلفات عديدة أخرى منها (التتريك والإسلام والعنصرية) وكتاب (تاريخ الحضارة التركية). ثم (الأخلاق والعادات التركية). لم يكن الرجل هو الوحيد الذي غاص في وحل الشوفينية والأنكار القومي، بل كان هناك متعصبون أتراك آخرون أمثال (حسن زادة علي بك) و(أكتشور أوغلو يوسف بك) وآخرون غيرهم. هذه الإيديولوجية تشكل إحدى الركائز الستعمارية في المنطقة، وتأخذ طابعاً عدوانياً تجاه الشعوب المجاورة التي ذاقت الأمرين من إيديولوجية بهذا الحجم من التوحش وأنعدام الأخلاق، ولا يخض على الباحث في هذا المجال ماتدعو إليه (الجامعة الطورانية) في نظرياتها التي تبرر العدوان على الغير، عن طريق الزعم بأن العنصر التركي هو بطبيعته متفوق على العناصر الأخرى، ولذلك على الشعوب الوضيعة المجاورة أن تخضع للعنصر التركي المتفوق حضارياً وبيولوجياً أيضاً. الأمر الذي أدى إلى توفير حجج تبريرية لتطبيق سياسة الصهر القومي والإبادة الجماعية بحق تلك الشعوب الوضيعة داخل تركيا وخارجها أيضاً، والمقولة الطورانية (لا توجد في تركيا مشكلة عرقية، وأن جميع المواطنين هم أتراك) هي خير ما تمثل هذا الأتجاه.
وذلك كله تعبير عن أستخفاف البرجوازية التركية بمشاعر الإنسانية، وإهانة للشعب التركي نفسه قبل غيره، لأن تلك الأفكار لا تزال سارية المفعول ويتسلح بها البرجوازية التركية الحاكمة العميلة للأحتكارات الغربية ومصالحها، وهي في الوقت نفسه أفكار ونظريات تخدم الطبقات الأستغلالية السائدة، ودعاة التتريك وغلاة الصهر القومي، وتجنح إلى تأجيج نيران الأحقاد الدينية و القومية وإلهاء الجماهير الشعبية المسحوقة عن النضالات الثورية، وإلى طمس الفوارق الطبقية بشكل مصطنع لصالح فئة أو ليغارشية متنفذة والتي أثبتت أنها لا تتحكم في رقاب البلاد والعباد وأرزقهم فحسب، بل في مفاهيمهم الروحية أيضاً.
ولذا فهي فئة متسلحة بالأموال، كما أنها متسلحة بنظريات أجتماعية تساعد على التأثير في الجماهير الكادحة وجرها خلفها لتحقيق مآربها فقط دون هذه الجماهير التي خدعت مرات عديدة بما تقوله الطورانية من أن (هناك أمة موحدة قائمة في تركية وهي لا تعرف الطبقات والإمتيازات وأن هذه الأمة هي تركية). ألا أن العلمانية على النمط التركي تظهر فيما بعد على يد (مصطفى كمال) 1881-1938م . وذلك الضابط الألباني واليهودي الأصل (الدونما) والذي أصبح منقذ الأتراك ووالدهم (أتاتورك) أيضاً. بدأ الرجل عهده بإصدار قانون العلمانية في دولته الحديثة التي أسسها عام 1923م ، وهذا القانون ينص بالحرف على حذف عبارة (الإسلام هو دين الدولة). وبذلك تمكن من إقامة دولة علمانية، متغربة، تابعة،برجوازية الطابع، على أنقاض الدولة العثمانية وبركائز غربية هشة، لم تسعفها في الوقوف على قدميها سوى الظروف الدولية المضطربة وقيام ثورة أكتوبر الأشتراكية وما تمخض عنها من نشوء الأتحاد السوفييتي الذي أعتبر وقتها حركة أتاتورك حركة تحررية، تقدمية تقارع دولتي الأستعمار الكبيرتين انكلترا وفرنسة و المستعمرين عموماً بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها الأيديولوجية الكمالية التي جعلت من تركية دولة تقدمية ومن منظار سوفييتي، ثم قوة شخصية مصطفى كمال، وبروز الخطر الشيوعي الذي جعلت الدول الغربية تتطلع إلى تحويل تركيا إلى رأس حربة موجهة إلى خاصرة الأتحاد السوفييتي مستقبلاً، ولكبح جماح هذه الدولة التي باتت تشكل بعقيدتها الماركسية خطراً مميتاً على المصالح الغربية، وقد تحقق لها ما أرادت، وإذ سرعان ما أشاح أتاتورك بوجهه عن السوفييت، حلفاء الأمس ويمم شطر الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا محاولاً الأقتداء بهما وخلق وتطوير دولة تركية ذات صبغة غربية خالصة مجردة من ميراثها الديني ومن علاقاتها التاريخية مع شعوب الشرق الأوسط المسلمة، فأسس (حزب الشعب التركي) كعامل تحديث وتغيير، ولكن عدم أهلية المجتمع التركي لمثل هذه التغيرات أدى إلى خلق وبروز تناقضات عميقة في بنيته حيث يصعب عليه القبول بمثل هذه المفاهيم التي فرضت عليه تحت ضغط شخصية مصطفى كمال القوية التأثير، وبموته سيطر الديموقراطيون على مقاليد الأمور في البلاد بقيادة (جلال بيار) و (عدنان مندريس) من عام 1950-1960م ولم يلبث ان أعدم عدنان مندريس على يد الجيش بأنقلاب عسكري عنيف، فعادت على أثرها الكمالية إلى واجهة الحياة السياسية التركية لأن الجنرالات كانوا على الدوام هم الأتباع المخلصون للمفاهيم الكمالية وأفكارها المتعصبة، ولا يزال حتى اليوم يشكل الجيش مدرسة الكمالية وقلعتها الحصينة. لعب مصطفى دوراً هاماً وأساسياً في تاريخ تركيا الحديثة جامعاً في نفسه بين متناقضين أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فالدور الإيجابي له يتمثل في إنقاذه الشعب التركي ومنعه من الوقوع تحت براثن الإستعمارين الأنكليزي والفرنسي وخلقه دولة تركيا حديثة تتمتع بالأستقلال والحرية الكاملة. ولكنه وهذا هو دوره السلبي المناقض للأول، فقد أثبت من خلال هذا الدور أنه قومي متعصب، وتعصبه هذا جعل من البرجوازية التركية واحدة من أكثر برجوازيات العالم تعصباً لقوميتها القائمة على أنكار الآخر، وضيق الأفق الشديد المجرد من كل المفاهيم الإنسانية، ومما زاد لبطين بلة هو وجودها كبرجوازية كومبرادورية، عميلة ومرتبطة بمصالح وأحتكارات الدول الغربية وتمكنت هذه البرجوازية الكومبرادورية أن ترسخ أقدامها شيئاً فشيئاً وتعشش في تربة بلادها لتجعل منها مرتعاً خصباً لجشع أسيادها اللامحدود في الغرب، والتسامح مع هؤلاء في سرقة لقمة الطبقات التركية الفقيرة المتضورة جوعاً والتي تشكل غالبية الشعب التركي وكذلك الشعوب التي تتحكم تلك البرجوازية في رقابها، لتحصل  على كل ما يريد منها، كأيدي عاملة رخيصة في مصانعها ومعاملها القائمة في المدن التركية الكبرى.
وفي الحقيقة كان كمال أتاتورك وحتى وفاته، قومياً متعصباً وتركياً فاشياً، كما كان تفكيره في جانب آخر منه لا يخرج عن إطار (الرابطة الإسلامية) والوحدة الطورانية، وأثبت أيضاً أنه شخصية جمعت  بين الدهاء اليهودي والعنف التركي. لقد كان في ذهن هذا الرجل فكرة أنتزاع تركية من محيطها الإسلامي والشرق أوسطي وتحويلها إلى دولة أوربية مزدهة إقتصادياً ومتقدمة اجتماعياً، ولتتفوق على ما تحيط بها من دول نامية أخرى، ولتكون بعمالتها للغرب، سيف ويموقليدس المسلط على رقاب شعوب تلك الدول التي نفدت من الأستعمار الغربي ونالت حريتها بعد بذل دماء سخية، الأمر الذي أكسب تركية عداواة تقليدية في المنطقة، أضرت بمصالحها قبل غيرها. لقد أرتآى أتاتورك التفريط بكل القيم الأجتماعية والدينية والخلقية للأتراك ويجعل منهم أتباعاً ومقلدين للمجتمعات الغربية التي لم تصل إلى أوضاعها الحالية من التقدم والتطور إلا بعد مرورها بمراحل طويلة من الجهد والعمل المتواصل، في ميادين السياسة والأجتماع والإختراعات وبعد ثورات دامية وجهود مضنية كلفت الكثير من الضحايا والأموال. ألا أن الكمالية حاولت اللحاق بهؤلاء بقفزات واسعة وغير موزونة ولئن كانت القفزات الأولى منها موفقة بعض الشيء وساعدت على تحرر الشعب التركي من الأستعمار ومن حكم السلاطين، فكانت التي تليها غير منسجمة مع مصالح غالبية الشعب التركي وكذلك الشعوب التي ضمتها تركية. هذه الأمور باتت الآن تخدم أقلية برجوازية أستحوذت على مقدرات البلاد وأغتصبت أراضي شعوب عريقة في الشرق الأوسط، كالأكراد والأرمن والعرب مثلاً، ودبرت بحقها المجازر وسلبت منها أرضها وتراثها وتاريخها أيضاً، هذه الأمور دفعت البرجوازية الحاكمة أن تعلن عما يمكن أن نسميه بشهر العسل بينها وبين قرائنها في الغرب والأمريكيين منهم بشكل خاص، فتحولت تركيا من خلالها إلى امرأة متعددة الأزواج ولكنها مهددة دائماً بالطلاق وخاصة بعد انهيار الأتحاد السوفييتي السابق، فبدأت تبحث عن أزواج آخرين على حد قول الرئيس الليبي (العقيد معمر القذافي).
فتركيا لن تستطيع اليوم الإستمرار في نهجها القائم على العنف تجاه الشعوب التي سلبتها كما هي آمالها وتطلعاتها، هذه الشعوب التي ما فتئت تتطلع إلى اليوم الذي تسترد فيه كرامتها وإنسانيتها، يضاف إلى ذلك وجود دولة قوية كروسيا على حدودها الشمالية، ومشاكل مع شعوب مجاورة لها، معها ماض تاريخي غير مشرف الأمر الذي عرض الدولة الكمالية إلى حالة من عدم أستقرار مزمن، وإلى محاولات الشعوب الإنتقام والثأرلنفسها، مما حدا بهذه الدولة إلى قبول وصاية دول الغرب عليها لتحميها من الثورات الجارية والمقبلة لهذه الشعوب دفاعاً عن حقوقها، كما حدث ويحدث الآن في علاقاتها مع الأكراد والارمن واليونان. وهكذا فالأتراك – وكما رايناهم – هم بالأصل من شعوب آسيا الوسطى الذين هاجروا إلى مواطنهم الحالية حديثاً وتوسعوا على حساب الأراضي الغير
بعدما تجيروهم وإبادتهم ومن ثم الإحلال محلهم، فهم بذلك لايملكوأصالة شعوب المنطقة بل يجدون أنفسهم وسط شعوب ليست على وفاق معهم، وكانت غافية فيما مضى وباتت تستيقظ الآن تطالب حكام الأتراك بدفع فواتير حسابات المذابح والتهجير، وإذا لم تتخل تركيا عن سياستها الكمالية فسترضى بزيد من التبعية لدولة قوية كالولايات المتحدة الأمريكية كما هو حاصل اليوم، لتحميها وتدافع عنها ضد أعدائها الداخلين والخارجين على السواء وليتسنى لها الحصول على مصادر تتدفق منها الأسلحة عليها لتستعملها في الداخل والخارج وبنفس الوتيرة، وكانت الخطوة الواسعة التي أبعدت بها تركيا عن محيطها الشرق أوسطي هي انضمامها إلى الحلف الأطلسي عام 1959  وبها استكمل خضوع تركيا للغرب بشكل كامل، وأخذت صفة الدولة شبه المستعمرة في بقعة تعد أكثر مناطق العالم حيوية بالنسبة لمصالح الغرب واستراتيجته، وبذلك تكون قد شكلت مع إسرائيل ثنائيا فريدا لدولتين قائمتين على العنف وإرهاب الآخرين واغتصاب أراضيهم، فقد وقعت تركيا اتفاقا عسكريا مع إسرائيل في كانون الأول من العام 1996 م بقيمة (600) مليون دولار لتحديث طائراتها العسكرية من طراز( ف4) وتتطلع إلى عقد اتفاقيات عسكرية جديدة مع إسرائيل الأمر الذي سيعرض علاقاتها مع الدول العربية إلى التأزم، وقد برر وزير الدولة التركي للشؤون الخارجية عبد اللة غول آنذاك، هذا المسعى التركي الذي أعلنه الجنرال المتقاعد ومستشارمؤسسة القوات المسلحة التركية آنذاك المدعو صدقي أورون ذلك بقوله: أن حكومته تضطر أحيانا لأتخاذ خطوات مع إسرائيل لاتحبذها وتجبرها الظروف الداخلية والخارجية عليها، وتابع القول بأن تركيا بحاجة إلى اتفاقيات مع إسرائيل للمساعدة في عملية البناء العسكري في بلاده، خصوصا بعد تردد الولايات المتحدة وأوربا في بيع كميات كبيرة من الأسلحة إليها، وأبلغ أورن صحيفة ( جيروز اليم يوسف ) الإسرائيلية في ذلك الوقت أن تركية ترغب في أن تشارك إسرائيل في خطة كبيرة لتعزيز جيشها بتكاليف تبلغ (150) مليار دولار، وتمتد على (25) عاما. وأوضح أورون أن بلجيكا ألغت أوائل كانون الثاني 1997، صفقة أسلحة إلى تركيا، وقال أن واشنطن تتردد في منحنا ضمانات لشراء مروحيات مقاتلة من طراز(كوبرا) واعتبر أورون أن مثل هذه التطورات هي لمصلحة إسرائيل، وأضاف إذا لم تعطنا بلجيكا السلاح فسنشتريه من مكان آخر، وقال أيضا أن تركيا مهتمة بشكل رئيسي بالدبابة الإسرائيلية من طراز (ميركافا) تطبيقاً لبرنامجها المتعلق بإنتاج (800) دبابة في صفقة تقدر بـ(23) مليار دولار، كما أشار أورون الذي التقى مع ممثلي مؤسسات عسكرية إسرائيلية، إلى المكان مشاركة هؤلاء في معرض للأسلحة والطيران تنظمه القوات المسلحة التركية، وتم ذلك بتوجيه دعوات لزيارة مسؤولين إسرائيليين إلى تركيا وقد زارها بعضهم فعلا وبذلك أثبتت تركيا شراكتها مع إسرائيل وعمالتها للغرب والعمل على تنفيذ السياسات والمخططات المعادية لشعوب المنطقة، انطلاقا من سياسة ترتكز على خلفية تاريخية، تتمثل في الأيدلوجية الكمالية التي تحتقر الآخرين وتسيء إلى كرامة الإنسان. فالعرب في عرفهم متخلفون وسيئو الطباع فقد خانوا الأتراك المسلمين وتعاونوا مع الإنكليز أعداء الدين، والأكراد متوحشون، لايملكون صفات البشر، والأرمن كفار نجسون وغير ذلك من النعوت الونية التي يسبغونها على الغير. وبعد الحرب العالمية الأولى كانت تركيا ذاتها معرضة للأنهيار والتفكك، لولا شخصية (مصطفى كمال) القوية وعنفه وقسوته الزائدتان ومراوغته الماكرة التي استخدمها في محيطه الخارجي مع الدول الكبرى وفي الداخل ضد القوميات المستضعفة التي ضمتها حدود تركيا، وقد حالفه الحظ ونجح في مسعاه واستطاع الحصول على دعم الأتحاد السوفيتي له، كما تمكن من إقناع الأكراد وشعوب تركيا الأخرى المسلمة بأن تركيا، قلعة الإسلام تتعرض لهجمات الكفار وطلب منهم الجهاد في سبيل الله فهب الجميع لنجدته وحققوا له ماكان يصبوإليه، وتم بذلك إبعاد الكفار عن ديار الإسلام، حينها ظهر الرجل بمظهر المنقذ للشعب التركي فسمي مذ ذاك بـ(كمال أتاتورك) أي أبو الأتراك، وأصبح الرجل الأول في تركيا، نافذ الكلمة، مرهوب الجانب، محبوبا من الشعب بفضل الأنتصارات التي تحققت بدماء الشعوب التركية وللدعاية التي وفرها لحركته، فبدأ يأمر وينهي ويصدر المراسيم والقرارات، بحيث لايقف في طريق قراراته شيء، حتى جاء يوم تجرأ فيه الرجل على الإسلام الذي رأى فيه العقبة الكبرى في وجه طموحاته القاضية بالتغيير والتحديث في تركية، فعمل على إنهاء الإسلام، كدين رسمي للدولة وحاول إضعافه في الصدور أيضا، فألغى الخلافة وجمع بين الأعياد الدينية وأعياد الجمهورية، وفصل الإسلام عن االدولة، مقتديا في ذلك بالأوربيين عندما أقاموا دولتهم القومية وفصلوا الدولة عن الكنيسة.
جعل مصطفى كمال العطلة الأسبوعية في يوم الأحد بدلا من يوم الجمعة، وهذا ارتداد صريح عن الأسلام والسير بتركيا ليس إلى العلمانية فقط بل إلباسها مسحة مسيحية أيضا، كما ألغى أتاتورك المحاكم الدينية، وأصدر في عام 1925 م قرارا يقضي بحظر الطرق والمجموعات الدينية ومنع زيارة أضرحة الأولياء والتبرك بها، كما اعتاد على ذلك الشعب التركي، ولم يسلم القرآن منه أيضا فترجم إلى اللغة التركية وتم استبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني في اللغة التركية، وهاجم الطربوش ومنع لبسه. في كل هذه الأمور كان أتاتورك يرى تناقضا بين الذهن العلمي المنفتح على العقلانية والتنوير على القوانين الطبيعية، وبين الذهن الغيبي الديني المنغلق على نفسه، وبذلك حاول غسل المجتمع التركي من الإسلام بمساحيق أوربية والتخلص من الله في سماء تركيا بضربة واحدة. فتحولت تركيا ولاتزال إلى دولة يحتكرها العسكر المشبعون بروح الكمالية، وهم يحكمون من وراء قناع ديمقراطي مؤقت يمكن رفعه بسهولة في حال تعرض الكمالية لسوء، كما حدث في 12 أيلول عام 1980 م عندما استولى الجيش بقيادة الجنرال (كنعان أفرين) على الحكم بانقلاب عسكري على حكومة السيد سليمان ديميرال الرئيس السابق للجمهورية، وكما حدث عندما أنذرت وزارة الدفاع حكومة السيد (نجم الدين أربكان) الإسلامية ورئيس حزب الرفاه الإسلامي الذي فاز في الأنتخابات البرلمانية آنذاك، وكان الإنذار وبالحرف الواحد (أنه لن يسمح بأي تغير أو مساس بمبادىء الكمالية). وتجلى ذلك أيضا بالأتفاقية الأمنية التي عقدها الجنرالات مع إسرائيل في 23 / 3 / 1996 م من وراء ظهر السياسيين، والذين قال معظمهم وحتى رئيس الوزراء السابق أربكان، أنهم لايعلمون عن مضمونها شيئا ألا أن الكمالية تتعرض لاهتزاز وتنهار يوما بعد آخر، وذلك بفعل حدثين كبيرين، أولهما استيقاظ الوعي القومي الكردي، وثانيهما العودة المسيسة للدين الإسلامي كظاهرة يمكن أن تكنس أمامها بقايا الكمالية بشكل كامل إذا لم تحدث تطورات عسكرية عنيفة، قد تطيل عمرها ولو إلى حين، ولكن ومع الأسف فقد خيب حزب العدالة والتنمية آمال الشعب وأصبح يقسو على الشعب الكردي بشكل خاص ويحاول مسحه من الوجود! بعد أن وعد هذا الشعب بحل مشكلته المزمنة مع الحكومات التركية المتعاقبة، ولكن لم يف أردوغان بوعوده للشعب الكردي بل لجأ إلى المراوغة والتضليل ويحاول خداع المتدينين منهم، على أنه سيف الشريعة الإسلامية، وفي الحقيقة هو ليس إلا سيف للشروللعنصرية البغيضة.
وبعد سبعين عاما من وفاة أتاتورك1938 م، الذي جلبت أفكاره لتركيا خلافات مع الجيران وتقوقعت وانعزلت عن الشرق الأوسط الذي هي جزء منها، وفتحت أبوابها الشمالية على أوربا والغرب فقط فأصبحت ألعوبة بيد الدول الأستعمارية السابقة والتي لها ماض غير مشرف في المنطقة، الأمر الذي أدى برئيس الوزراء الإيراني (مير حسين موسوي) أثناء زيارته لتركيا عام 1987. إلى الأمتناع عن زيارة قبر أتاتورك ووضع إكليل الزهور عليه، فاعتبر الأتراك ذلك أهانة صريحة موجهة إلى افكار الرجل وأتباعه الذين تقبلوا ذلك على مضض، كما رفض (نلسون مانديلا) زعيم جنوب أفريقا السابق استلام جائزة كمال أتاتورك وحينما سئل الناطق باسمه عن سبب الرفض، أجاب (إن من يريد أن يعرف لماذا؟ عليه أن يعتبر نفسه كرديا لمدة خمس دقائق عندئذ سيعرف لماذا رفض مانديلا الجائزة) وهو كلام معبر جدا عن معاناة الأكراد على يد أحفاد هذا الرجل المتسلحين بأفكاره الطورانية الشوفينية، ويظهر مدى مبدئية مانديلا الثوري الرافض لألاعيب البرجوازية وطريقتها في شراء ذمم وضمائر الناس الثوريين بالأموال والرشوة.
……………………  
المصادر:
اقتباسات من كتب الإستشراق الروسي

من جرائد متنوعة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…