خيانات عن الألمانية

أدريان كاسنيتز 

  كان اليوم لا بأس به
1974- فورمديت
خليج كولن

النظرة على البحر
الساحل الذي بلا حراك
الأمواج المتحجّرة
التجوّل في الجبال
حصر أصوات
الغارقين في الفضاءات
الصدى من الوهاد
الصدى الذي يعجّل علينا.
•••
من فيستفالن المتجبّلة

في زمن ذوبان الثلج ماءٌ
بارد وصاف كما نداء
صوتك أردواز مأخوذ بالدوران
قبلة حيث يكون ممكنا مطبوعة على المعدن
عمود توتّر عال يجسّر الوادي
قاع بغير أيائل قصبيّة
تغنّي لي الغابةُ الوحدة
يذوب، يهطل ثانية الثلج، يذوب.
•••
اللمعان (آذار)

عند استيقاظي قرّرت ألاّ
أقبل بأيّ شيء البتة. لك تحيّتي
أيتها المسافة الواسعة أمام النافذة
التي تصل.
وضوء برامج ما قبل الظهيرة
إنّك تغزوني بأمراضك ومؤكّداتك.
بالطبع، هناك شيء ما فقط صغير
للغاية يبدو على الأفق
ولا يريد زيارتي. كن صديقي
يا لغط الجيران.
•••
وحيدا في ليسبوس

في الأسفل طلع القمر
وشحبت بنات أطلس؛
الليلة موزّعة بين الأصحاب
أمّا ساعاتي فلا؛
والسرير يهدأ بلا أيّ نفس.
•••
بحسب سافو (مقطع)

لا نصطاد السمك، نتسكّع
قليلا بغير جدوى مثلما
سيقانك الرخوة، في التنّورة القصيرة جدّا.
لا نتبادل القبل، نلوذ بالراحة.
أعددت أرغفة لنا
في علبة التوبر. آخ كم هنا جميل
تحت الصفصافات المعدودة.
نحن لسنا نحن، فقط صدفة
سوء حظّ، تبرير مفوّت الأوان.
تتكلّمين بالإشارات، وأنا
أومئ إلى البعيد. تجري الأسماك
هابطة نهر الرور.
•••
بوهيميا على البحر

في كرة الثلج المدينة
المدينة تحت الماء
الماء يتسرّب إلى الأقنية
الأقنية تحت الجسر
الجسر المهتزّ بقدّيسيه المتصدّعين
القدّيسون بلا رحمة
بلا رحمة مع الحيوان المطلق سراحه
الحيوان من حديقة الحيوان
من حديقة حيوان التلفزيون الفارّة
فرار صغير في اتجاه هامبورغ
في اتجاه بحر الشمال والتنبؤ
التنبؤ بأنّ بوهيميا تقع على البحر
على بحر وفي كرة ثلج.
•••
مصنع فورد الشماليّ

لا ريح، لا هيراكليس
ليكنس القاعات، ليبعد الأبخرة
من الأجساد
ليضيّق على حرارة الماكنات.
رائحة العرق على مواضع التلحيم
في القواعد وهياكل السيّارات
كأنّما يلعب مشهد فوق مرحاض
العاملات (في المجموعة: لا كلمة
تسمع): غناء أذرعة الروبوترات
سيلان خضاب الألوان، زعيق
عربات الشحن المنتظرة، قرقعة
السيّارات المصفوفة في الشمس، قبل نوبة العمل.
•••
الكلبة الأولى في الفضاء

الضياع المفاجئ للجاذبيّة الأرضيّة
كرفسة في موضع المعدة
وفي محيط الفم جريان عال للعاب
القيء الذي لا يمكنه أن يجري
على الأرض
الأيّام الخمسة التي تبقى لك
لكي تحيّي برج الكلب الكبير
الشهقات الخمس قبل أن يهمد
نفسك في السكون.
•••
الرايشتاغ في المطر

وتعويج على الميدان
حيث الماء المنادى من الماء
يقف في عمق ورشات البناء
ترتيب مفكّك لنقاط صفراء
تظهر في الرماديّ/ تكسّر
رماديّ جدار الطقس
أصحاب الخوذ الذين يتحرّكون
مرهقين في البيتون.
•••
كان اليوم لا بأس به

كان اليوم لا بأس به. ليس هكذا سيئا
كان الدم من الأخبار. الصور انهالت
مثل الثلج
في غابة
أثناء الصقيع.
التسلّي كان كبيرا، أحاديث متميّزة.
البرلينيّون نادوا بهمّتهم
ورغبتهم في اختراع كلّ شيء من جديد.
أهو حقيقيّ، ما نشاهده؟ تسألين
البريق المائل إلى الأزرق لورق الجدران.
دعنا نجدّده، اقترحتِ، بأقلّ خوف.
اليوم أعطيت موافقتي.
•••
champs élysée

رجال الأعمال في ليموزيناتهم
باحثين عن مواضع صفّها بنظرة
متراخية من قبل آلات التركين الأتوماتيكيّة
يقظة الآلات التي في جوفها تنام القطع النقديّة
كالأطفال
قطع نوم نقديّة تنتظر الأمير من أميركا
ككلاب حزينة تنتظر الطباخ معذّبها.
مطاعم تلمع وترجع اللمعان.
نادلات في أفكار قصيرة للغاية
يأتين بالطعام ويمسحن البقايا.
في مؤشر الوقت
يبقى الزمن كسجين في موقف باص.
الوصلة الأخيرة مقطوعة
وجانحان بحقائب ظهر عملاقة
كأنّما يجرّان الغرانيت.
كنّاس شوارع
بالمارسيليه على الشفاه المتورّمة
ذاهبا إلى بيته بعد كنس الأعداء.

ترجمة عبد الرحمن عفيف     

——–
جريدة النهار – الأربعاء 24 أيلول 2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…