الموسيقار زرياب كردي الاصل

الباحث الموسيقي مهيمن إبراهيم الجزراوي *

     لقد لفت انتباهي عند إطلاعي على بعض المصادر والمراجع العلمية للباحثين والعلماء الأجانب والمستشرقين حول نسب الموسيقار المعروف أبو الحسن علي بن نافع والملقب بـ (زرياب) انه كان كردي الأصل ، وهذا ما ذكره الباحث عبد الله جمال أشرف في بحثه الموسوم (عناصر الأغاني الفلكلورية الكردية في العراق) وهي رسالة ماجستير (غير منشورة) مقدمة إلى قسم الفنون الموسيقية ، كلية الفنون الجميلة ، جامعة بغداد في العام 1998م ، وجرت تحت إشراف الأستاذ الدكتور طارق حسون فريد ، وهذا الموضوع لم تتم الإشارة إليه من قبل أغلب المصادر والمراجع العربية الأخرى التي تناولت حياة الموسيقار زرياب بالبحث والدراسة والتوثيق 
وهي حقيقة يستند عليها الباحث عبد الله جمال في الصفحة رقم (12) من رسالته إذ يذكر (أن المستشرق الفرنسي (توما بوا) يقول أن الموسيقار المعروف زرياب الذي أضاف الوتر الخامس إلى آلة العود في الفترة العباسية هو من أصل كردي) وهذا النص قام بترجمته الباحث إلى اللغة العربية من كتاب (آلات الموسيقى الكردية) الذي صدر باللغة الكردية لمؤلفه (وريا احمد) في أربيل ، إقليم كردستان العراق ، مطبعة الثقافة والشباب ، عام 1989م ، وبعد البحث والتقصي حول هذا الموضوع ، وجدت تأكيدا لهذه المعلومة تخبرنا به المستشرقة الألمانية الشهيرة الدكتورة (زيغريد هونكه)  Dr.Sigrid Hunkeفي كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب – أثر الحضارة العربية في أوربة) والمترجم عن اللغة الألمانية من قبل كل من الأساتذة فاروق سعيد بيضون ، وكمال دسوقي ونشر من قبل المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت ، الطبعة الثانية العام 1969م ، ومن الجدير بالذكر أن المستشرقة الألمانية الشهيرة الدكتورة (زيغريد هونكه) هي زوجة المستشرق الألماني الكبير الدكتور (شولتزا) واللذين دعتهما الحكومة العراقية في صيف عام 1961م لزيارة بغداد تقديرا لجهودهما العلمية ، إذ تذكر في الصفحة رقم (488) من كتابها (أن الفتى الكردي زرياب كان من المع التلاميذ في مدرسة أستاذه اسحق بن إبراهيم الموصلي ، وقد امتاز بقدرته الفائقة في الموسيقى) ، والمفارقة التي استوقفتني عند قراءتي لصفحات الكتاب انه يروي أفضال العرب على الغرب في كافة العلوم والآداب والفنون ومنها العلوم والفنون الموسيقية التي انتقلت عن طريق أسبانيا إلى باقي الدول الأوربية من خلال الموسيقار زرياب الذي أتضح في النهاية انه كردي الأصل وليس عربيا كما مبين في الكتاب ، أما المؤلف سيمون جارجي وهو الأستاذ في جامعة جنيف في كتابه (الموسيقى العربية) والصادر بطبعتين مترجمتين إلى اللغة العربية ، فيذكر لنا في الإصدار الأول ترجمة عبد الله نعمان ، سلسلة ماذا اعرف (26) ، جونيه – فرنسا ، المطبعة البوليسية ، في العام 1977م ، في الصفحة رقم (48) (أن زرياب من أصل فارسي). وفي الإصدار الثاني لنفس الكتاب ترجمة جمال الخياط ، وزارة الثقافة والإعلام ، الطبعة الأولى ، بغداد ، دار الشؤون الثقافية العامة ، في العام 1989م ، في الصفحة رقم (44) ، لم يذكر المترجم أي شيء عن أصل زرياب ، ولذلك علينا الرجوع إلى النسخة الأصلية للكتاب باللغة الفرنسية للتأكد من ما كتبه المؤلف بهذا الخصوص لوجود هذا الاختلاف والتناقض في نص الترجمتين المذكورة أعلاه والتحقق من صحتهما. أما الحجي في كتابه (تاريخ الموسيقى الأندلسية) يؤكد ما جاء به سيمون جارجي في إصداره الأول ترجمة عبد الله نعمان إذ يقول في الصفحة رقم (25) عن اصل زرياب انه (كان للخليفة المهدي العباسي مولى فارسي الأصل بغدادي الثقافة والنشأة قرطبي المهجر والإقامة). وبعد ما ورد في أعلاه من آراء متباينة ومتناقضة ، أتوجه بدعوة صادقة لجميع الباحثين والمتخصصين وذوي العلاقة في هذا المجال لمراجعة أمهات كتب التاريخ المختلفة للوقوف على حقيقة أصل الموسيقار زرياب وتأكيدها ودعمها بالوثائق والحقائق الدامغة ، فنحن لا نزال نجهل الوثائق التاريخية التي استند عليها هؤلاء المؤلفون ، والعلماء ، والمستشرقون في كتاباتهم ومؤلفاتهم العلمية.

—-
* ماجستير علوم موسيقية
كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد
 mohymen_aljazrawi@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…