كأنني

  إلى الشاعر المخضرم.. المعتق.. عبد المقصد الحسيني…
صاحب موسوعة «الوقائع الغريبة في غسل الشوارب ببول العقارب»

شعر: جميل داري

لا لست أعرف عني غير أحزاني * * * كأنني لعبة….. في كف شيطان
كأنني مارد….. في قعر بوتقة * * *  كأنني قزم….. في وسط ميدان
كأنني داخل…. في غور أرمدة * * *  كأنني خارج….. من عمق نيران
كأنني ورياح النفي تعصف بي.. * * *  بيت تصدع…. من أعماق أركان

كأنني شمعة محروقة….. أبدا * * *  في معبد….. مل من أصوات رهبان
كأنني ريشة في البحر.. تنهشها * * *  ريح مجوسية…… من غير إيمان
كأنني في عراء الله….. منتبذ * * *  كأنني ميت…….. من غير أكفان
كأنني سائر في النوم…. متجه * * *   نحو الفراغ بلا وعي….. وعرفان
كأنني ضا ئع….. ما بين أودية  * * *  ضاعت مفاتيح روحي ضاع عنواني
كأنني” الشنفرى” في نبذ فلسفة * * *  ترسخت…… منذ أزمان وأزمان
كأنني روضة…. جفت منابعها * * *  كأنني شبح…… في شكل إنسان
كأنني بقيود الحرف… معتصم * * *  أصوغ أخيلتي…… من خلف قضبان
كأني نمر… قد عاش في قفص * * *  دهرا…… وأضحى جبانا مثل فئران
كأنني دم مقتول… أريق سدى * * *  وليس ثمة ثأر….. طوع غضبان
كأنني في كهوف الشرق مختنق * * *  يلهو به عبثا…… كرباج سجان
كأنني صدأ التاريخ….. أقرؤني * * *  أحرقت أشرعتي…… أحرقت نيراني
كأنني ملك…. من دون حاشية * * *  يدير مملكة……. ملأى بأوثان
كإنني فاتح…. في أرض أندلس * * *  أبيد سكانها……. من أجل سكاني
كأنني حجر الطاحون.. جعجعة * * *  من يأسه المترامي…… مات طحاني
                                   ***************

لا لست أذكر عني غير أحزاني * * *  وغيرقافيتي الظمأى….. وأوزاني
كأنني حارس الأحلام.. سارقها * * *  أحمي حماها……كلص جد خوان
كأنني نائم….. يجترني حلم * * *  فيه أرى شر ذئب ضيف خرفان…
كأنني شاهد…. للزور محترف * * *  فمنذ أزمنة…… كسرت ميزاني
كأنني أزمة في الأرض شائعة * * *  تقض مضجع عطشان…. وجوعان
كأنني جبل…. هزته عاصفة * * *  وأرغمته على ذل…… وإذعان
كأنني فارس…. مقطوعة يده * * *  كأنني ضفدع……. في شدق ثعبان
كأنني في خضم اليأس مروحة * * *   تخفف الحر عن قبر…… وجثمان
كأنني القلم الكذاب…. لا أحد * * *  يرى عليه سوى…… أصداء بهتان
كأنني…. وهموم النفي جاثمة * * *  تلويحة لغريب…….. جد ولهان
كأنني أجرب… حلا ومرتحلا * * *  ولا مكان لروحي…… بين خلاني
كأنني طائر.. من غير أجنحة * * *  مكانه أبدا…… أغوار وديان
كأنني نغمة وردية …. سفكت * * *  على يدي مجرم…… سفاح ألحان
كأنني موجة سحرية.. سرقت * * *  فالبحر يبدو بلا موج…. وشطآن
كأنني ظل” شرمولا” على يدها * * *  قرأت سورة إنجيلي… وقرآني
كأنني الآن من عبد ومن أمة * * *  كلاهما أبد الدهر…. بلا شان
كأنني سالب المسكين لقمته .. * * *  ومانع كل ماعون…. وإحسان
كأنني والورى نهب ومنتهب * * *   نار مؤججة….. في جوف بركان
كأنني سلة…. للماء جامعة * * *   كم خيبت ظن ملهوف… وظمآن
كأنني نبع آثام مدفقة ….. * * *  فكيف أحلم أن أحظى برضوان ؟
كأنني نادل التاريخ…. أخدمه * * *  أزجي الكؤوس لفرعون.. وهامان
كأنني أرفض الدنيا… وآخرة * * *  فلامذاق لشيء…. دون عصيان
كأنني… ونجوم الحلم مطفأة * * *  أعمى يبيع العمى في سوق عميان
كأنني طعنة…. في ظهر قافية * * *  كأنني خمرة…. في رأس سكران
كأنني فائض لا لا ضرورة لي * * *  يضيق بي كل ضرطان  وخريان 
                               **********

خسرت كل لهيبي… كل أثفيتي * * *  لا أملك الآن إلا….. طيف ألوان
لا لن أكسر مرآتي.. لأرضيكم * * *  ولن أبدل وجهي….  حسب أثمان
لم أرتكب أي ذنب ضد عاطفتي * * *  ولم أقبل يدي ظلم…….  وطغيان
وما صفقت لتهريج… وسفسطة * * *  وما سجدت لأوثان…… وسلطان
أما الخضوع لذا أو ذا فمضيعة * * *  يبوء صاحبه- حتما-…… بخسران
وحدي وليس معي من مالئ قدحي * * *  جمر المدى… فتعالي….. يا بنة الحان
إني أدندن للريح الهبوب.. عسى  * * *   أن ينبع النور…. من ديجور أوطان
لا شيء يعصمني من فيض أخيلتي * * *  فمن يودعني….. في ليل هجراني؟
                                   *********

يا قارئ الشعر…. لا تهزأ بعاطفتي * * *  فالشعر أدبني….. والشعر رباني
تبارك الشعر…… أحلاما وأخيلة * * * أكرم به أبدا…… من هادم.. بان  
أدمنت نزفي …… حتى لا شفاء له * * *  ولا غنى لي…… عن نزفي وإدماني
“أيشتكي الفقر غادينا….. ورائحنا * * *  ونحن نمشي على ما س ومرجان؟”
الانتهازي……. ما ينفك يأكلنا * * *   في كل معترك….. في كل ميدان
المبدئية….. قد صارت متاجرة * * *  بكل معتقد سام ….. بأديان
لا ليس للإفك ناموس…. ولا شرف * * *  اكذب لتحظى بأزلام….. وأعوان
أأهرب الآن من نفسي.. ومن زمني * * *  إلى أماكن لم تدنس بأدران…..؟
حتى الطبيعة…. قد جفت مشاعرها * * *  فليس يردعها…… مأساة إنسان
حتى العقارب… قد أضحت ببلهنية * * *  تلهو وتمرح في عز….. وسلطان
حتى السماء تهاوت…. فوق هاوية * * *  فوق الضحية يلهو. .يرقص الجاني
                              *************
” دع العقارب…. لا ترحل لبغيتها * * *  واقعد…. فإنك أنت الكاهن الواني”
دع الصباح….. يرود الأفق مكتئبا * * *  فليس فيه سوى أضغاث فنجان….
الصيف…ما عاد للأصياف نكهتها * * *  غارت… كما غار في الأفق نجمان
ألم تزل في جحور الحرف مأدبة.. * * *  وحق ذقنك….. لم أنعم بأذقان..؟
كل الذين مضوا في الريح مسكنهم * * *  ووحدك الآن…. في أبراج نيران
تحصي النمال… وترثي كل نعنعة * * *  يا كاهن الشعر.. والنعناع.. والحان
لا تكترث برحيل الوقت منكسرا… * * *  فأنت أول هذا الوقت…. والثاني
وأنت نكهة أعشاب….. وأتربة * * *  بعادها عن شغاف القلب… أضناني  

خل القصيدة تلهو في مرابعنا. * * *  وهل سواها يعيد العمر للفاني….؟ 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

Ebdilkerîm Resul

 

ديرك لها بصمات لامعة في سجلها الأدبي والوطني وشخصية اليوم هو المربي الفاضل الأستاذ القدير عدنان بشير الرسول تولد ديرك 1961 نشأ وترعرع في كنف أسرة عريقة

درس الابتدائية بمدرستي خولة بنت الازور ومدرسة المأمون الريفية بديرك

والاعدادية والثانوية بثانوية يوسف العظمة وحصل على الثانوية الأدبية ١٩٨٠

ودخل كلية الحقوق بدمشق وتركها وهو بالسنة الثالثة

تعين معلما وكيلا…

خالد حسو

الذي ينهض فينا مع كل خيبة، ويصفعنا مع كل تكرارٍ للماضي:
هل نحن مؤمنون حقًا بالتغيير والتطوير؟
أم أننا نكتفي بترديد شعاراته في العلن، ثم نغلق عليه الأبواب في دواخلنا؟

التغيير ليس رفاهية فكرية، ولا نزهة في ممرّات القوة،
ولا يُقاس بسلطة الحاكم ولا بعدد الواقفين في الصف.
هو في جوهره موقف،
صرخة أولى تُقال قبل أن تتجسّد،
وثقة جريئة في…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَر الشاعرُ السوري نِزار قَبَّاني ( 1923 دِمَشْق _ 1998 لندن ) أَحَدَ أبرز وأشهر الشُّعَراء العرب في القرن العشرين ، وَهُوَ أكثرُ شُعراء العربية إنتاجًا وشُهرةً ومَبِيعًا وجَمَاهيرية ، بسبب أُسلوبه السَّهْل المُمْتَنِع ، وشَفَافيةِ شِعْرِه ، وغِنائيته ، وبساطته ، وسُهولة الوُصول إلى الجُمهور ، مِمَّا جَعَلَه…

ماهين شيخاني

 

في قلب الجزيرة السورية، وعلى تخوم الخابور والحدود، نشأت بلدة الدرباسية في ثلاثينيات القرن الماضي لتكون أكثر من مجرد نقطة على الخريطة. فقد تحوّلت خلال العقود التالية إلى ملتقى اجتماعي نابض بالحياة، بفضل ما عُرف بـ”المضافات” – تلك المؤسسات الشعبية التي جمعت بين الضيافة، والحوار، والمكانة الاجتماعية.

المضافة: أكثر من مجلس ضيافة

في التقاليد الكوردية، لم…