فتح الله حسيني: يتسكع على أبواب إمبراطورية الخديعة….؟

روياري تربسبي

بإهداء مؤطرا ومشبعا من مآسي الزمان…وجراحاته التي لن تندمل من غدر السنين….مدونا سخطه من القدر ومدويا بصرخته رغم كل الحزن والأنين…..(إلى كل الأباطرة المتربعين على شرفات الله المطلة على جراحاتنا.)…….؟
وبأسلوب سلس وجميل.. ينساب بقافيته الفسيفسائية على أطلال من ما تبقى من ذاك الشعاع الذي لا يزال يحمل بعضا من الأمل في كيانه المتهالك …ليتمسك بأيقونته كالناسك، وينسل خلسة إلى معبده.
ويبدأ بممارسة طقوس شعائره بصلوات من الروح إلى الروح. وليطلق العنان لقريحته..على مهد أنين جراحاته   في صحراء التيه وبراريه الموحشة…ليغوص في أعماق ذاته المعذبة…باحثا عن زمنه المهدور في أزقة الظلام …وعن قدرا رصد له في مداميك حياته التي تبعثرت كل صورها في أروقة هذا الزمن الصاخب..وعلى أرصفة المتاهات…ليغدو كالكاهن المتسكع على أبواب المقاهي والحانات والخمارات في كل مساءات المدن التائهة كمثله ….تائه بخطواته في زمن الضياع …ليعود في أخر الليل ويسرح حزنا مع سارية الضباب في مرقده …ليرتشف من فنجان قهوته المسائية  شاردا… ووحيدا بخلوته….متأبطا كما كل ليلة بهواجس وأحلام يصنع شخوصها ويصيغها بلاءاته في سماء مملكته الشعرية..ليجمل بها لوحات الخطايا.. التي عبثت بسنواته المسروقة ….؟ ليتكهن ناسكا في صومعته مرتلا الآهات بآيات من الحنين…بكدر وانين  ..لا يرطب ذاك الجفاف سوى كأسا يسافر به ثملا إلى ماضي السنين ..في دوامة الغفران .. ليطفح به الكيل إلى حد ما يشبه الكراهية في ظل الخديعة.. وعلى أبواب المستحيل…وليبدأ من جديد بنحت صور لإله عشقه في مملكة سراب أحلامه الغافلة عن رونق الصباح . رغم مجونه وصخبه في فضاءات لياليه المعذبة.. والتي لا يسمع منها سوى صدى قهقهة فوضى هذا الكون….المتآلف مع الخديعة ..أبدا…..!
ليبدأ باحثا ومتلهفا عن موت جميل على أطراف مقبرة الأمل الضائع في ثناياه … بزهد وبلا تدوين ….؟ هاربا من شقائه …حاملا معه سنين عمره المهدور بقساوة الزمن …ومع تلاليب ذاك القدر الأخرس والمتربص له دوما….؟
وليعود أخيرا ويصحو من جديد منتشيا بفنجان قهوة الصباح الأول لينسل و  ليدخل خلسة إلى صخب  احتفالات الدنيا  مع الأحياء في إمبراطورية الخديعة ……؟
نعم هذا ما قرأته في لوحات تراجيدية معبرة بصوره ومفرداته ومخترقا كل أفاقه  لواقع الحال في زمننا الموبوء بالخديعة وليسخط بهالاتها المفروضة علينا في دهاليز حياتنا المهدورة بقساوة الدهر….؟ في نسيج ديوان شعري صدر حديثا لشاعرنا الكردي (فتح الله حسيني) تحت عنوان (إمبراطورية الخديعة) باللغة العربية وقد اطلعت عليه صدفة عندما كنت في ضيافة صديق لي بمدينة هولير…
الديوان المذكور من منشورات مطبعة اراس 2008 ويحتوي على 150 صفحة متضمنا 12 لوحة شعرية معبرة بدقة ومبدعة في مضمونها التصويري صاغها شاعرنا بكل جراءة قلم ومصداقية الكلمة قل ما كتبها من الشعراء والمبدعين في مجال الأدب في هذا الزمان الموبوء بالخديعة ومع هذا الكم من المتسلقين والمتطفلين على الأدب والثقافة…
فمبارك لشاعرنا الكردي فتح الله حسيني هذا النتاج والعمل المبدع بكل لوحاته الشعرية   وأكن له كل التقدير والاحترام مع إنني لم التق به يوما وإنما إلتقيت به وتعرفت عليه بين ثنايا سطوره وقصائده…واتمنى له كل التوفيق والنجاح في إبداعاته الأدبية والفكرية بقلم حر وجريء دوما…وأديبا معطاء
في خدمة الإنسان والثقافة الكردية……….؟

Royarê Tirbespiyê
Duhok–Kurdistan

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…