دلدار فلمز يرتقي بأبجدية الكتابة إلى حرائق الألوان

محمد بيجو*
madobijo@hotmail.com

استضافت صالة عشتار للفنون التشكيلية بدمشق في / 30 / نيسان 2008 معرض الفنان التشكيلي السوري دلدار فلمز, تضمن المعرض 42 لوحة بقياسات مختلفة, منفذة بالإكريليك وبمزيج من الأصباغ والألوان الزيتية والأحبار المختلفة, برعاية وزير الثقافة السوري الدكتور رياض نعسان آغا.
يتميز أسلوبه بغرابة الزخرفة و وضع أشكال كائنات ومخلوقات غريبة الشكل والحركة, كما أن دلدار يستخدم تجربة الرسم مع التلصيق, أو ما يسمونه في فن التشكيل (الكولاج)
ويعد الرسام الفرنسي جورج براك من أوائل الفنانين الذين باشروا هذه التجربة التي يقوم الفنان فيها بلصق أوراق ملونة أو أجزاء من صحف وصور فوتوغرافية ونيغاتيف وقطع من خيوط ونسيج تحت اللون وإظهار أجزاء منها أو إلصاقها فوق اللوحة الرئيسية, وذلك بهدف إثرائها وإيصال الفكرة, ولملئ الفراغ الذي قد تحسه العين.
مهرجان من الألوان
المتمعن في لوحات دلدار يرى مهرجانا من الألوان، خطوط وأشكال وكتل توحي بالتفاؤل, لكنه يكثر من استخدام اللون الأصفر المقدس مما يضفي دفئا على مساحة اللوحة, انه ينقل انطباعات وعلاقات عينه وعقله بمحيطه إلى الآخرين مع أن مرسم الفنان عبارة عن غرفة صغيرة في أحد أحياء مدينة الحسكة لا تتسع لحلم في البقاء.
يقول دلدار في احد الحوارات معه: (رسمت ما هو مشترك ما بين الإنسان والحيوان غريزياً، بما يحتويه هذا المشترك من الرغبة في التدمير والإلغاء الذي يبلغ حد القتل. رسمت الرجل في حالات تسلط والمرأة المسلوبة الإرادة حتى الحيوان في حالات كثيرة يسبقه الإنسان في تعبيراته العنيفة وهذه الحالة لدي الإنسان ليست حالة طارئة بل حالة متأصلة وعبرت عن تأصل هذه الحالة من خلال اللون البني الذي يسيطر علي خلفية لوحاتي ومن خلال اللون البني أردت أن أرمز إلي قدم علاقة الإنسان بجانبه الحيواني علي اعتبار أن اللون البني لون عتيق).
لا إبهام ولا غموض
ليس على لوحاته ثقل زائد من إبهام أو غموض مقصود, إن ما قدمه دلدار إلى هذه اللحظة يتأرجح ما بين الانطباعية والتعبيرية المحدثة, لا يلجأ إلى التجريد والأوهام والألغاز إلا انه ورغم ذلك يجعل عين الناظر إلى اللوحة في حالة إرباك وذهول, فمتلقي اللوحة إنما يكون في حالة استكشاف مساحات وصور وحكايات تكاد أن تقترب في لحظة ما من الأسطورة أو الملحمة الكتابية, وهذا ليس غريبا إذ أن دلدار يمارس كتابة الشعر أيضا وذلك يزيد من رصيد أدواته الفنية والبنائية, يطلق عنان يديه على صدر اللوحة ويبعدهما خطفاً باتجاه قلم وورقة بيضاء وما أن ينتهي من قصيدة طرقت روحه حتى يعود من جديد إلى لوحته المتروكة لطيش عابر.
 تظل نكهة ما يقدمه دلدار بروح المتلقي, حتى أنه قد يشعر في لحظة ما برغبة عارمة في لمس أسطح لوحاته بيديه وإطلاق الأصابع أن تمر حنونة من خلال العمق والتسطح معا حينما يقوم المشاهد بنقل اهتمام العين والإدراك من الأشكال الفردية إلى كامل اللوحة.
حالات إبداعية يعيشها جنونا من كلمات, ألوان مشعة وروائح, تنقلات بين أبجدية الكتابة وأبجدية الرسم, يضع للوحته عمرا بعد أن ينتهي من بث الروح فيها, هذه هي حياة دلدار.
* المصدر: جريدة الزمان
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: ماهين شيخاني

 

من أجمل الأصوات المميزة على الساحة الغنائية ،ذو نبرة جبلية صلدة كصخور جبال كردستان،ثم تراه كبلبل صداح يغرد بعذوبة لا يضاهيه سوى عذوبة انهار كردستان، وهبه الله

حنجرة ذهبية ليبدع بها تلك الأغنية الفلكلورية الرائعة (أسمر) و التي غنتها العديد من المطربين

من أمثال الراحلين محمد عارف جزراوي و رفعت داري وغيرهم ،انه بحق أعطى…

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…