ليلى قاسم وردة حبّ في جنّةِ الخلود

  نارين عمر

مَنْ منّا نحن الكرد لم يسمع باسمها ؟ ومَنْ منّا لم يسكر من عبق عطائها الفوّاح؟ومَنْ منّا لم ينعم بوافر حبّها وودادها؟؟ تلك الفتاة التي ولدتْ وهي مناضلة, ولدت وهي واعية ومدركة بأحقيةِ كلّ إنسان في العيشِ بحرّيةٍ وسلامٍ, ولدت وهي عارفة تماماً بأنّها ابنة عائلةٍ صغيرةٍ تتجرّعُ الألمَ والأسى لا لشيء بل لكونها عائلة تنتمي إلى عائلةٍ كبيرةٍ تسمّى بالعائلةِ الكردية أو عائلة الكرد.
نعم هكذا ولدت ليلى قاسم حسن, لأنّها تعلّمت كلّ ذلك وهي جنينٌ في رحم أمّها,شأنها شأن معظمِ أطفال الكرد الذين يتعلمون العزف على سيمفونيةِ / أن تكونَ أو لا تكون أبداً/ , العزفَ على أوتار الضغطِ الذي يولّدُ الانفجار.
ليلى قاسم لم تختر نهجَ حياتها, بل قدر الكرد هو الذي اختاره, وهي رضيتِ به عن قناعةٍ وحكمة, لأنّها اختارت ذلك النّهج ليقينها التّام بأنّه السّبيلُ الوحيدُ والأمثلُ لإثباتِ كينونتها وانتمائها ولاستمراريتها وشعبها في الوجود مؤكّدٌ أنّها كفتاة متعلّمة وواعية ومن أسرةٍ عريقة كانت تتمنّى أن تعيشَ كبقيّةِ الفتيات تلعب, تلهو تعشق وتُعشَقُ تصبح سيّدةٍ بيتٍ وأسرةٍ وأمّاً لأطفالٍ وعاملة متميّزة, ولكنّها ضحّت بكلّ ذلك لأنّها وبفطرتها السّليمة ونباهتها وحسن تدبيرها للأمور أدركتْ أنّ النّهج الذي وجدت نفسها في حضنه هو الذي سيوفّرُ الأمنَ والأمانَ لعائلتها الكبيرة وهي مدركة أنّها في يومٍ ما ستصبحُ إحدى سيّداتِ تلك العائلةِ الكبيرةِ بجدارةٍ واستحقاقٍ وأنّها ستنجبُ أطفالاً لاعدّ ولاحصرَ لهم وأنّها ستولدُ كلّ يومٍ , بل كلّ لحظةٍ في نبضاتِ كلّ كرديّ نقيّ الهوى والهواء, فكان لها ما أرادتْ وكان للكردِ أيضاً ما أرادوا بأن زرعوها وتين قلبِ البقاءِ الكرديّ والنّبضِ الكرديّ والسّلام الكرديّ.
ليلى لم تكن عنيفة ولم تكن متعطشة يوماً لإراقةِ الدّماء ولكنّها كانتْ شامخة الهوى والإرادة أبتْ أن تعيشَ خانعة للواقع المفروض عليها, رفضتْ أن تعيشَ مستسلمة للموجودِ الذي يحاولُ تجريدها من وجودها العزيز عليها فرأت سبيل تحرّرها وانطلاقها نحو الحياة المثلى التي تسعى إليها في السّبيل الذي اختارته هي , سبيل البقاءِ بحرّيةٍ وطلاقةٍ أو الرّحيل الإراديّ بحرّيةٍ واندفاع.
ما بين عامي /1953/ عام الولادةِ في حضن الوجود الدّنيوي وعام /1973/عام الولادةِ في جفن الخلودِ الأبدي أسّست ليلى معبداً للحياةِ السّليمة والوجودِ الذي يجب أن يُعاش, والحبّ الذي لايكفّ البشرُ للسّعي إليه بكلّ ما أوتوا من فكرٍ وشعور.

ليلى قاسم امرأة أكدت للجميع أن المرأة قادرة على التّغلبِ على معاقل الصّعابِ إن مُنِحَت الحرّية الكافية لصنع ذلك, وأكدت على أنّ المرأة هي النّصفُ القادرُ وبجدارةٍ على إكمالِ مسيرةِ الحياةِ ودفعها نحو الغدِ الأفضل الذي يولدُ الغدَ الأمثل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…