فوزي الاتروشي
وكيل وزارة الثقافة
وكيل وزارة الثقافة
مرَّ العيد العاشر بعد المائة للصحافة الكوردية في 22 نيسان الماضي وتعمَدت هذه المرة ان لا ابكر في الكتابة وان اقرأ اكثر حول ما يكتب عن هذه المناسبة القيمة والهامة جداً لا سيما في الحالة الكوردية لأن صحيفة (كوردستان) التي انطلقت في القاهرة عام 1898 كانت ثورة حقيقية على الظلم الفادح الذي تعرضت له الكلمة والثقافة الكوردية فكانت الصحيفة صرخة مقاومة وتحدي تتسرب عبر الحدود وتتنقل بين القاهرة واسطنبول وجنيف ولندن لتنقل للعالم مأساة شعب وتنقل للمواطن الكوردي المقموع قوة تحريضية تثويرية لرفض ما هو كائن ونشدان ما يجب ان يكون.
اقول تعمدت ان اتابع تعليقات الكتاب الكورد على هذه المحطة النضالية الكبيرة من الكلام المناسباتي والبهرجة اللغوية والتغنيَّ بواقع الحال وحشداً من القوالب المدائحية الجاهزة. وهذا ما كان اما الكتابات الجادة البعيدة عن الاجواء الاحتفالية والهادفة الى منح الصحافة والاعلام الكوردي سمة العصرنة والتحضر والتناغم مع عصر الثورة المعلوماتية فأنها كانت قليلة.
ان الاعلام الكوردي قد تضخمَّ بالفعل وتوسع وترفعَّ على الاساليب التقنية البدائية , ولكن ذلك كله ينبغي ان لا يغطي على مواطن ضعف ونواقص اساسية في هذا الاعلام. ويمكننا تسجيل جملة محاور في هذا السياق :-
1- ما زال المواطن الكوردي يفتقد الى صحيفة يومية باللغة الكوردية توزع عالمياً , فكل الصحف والمجلات الكوردية على الاطلاق محلية التوزيع واحياناً مناطقية بمعنى انها قد توزع في مدينة دهوك فقط او اربيل او السليمانية ولا توجد لغاية الان صحيفة تتعدى المستوى المحلي الى المستوى العالمي.
2- التطور في تقنيات الاخراج والتصميم لم يرفق بالتطور في اساليب الكتابة الصحفية , فما زالت الصحف الكوردية تعتمد في الاغلب على الكتابة والتحرير على كادر ادبي وعلى ادباء وشعراء ومثقفين منخرطين في الكتابة ولكنهم غير متخصصين في الصحافة كعلم قائم بذاته. لذلك نجد ان الخبر والتعليق والمقال الافتتاحي والتحقيق الصحفي والمتابعات الصحفية احياناً كثيرة غير متمايزة فالتشابه والخلط بين انواع الكتابات حالة سائدة في الصحافة الكوردية.
3- اللغة الانشائية الفضفاضة والتعابير ذات الجوهر المعرفي الضئيل والكلام المنمق والقوالب الجاهزة ما زالت سمة بارزة في الصحافة الكوردية المرتبطة بالاحزاب, وان كانت ثمة استثناءات قليلة برزت اخيراً في اقليم كوردستان العراق تحاول توخي اساليب الصحافة الاوروبية المتحضرة في الكتابة والتحرير, لكنها لم تصبح بعد ظاهرة عامة وشاملة.
4- الصحافة الحزبية في عموم كوردستان العراق ما زالت تعمل بآليات قديمة لا تستجيب لهواء العصر, فهي مؤدلجة الى حد خانق واحادية الجانب ولغتها لا تحبذ الا المدح والاطراء والثناء وتخاف اية لمسة من النقد او وضع الاصبع على هذا الجرح السياسي او الاجتماعي او ذاك. هذا واقع قديم لا يصلح للعصر الراهن والصحف الحزبية بهذا الشكل تفقد نضارتها وقراءها وتأثيرها وفاعليتها وقدرتها على التغيير وحفر اخدود عميق على الارض. ان هذه الصحف مطالبة بأن تفتح صفحاتها للرأي الاخر فحتى في الحزب الواحد لا تذوب الاراء وتنصهر بل قد تختلف ولكنها تتآلف ضمن مزيج كلي في النهاية , ان في اي حزب الان في ظل انتهاء عصر الشمولية الفكرية, منابر عديدة وافكار متنوعة واراء ثرية وغنية ينبغي لصحيفة الحزب ان تستوعبها لكي لا تهرب الى صحف اخرى او الى مواقع الانترنت او حتى المدوَّنات الشخصية التي يمكن ان تدون بلحظات على صفحة انترنت وتوزع على مستوى العالم.
هذه مجرد اضاءات حاولت ان اسجلها بعد مرور مائة وعشرة اعوام على صدور صحيفة (كوردستان) التي ارَّخت لعهد جديد للكلمة الكوردية ولمرحلة متميزة من مقاومة الشعب الكوردي للقمع السياسي والفكري والثقافي وكانت حياة هذه الصحيفة مثل حياة الكورد انفسهم لجهة التنقل واللااستقرار والرحيل من بلد الى اخر وهي تحمل قناديل الامل الخضراء .
ان الاعلام الكوردي قد تضخمَّ بالفعل وتوسع وترفعَّ على الاساليب التقنية البدائية , ولكن ذلك كله ينبغي ان لا يغطي على مواطن ضعف ونواقص اساسية في هذا الاعلام. ويمكننا تسجيل جملة محاور في هذا السياق :-
1- ما زال المواطن الكوردي يفتقد الى صحيفة يومية باللغة الكوردية توزع عالمياً , فكل الصحف والمجلات الكوردية على الاطلاق محلية التوزيع واحياناً مناطقية بمعنى انها قد توزع في مدينة دهوك فقط او اربيل او السليمانية ولا توجد لغاية الان صحيفة تتعدى المستوى المحلي الى المستوى العالمي.
2- التطور في تقنيات الاخراج والتصميم لم يرفق بالتطور في اساليب الكتابة الصحفية , فما زالت الصحف الكوردية تعتمد في الاغلب على الكتابة والتحرير على كادر ادبي وعلى ادباء وشعراء ومثقفين منخرطين في الكتابة ولكنهم غير متخصصين في الصحافة كعلم قائم بذاته. لذلك نجد ان الخبر والتعليق والمقال الافتتاحي والتحقيق الصحفي والمتابعات الصحفية احياناً كثيرة غير متمايزة فالتشابه والخلط بين انواع الكتابات حالة سائدة في الصحافة الكوردية.
3- اللغة الانشائية الفضفاضة والتعابير ذات الجوهر المعرفي الضئيل والكلام المنمق والقوالب الجاهزة ما زالت سمة بارزة في الصحافة الكوردية المرتبطة بالاحزاب, وان كانت ثمة استثناءات قليلة برزت اخيراً في اقليم كوردستان العراق تحاول توخي اساليب الصحافة الاوروبية المتحضرة في الكتابة والتحرير, لكنها لم تصبح بعد ظاهرة عامة وشاملة.
4- الصحافة الحزبية في عموم كوردستان العراق ما زالت تعمل بآليات قديمة لا تستجيب لهواء العصر, فهي مؤدلجة الى حد خانق واحادية الجانب ولغتها لا تحبذ الا المدح والاطراء والثناء وتخاف اية لمسة من النقد او وضع الاصبع على هذا الجرح السياسي او الاجتماعي او ذاك. هذا واقع قديم لا يصلح للعصر الراهن والصحف الحزبية بهذا الشكل تفقد نضارتها وقراءها وتأثيرها وفاعليتها وقدرتها على التغيير وحفر اخدود عميق على الارض. ان هذه الصحف مطالبة بأن تفتح صفحاتها للرأي الاخر فحتى في الحزب الواحد لا تذوب الاراء وتنصهر بل قد تختلف ولكنها تتآلف ضمن مزيج كلي في النهاية , ان في اي حزب الان في ظل انتهاء عصر الشمولية الفكرية, منابر عديدة وافكار متنوعة واراء ثرية وغنية ينبغي لصحيفة الحزب ان تستوعبها لكي لا تهرب الى صحف اخرى او الى مواقع الانترنت او حتى المدوَّنات الشخصية التي يمكن ان تدون بلحظات على صفحة انترنت وتوزع على مستوى العالم.
هذه مجرد اضاءات حاولت ان اسجلها بعد مرور مائة وعشرة اعوام على صدور صحيفة (كوردستان) التي ارَّخت لعهد جديد للكلمة الكوردية ولمرحلة متميزة من مقاومة الشعب الكوردي للقمع السياسي والفكري والثقافي وكانت حياة هذه الصحيفة مثل حياة الكورد انفسهم لجهة التنقل واللااستقرار والرحيل من بلد الى اخر وهي تحمل قناديل الامل الخضراء .
ولكي نكون اوفياء لتلك الاستهلالة الموفقة للكلمة الكوردية في الانتشار والمقاومة , فعلينا الان ان نحثَّ الخطى نحو صحافة كوردية متطورة متميزة مؤثرة صامدة محصنة كلياً بالقانون وبأقصى حدود الحرية وقادرة لعبور سياج المحلية الى رحاب العالم.