من وحي الأربعينية الأولى

توفيق عبد المجيد

ودّعنا آذار هذا العام عاتباً علينا لأننا لم نكمل بهجته ، لم نبارك إطلالة سنته الكردية الجديدة ، لم نحتفل بقدوم ربيعه ، لم نرحب بأزهاره ووروده ، لم نحيي نوروزه كما جرت العادة

أدار لنا ظهره وانصرف وحاولنا بشتى الوسائل والطرق … حاولنا كثيراً أن نرضيه ليودعنا على أمل العودة في سنوات قادمة … ولكنه اشترط علينا حتى يعود
لا تلوثوا سمائي بدخانكم الأسود … لتفسحوا المجال للمصطادين في المياه العكرة  فيحاولوا تشويه رونقي … أكثروا من إشعال الشموع ولكن … على جانبي الطرقات … وفي الساحات العامة … وتحلقوا حولها في دبكات كردية حلوة … زينوا بهذه الشموع شرفات المنازل … لونوا بها الفتحات والنوافذ … تجولوا على البيوت معايدين ومهنئين بقدومي … اسهروا حتى الصباح … ولكن ……
إياكم … ثم إياكم … أن تحتفلوا بالمفرقعات والرصاص لأنها تسيء إلى سمعتي وتعبث  بفرحتي … وتخنق ضحكتي … وتصادر بسمتي.
رفض آذار هذا النوع من الاستقبال … ولم يكن لديه استعداد لسماع ما قد يخلفه الرصاص من تداعيات مؤلمة … وآثار سيئة … وجروحات غائرة … قد يكون التغلب عليها وإزالتها ضرباً من المستحيل.
خجلنا كثيراً ونحن نسمع من آذارنا هذه النصائح … وعندها … لم يتجرأ أحدنا على إخباره عن رشقات الرصاص وهي تهدى للمحتفلين … وهي تخطف شباناً في عمر وروده  كان ذنبهم أنهم خرجوا للمشاركة في هذا الكرنفال الربيعي … فتحول مسرح عرسهم الطفولي إلى بركة من دماء ودموع …
نحن بالانتظار يا آذار … نرجو ألا يطول قدومك … لكي نعتذر منك … لكي نستقبلك بما يليق بك … لكي تعتذر منك رصاصات الغدر عندما تلمحك قادماً من غياهب المجهول … لكي يعتذر منك – لو كانوا يملكون الجرأة على الاعتذار- أولئك الذين قذفوا ورودك ورياحينك بالرصاص القاتل … فقد ظلمنا حتى القدر عندما فرض علينا جزيته الثقيلة … أن نوقد ألف شمعة … أن نشعل ألف ثورة … أن نبعث ألف أمل … أن نتنهد ألف تنهيدة … أن نتحسر ألف حسرة … أن نذرف ألف دمعة … أن نقتل ألف قتلة
فوداعاً ونحن على موعد قريب … ونردد مع الشاعر الجنوبي :
طال ارتحالك ما عودتنا أبداً ، أبا المساكين فارجع نحن ننتظر.

26/4/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

“كنتُ قصيدةً تائهة” – للشاعرة شيرين دريعي

هناك نصوص لا تُقرأ… بل تُرتَجَف

وقصائد لا تُنشَد… بل تُبكى في القلب.

“كنتُ قصيدةً تائهة”… ديوانٌ نسجته أنثى من خيوط الغربة، وبقايا الحنين، ونبض القلب حين يخذله الحب، وتخذله الحياة.

هنا، لا تكتب الشاعرة الشعر، بل تكتب نفسها، بكل ما فيها من شروخ وهمسات، من خوف واشتهاء، ومن ضياعٍ جميل يبحث…

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…