بمناسبة يوم الصحافة الكردية

تقديم : ماهين شيخاني

تعود ولادتها إلى عام 1898 حيث ظهرت أول جريدة كردية سياسية ( كردستان ) في القاهرة ولم تظهر في هذه الفترة المنظمات الاجتماعية السياسية الكبيرة ، إلا أنها شهدت بروز مجموعات وطنية صغيرة ومتفرقة وأضحت جريدة (( كردستان )) منبرا لها ولكل الأصوات الوطنية إن أول من حرر هذه الجريدة هو مدحت بك بدر خان ( مقداد مدحت بك بدر خان ) وقد تولى إصدارها من بعده شقيقه عبد الرحمن بدر خان ولعوامل سياسية غيرت الجريدة مرارا مركز إصدارها فطبعت في جنيف وفولكستون ولندن ثم في اسطنبول تحت أشراف ثريا بدر خان
وانتقلت أثناء الحرب العالمية الأولى إلى القاهرة حيث أصبحت نصف شهرية ( صدرت الجريدة في 22 نيسان عام 1898 ودامت إلى 14 نيسان عام 1902 وبلغ مجموع أعدادها (31) عددا

من العدد (1-5) في القاهرة وترأس تحريرها مقداد مدحت بك بدر خان

من العدد (6-19) في جنيف .

من العدد (20-23) في القاهرة

العدد   (24) في لندن

من العدد (25-29) في فولكستون – شمالي انكلتره .

من (30-31) في جنيف ، و ترأس تحرريها عبد الرحمن بك بد رخان. 

 وفي نهاية العقد الأخير من القرن التاسع عشر صدرت بعض الجرائد والمجلات الأخرى ، اجتازت جريدة ( كردستان ) ظروفا قاهرة تشكل السمة العامة لكل الصحافة الكردية الدورية ، فلم يتمتع المحررون بالحرية في كتاباتهم كما أن مخالفة أيديولوجية الطبقة الحاكمة للسلطة العثمانية ، والقيام بحملات دعائية مضادة اضطرت السلطة المستبدة إلى اتخاذ موقف المرونة في سياستها ، ولكنها راقبت بيقظة وارتياب الصحافة الكردية التي طرحت مسائل تغذية الوعي القومي وإنماءه .

لقد بذل المثقفون الأكراد قصارى جهودهم لصيانة ومضاعفة إصدارات الجرائد والمجلات الكردية ولكي يبرهنوا على ضرورة إصدارات الصحافة بلغات أخرى ، تذرعت هيئات التحرير بالحوافز الدينية في أغلب الأحيان وذهبت إلى أن الأكراد بما أنهم مسلمون أيضا أسوة بشعوب إسلامية أخرى فمن الأفضل أن تصدر المجلات والجرائد الكردية مثل (( كردستان )) 1898 (( كورد )) 1907 ، (( روزي كورد )) شمس الأكراد 1911 ، (( بانكي كردستان )) صوت كردستان 1913 باللغة التركية أيضا .

منذ أواسط العشرينات عندما تجزأت كردستان بين حدود سياسية انتهت الصلات والعلاقة بين هيئات التحرير المركزية للصحافة الكردية ، وباتت الصحافة الكردية الدورية في تركيا ممنوعة بتاتا .

لم تكن الصحافة الكردية الدورية موجودة تقريبا في إيران بالعشرينات من هذا القرن ما عدا بعض الإصدارات المتطرفة للأحزاب والتجمعات الكردية السياسية الصادرة بصورة سرية ، وعندما اتسعت ونشطت الحركة القومية الكردية في مها باد ،

ظهرت الصحافة الكردية الدورية ثانية في إيران خلال الحرب العالمية الثانية حيث صدرت في هذه الفترة في كردستان إيران بعض المجلات والجرائد الكردية ومن الضروري هنا التذكير قبل كل شيء بالمجلة الشهرية:

(( نيشتمانه )) الوطن – التي صدرت في مها باد باللغة الكردية وبالحروف العربية ، وصدر العدد الأول منها في حزيران عام 1943 والأخير في أيلول عام 1945 وكانت ( نيشتمانه ) لسان حال الحزب الكردي لبعث الأكراد .

 (( خالا لا )) الوردة – بدأ إصدار هذه المجلة  وفي 21 آذار عام 1946 لسان رابطة الشبيبة الكردستانية في مدينة بوكان ودامت هذه المجلة إلى حزيران من العام ذاته .

كما صدرت في التاريخ نفسه في مها باد مجلة :

(( هاواري نيشتمان )) صوت الوطن ، بالإضافة إلى مجلة :

(( عرو عالي منال )) تربية الأطفال ، التي رأت النور في العام ذاته وقد استمر صدور هاتين المجلتين المذكورتين طيلة فترة جمهورية مها باد الكردية .

وكانت الصحافة الكردية الدورية تصدر في العراق بصورة غير منتظمة وغالبا ما كانت تقف عن الصدور في فترات متقطعة من جراء مراقبة وملاحقة السلطة العراقية لها، ولم يسنح لها الدفاع بعلنية عن الطموحات القومية للشعب الكردي.

وقد أثر صدور المجلات والجرائد الكردية منذ بداية القرن العشرين بحروف مختلفة على توزيعها بصورة ملحوظة في نطاق ضيق في أجزاء كردستان الأخرى والى العشرينات من القرن صدرت الصحافة الكردية في تركيا وإيران والعراق بحروف عربية لكن صحافة الأكراد المهاجرين من كردستان تركيا صدرت بحروف لاتينية .

كانت كل هذه المجلات اجتماعية وسياسية وأدبية ولغوية في الوقت نفسه ولم تصدر جريدة يومية اجتماعية وسياسية في كل أجزاء كردستان إلى عام 1959 فقد ناضل المثقفون الأكراد بعناد ما بين فترة الأربعينيات والخمسينيات للحصول رخصة إصدار جريدة سياسية يومية ، لكنهم لم يتمكنوا من إنجاز هذا الهدف إلا إن الحكومة العراقية الجديدة سمحت للأكراد بعد ثورة عام 1958 بإصدار  جريدتين اجتماعيتين سياسيتين هما :

( ( أزادي )) الحرية – لسان حال الحزب الشيوعي ( صدر العدد الأول منها في أيار 1959 بمدينة كركوك )

و(( خه بات )) النضال – لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني  ، صدر العدد الأول منها في 4 آذار عام 1959 ببغداد .

وبعد مرور عامين على إصدار هاتي الجريدتين أغلق الباب أمامهما لكن صحافة كردية دورية كثيرة خرجت إلى النور في العراق بصورة غير قانونية طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن ، وصدرت تلك الصحف بشكل غير منتظم ولا سيما في مرحلة الهجوم الصارم ضد الشيوعيين والوطنين الأكراد كان الدور الاجتماعي والسياسي لهذه الصحافة بارزا لأنها أضاءت المسائل الإستراتيجية والتكتيكية لنضال الجماهير الشعبية والصحافة السرية كانت جريدة :

(( شورش )) الثورة – لسان حال الحزب الشيوعي الكردي وجريدة :

(( رزكاري )) الخلاص – لسان حال حزب رزكاري كردستان ) خلاص كردستان ، وقد صدرتا في عام 1946 جريدة:

(( أزادي )) الحرية الصادرة في 1945 التي استأنفت صدورها في عام 1956 تحت اسم (( أزادي كردستان ))  حرية كردستان كلسان حال الحزب الشيوعي العراقي ، جريدة :

(( خه بات كورد )) نضال الأكراد في عام 1956 لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني ، كان إصدار الصحافة الكردية الدورية بلغتين أو ثلاث لغات هي السمة العامة لها ، لأنها أفادت المنظمات الكردية في إصدار دورياتها بلغة الدولة وبذلك لا ترتاب السلطات من محتوياتها ولا يثيرها الشك نسبيا .

كما إن بواعث إصدار الجرائد والمجلات بعدد من اللغات الشرقية هي إن المنظمات الكردية وضعت نصب عينيها هدف التعريف بحياة وتاريخ وأدب وثقافة وحالة كردستان وكل القضايا الهامة المتعلقة بمجتمعات دول الشرق الأوسط صدرت جريدة :

(( بانكي كردستان ))  صوت كردستان – في السليمانية باللغات الكردية والفارسية والتركية ، وكان الشخصية الاجتماعية المعروفة مصطفى باشا يامولكي يرأس تحريرها ، كما كان الأديب البارز والصحفي رفيق حلمي محررا مسئولا عن القسم التركي وكان عالم الأدب على كمال بابير ، محررا مسئولا عن القسم الفارسي وصدر العدد الأول منها في 2 أب عام 1922 . وصدرت مجلة:

(( دياري كردستان )) هدية كردستان في بغداد ما بين العامين 1925-1926 باللغات الكردية والعربية والفارسية وكان رئيس تحريرها الشخصية الحكومية المعروفة صالح زكي .

لقد عكست المجلات والجرائد الكردية على صفحاتها طموحات وآمال الجماهير الشعبية الواسعة وإذا كان قد ظهرت فيها أحيانا مقالات ساذجة ذات طابع قومي بأفاق ضيقة فان هذه الحقيقة لا تشوه مطلقا النهج التقدمي العام للصحافة الكردية الدورية نعتقد أنه يمكن الاستشهاد هنا بما يقوله :ف .ا.لينين (( من الضروري التمييز بين النزعة القومية للشعب المضطهد والنزعة القومية للشعب المضطهد ، وبين التعصب القومي للقومية السائدة والتعصب القومي للقومية الصغيرة .

في غضون الحرب العالمية الثانية وبعدها ولجت الصحافة الكردية مرحلة جديدة وارتقت درجة أعلى من التطور حيث صقل طابعها التقدمي في هذه السنوات وعولجت فيها قضايا نضالية تحررية من مواقع أكثر عقلنه وصحة ثم قدمت دراسات تحليلية شاملة وعميقة في الوقت نفسه منحت الصحافة أهمية فائقة للزاوية الأدبية على صفحاتها والجدير بالذكر أنه قد تم بعد الثورة العراقية .

في 14 تموز عام 1958 نشر ترجمة العديد من إبداعات الكتاب والشعراء والشخصيات الاجتماعية الأوروبية التقدمية المعروفة كما أسلفنا القول سابقا

وفي إيران صدرت جريدة كردية أسبوعية :

(( كردستان )) بالأحرف العربية اتخذت هذه الجريدة موقفا سلبيا من المتبدلات والإصلاحات الاجتماعية ثم سعت إلى أضعاف نضال الصراع الطبقي والقومي التحرري في إيران والدول المجاورة لها ، وسعرت العداء بين شعوب الشرق الأوسط ، يبد أن المقالات العلمية والإبداعات الأدبية خدمت الثقافة الكردية والشعب الكردي ، لأن المواد و النتاجات المطبوعة بلهجات كردية متعددة أسست أرضية وقاعدة لدراسة مسألة اللهجات الكردية ولغة الأدب الكردي ، وأصول تدوينها وبقي أن نقول أن تطور الثقافة العمومية والمسائل اللغوية في هذه السنوات كانت على صفحات الصحافة الكردية الدورية مضيئة للغاية بحيث نشطت الصحافة الدورية ونشرت المؤلفات الكردية النادرة كما نشرت الأبجدية الكردية وكتاب القارئة للأطفال والأميين ، ولابد أن نذكر هنا تلك المجلات والجرائد الكردية التي ضربت شهرتها على نطاق واسع وهي (( زين )) الحياة جريدة أسبوعية ، تأسست في اسطنبول عام 1919م صدرت باللهجة الشمالية الكردية وبالأبجدية العربية وحررت الجريدة على يد فئة من المثقفين الأكراد القاطنين والدارسين في اسطنبول وصدر العدد الأخير (22) من الجريدة في 22 كانون الثاني عام 1920 وقد ألقت هذه الجريدة الضوء على المسائل النضالية للحركة القومية الكردية التحررية وبرامجها التكتيكية والإستراتيجية

(( زيانوا )) البعث   – (( زيان ))الحياة – جريدة أسبوعية صدرت باللهجة الجنوبية الكردية وبالأبجدية العربية ومن عام 1920 إلى عام 1926 صدرت تحت اسم (( زيانوا )) البعث – وبعدها أخذت اسما جديدا (( زيان )) الحياة – وكانت لسان حال مجلس بلدية مدينة السليمانية حتى عام 1934 وبعدها انتقل حق تحرير الجريدة إلى الشاعر الكردي المعروف – بيره ميرد – . لكن السلطة أغلقت الجريدة في 1938 ، ومنذ عام 1939 بدأ ( بيره ميرد بإصدار الجريدة :

(( زين )) الحياة التي كانت تعتبر من حيث الجوهر والأساس استمرارا لجريدة (( زيانوا )) البعث ، وصدر العدد الأول منها في 26 كانون الثاني عام 1939 ودامت حياتها إلى يوم انقلاب 8 شباط عام 1963 .

قام بيره ميرد بدعابات ثقافية وتنويرية واسعة في الجريدة المذكورة (( زين )) حيث نشر فيها مقالات بخصوص الحياة الحضارية والنظافة وجمالية المدن ، ولاسيما السليمانية منها ، وعن الأعياد القومية ، ثم وجه مقالات خاصة الى المرأة الكردية ، كما حثت الجريدة الجماهير الكردية على الدراسة والعلم وأولت أهمية خاصة لتاريخ الشعب الكردي والتربية الوطنية وحب الحرية معتمدة في ذلك على الأمجاد البطولية الماضية .

ثم نشرت (( زين )) موادا أدبية غزيرة ، كقصائد لشعراء الأكراد الكلاسيكيين والمعاصرين وقصص ونفحات أدبية ونتاجات فلكلورية ، وكتب الشاعر بيره ميرد بسخاء في الجريدة طرح فيها مسألة تطور الأدب الكردي الحديث ونطر أليه كجسد  لا يتجزأ ، وهي رؤية مهمة للغاية بالنسبة لأدبنا الكردي

كان – بيره ميرد – يتقن جميع اللهجات الكردية ويلم ببراعة بالأدب الكردي الجنوبي والشمالي والكوراني .

احتفظت الجريدة بنهجها حتى بعد غياب – بيره ميرد – عن الحياة عام 1950 وفي تشرين الثاني عام 1952 استلم الشاعر الكردي البارز والشخصية الاجتماعية المعروفة عبد الله كوران هيئة تحرير (( زين )) ومنذ توليه هذه المهمة الصحفية طرأ تحول جذري في نهج الجريدة وأمست صوتا علنيا للعمال والفلاحين الأكراد حيث روجت الأفكار النضالية بشكل واسع وحاد ضد الإقطاعيين الأكراد والقوى الرجعية في البلاد والإمبريالية العالمية وكان عبد الله كوران أحد مؤسسي لجنة الدفاع عن السلام في العراق ومناضلا لا يكل من أجل حماية وتمتين وشائج الصداقة بين جميع شعوب العالم كل هذا انعكس بصورة طبيعية في صفحات الجريدة المذكورة آنفا .

لكن عبد الله كوران اضطر تحت ضغط الظروف إلى ترك الجريدة بعد مرور سنة ليحل في منصبه وريث – بيره ميرد – الذي أصر على السير  على النهج السابق إن اتجاهات الجريدة (( زين )) ككل الصحافة الكردية الدورية اهتمت مباشرة بالحياة السياسية للبلاد ، وبنهوض وإخماد الحركة الوطنية والاجتماعية التحررية إلى يوم انتصار الثورة العراقية في عام 1958 وحاولت الجريدة تحييد موقفها السياسي ولهذا السبب تحديدا امتنعت هيئة تحرير الجريدة عن الإفصاح عن أفكارها حول القضايا السياسية والقومية .

بعد الثورة مباشرة أبدت الجريدة ديمقراطيتها وعبرت عن أهداف القوى الثورية وعن أفكار الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني في الوطن .

ومنذ النصف الثاني من سنة 1961 عندما بدأت في البلاد ملاحقات علنية للقوى الديمقراطية واتخذت السلطة تدابير مضادة للمطالب القومية للشعب الكردي ، اتبعت الجريدة ثانية نهجا مواليا للحكومة وبعد انقلاب البعث في شباط عام 1963 أغلقت الجريدة نهائيا

و (( هاوار )) الصرخة – هي المجلة التي تتميز بين الصحافة الكردية بطابعها الأدبي واللغوي ، أسسها الفيلولوجي البارع والكاتب جلادت بدرخان في عام 1932 صدرت المجلة مرتين شهريا باللهجة الشمالية الكردية ونشرت المواد في بداياتها بالأبجدية العربية واللاتينية ، وبعدئذ غطت المجلة صفحاتها بالأبجدية اللاتينية .

إن محرري المجلة جلادت وشقيقه العالم المشهور والشخصية الاجتماعية – كاميران بد رخان – كان بروفسور في باريس ( توفي في عام 1979 ) اعبرا من إحدى وظائفهما نشر الأبجدية اللاتينية بعد أن اجروا عليها بعض التعديلان ولعبت المجلة دورا إيجابيا ومميزا في نشر هذه الأبجدية التي تتناسب مع فونوتيكية اللغة الكردية ، كما أرست أيضا أركان اللغة الكردية المعاصرة وأولى المحرران انتباها فائقا إلى مسألة أتقان وجودة اللغة الكردية الأدبية وتحريرها من الكلمات الأجنبية وفق القوانين اللغوية وأضحت هذه المسألة في الثلاثينيات مدار نقاش ومعالجة حادتين لأنها كانت ذات صلة غير مباشرة بظاهرة التثقيف واقتراب الأدب من الجماهير الشعبية .

نشرت (( هاوار )) غالبا باللهجتين الشمالية والجنوبية نتاجات شعرية كلاسيكية ومعاصرة وفلكلورية وقدمت تحليلات عن مستوى الأدب الكردي المعاصر ثم ناقشت بعمق قضايا ثقافية مختلفة .

أما مجلة (( كلاويز )) الشعري – وهي مجلة أدبية شهرية صدرت باللهجة الجنوبية في بغداد منذ كانون الأول عام 1939 إلى آب عام 1949م فقد كانت أعدادها قد بلغت عندما أغلقتها الحكومة العراقية ( 105) أعداد .

ساهم في هيئة تحريرها المثقفون الحياديون وأعضاء الأحزاب العراقية التقدمية فكانت المجلة تمثل النخبة الطليعية للمجتمع الكردي ، وتجنبت توجيه انتقاداتها ضد الحكومة لتثبت لها أنها ليست مجلة سياسية ، وكان رئيس تحريرها الشاعر والقاص الكردي المعروف والشخصية الاجتماعية التقدمية البارزة في العراق إبراهيم احمد .

كتب المجلة للجماهير الكردية عن جوانب متباينة لحياة الشعب الكردي ولعبت (( كلاويز )) دورا مرموقا في تنشيط الحركة الأدبية ، حيث ظهر في كل عدد منها نماذج من الأدب الكردي الكلاسيكي وقصائد شعرية وأعمال نثرية لأدباء معاصرين كما أعطت هيئة تحرير المجلة أهمية فائقة للأدب العالمي التقدمي فنشرت باستمرار ترجمات المؤلفين الروس والأوروبيين الغربيين واحتلت المؤلفات المشهورة للأدباء الروس من أمثال ( ل.تولستوي – أز تشيخوف ، م .غوركي ) على صفحاتها مقعد هاما .

إن هذه الترجمات وغيرها لأدباء بارعين قد أثرت ، بلا ريب تأثيرا ايجابيا في نطور القصة والرواية الكردية الحديثة .

سارت المجلة على نهجها السياسية دون تحفظ بعد الحرب العالمية الثانية وواظبت على النضال من أجل الأفكار الأممية ، كما ألقت الأضواء بموضوعية على الأوضاع الداخلية في الاتحاد السوفييتي ، وهي الأوضاع التي لم يكن يعرف عنها الشعب الكردي ألا النذر اليسير ، ولهذه الأسباب بالذات بدأت الزمرة العراقية الرجعية في عام 1949 مدعومة من الإمبريالية الإنكليزية والأمريكية الهجوم على القوى العراقية الديمقراطية وأوقفت إصدار مجلة (( كلاويز ))

(( دنكي كيتي تازا )) صوت العالم الجديد – مجلة اجتماعية سياسية أدبية شهرية أسسها القنصل الإنكليزي في أكتوبر عام 1943 باللهجة الجنوبية الكردية وكانت المجلة علميا لسان حال الحلفاء المحاربين ضد الفاشية ثم نشرت المجلة بصورة عامة موادا حول الأحداث الدولية وبما أنها كانت تصدر من قبل الإنكليز ، فقد بان واتضح فيها دور انكلتره في النضال ضد ألمانيا الهتلرية . ويجب القول إن الكتابة حول الأحداث السياسية والحربية ونشر الوثائق الدبلوماسية على صفحات المجلة ساعد في أغناء اللغة الكردية وخاصة من ناحية بناء وتركيب مصطلحات جديدة .

وكان أعضاء أسرة تحرير (( دنكي كيتي تازا )) مؤلفة من العالم الكردي المشهور واللغوي والمؤرخ توفيق وهبي ، ومؤرخ الصحافة حسين حزني موكرياني وهما عالمان بارزان في ميدان الدراسات الكردية وشخصيتان اجتماعيتان تقدميتان .

ظهرت في المجلة بشكل واسع مسائل تطور الثقافة الكردية ، وأساليب تنويرية للشعب الكردي ، واحتل الأدب الكردي فيها مكانا لائقا كمؤلفات الأدباء الكلاسيكيين والمعاصرين ، ومقالات أدبية وفلكلورية وترجمات عن العربية والفارسية والأدب الأوروبي الغربي ، كما نشرت المجلة مقالات اتنوغرافية فمنها ملاحظات وذكريات الرحالة الإنكليز ، وللعلماء المستشرقين عن الأكراد ثم درست المجلة على صفحاتها مشكلة تطور اللغة الأدبية الكردية .

عقب الحرب العالمية الثانية انتقلت إدارة تحرير المجلة إلى المحامي الكردي فائق توفيق ، وبدأت (( دنكي كيتي تازا ) تصدر أحيانا كجريدة وأحيانا أخرى كمجلة . كرست (( دنكي كيتي تازا )) في هذه السنوات على صفحاتها مكانا واسعا للأدب الكردي ، ولاسيما لنتاجات أدبية باللهجة الكورانية وحرر القسم الأدبي في المجلة الأديب والمترجم جميل باندي روزبياني – وفي عام 1947 أغلقت السلطة العراقية هذه المجلة أيضا أما مجلة :

(( روناهي )) لمعان – أسبوعية صادرة في عام 1943 من قبل العالم الكردي المشهور والشخصية الاجتماعية البارزة – كاميران بدر خان – فقد كانت اجتماعية ، سياسية ، أدبية وعلمية ، صدرت في دمشق باللغة الكردية وبلهجتها الشمالية ، كما نشر في كل عدد منها قسم ضئيل باللغة الفرنسية وحررت المجلة بغزارة مقالات عن دول وشعوب الشرق الأوسط ولاسيما الأكراد ، وكان النهج السياسي لمجلة (( روناهي )) تمثلها أيديولوجية البرجوازية الكردية الصغيرة التي استغلت فرصة الظروف القائمة أثناء الحرب العالمية الثانية في الشرق الأوسط من أجل نيل حرية كردستان كما كانت المجلة تتحدث عن وقائع الحرب التي كانت تعلنها دول الحلفاء وخاصة الدولة الفرنسية منها ثم أولت المجلة اهتماما بالغا الى الأدب الكردي المعاصر والفلكلور الكردي  حاول المحررون فيها تقديم جميع موادهم إلى عدد أكثر وأوفر من القراء ، وذلك  من خلال لغة كردية سلسة , استمر إصدار المجلة بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1947 توقفت المجلة عن الصدور.

والجريدة الاجتماعية السياسية والأدبية:  (( كردستان )) لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني صدرت باللغة الكردية

وبلهجتها الجنوبية في مها باد عاصمة الجمهورية الكردية وخرجت العدد الأول منها إلى النور في 11 كانون الثاني عام 1946 وبعد نكسة الانتفاضة الكردية ، وانهيار الجمهورية الكردية عام 1947م ، باتت الجريدة الناطق الرسمي السري للحزب الديمقراطي الكردستاني منذ عام 1947 تعززت العلاقة السياسية بين الوطنيين الأكراد والأذربيجانيين المهاجرين ، وكاستمرار الجريدة (( كردستان )) بدأت تصدر جريدة : (( كردستان – أذربيجان )) باللغتين الأذربيجانية والكردية ، حيث طبع العدد الأول منها في 6 كانون الأول عام 1947 وبلغ مجموع أعدادها ( 1337) عددا إن هذه الجريدة كانت إحدى الصحف الكردية الدورية الأكثر أهمية حيث نشرت الأخبار الثقافية والسياسية الجديدة في جميع أجزاء كردستان وفضحت سياسة الإمبريالية ومواقفها ومؤامراتها إزاء دول الشرق الأوسط وذلك بالاتفاق مع السلطات الرجعية التركية والإيرانية والعراقية ضد النضال الديمقراطي والحركة القومية التحررية في الشرق ، وحررت الجريدة مواد أدبية منها القصائد السياسية ومقالات وقصص منوعة كان أغلبها يتميز بالطابع الدعائي توقفت جريدة (( كردستان – أذربيجان )) عن الظهور في آذار عام 1961م وذلك عندما انعقد كونفرانس لثلاثة أحزاب سياسية إيرانية ، توحد فيه الحزب الديمقراطي الأذربيجاني مع الحزب الشعبي الإيراني (( تودا )

أما المجلة الأدبية الشهرية : (( هيوا )) الأمل – الصادرة في بغداد حتى انقلاب 8 شباط عام 1963 كلسان حال

(( منتدى التقدم للأكراد )) فقد حررت باللغة الكردية وبلهجتها الجنوبية حررتها في البداية نخبة برجوازية كردية ، وكانوا أعضاء في البرلمان العراقي ، ولهذا ابتعدت مجلة ( هيوا ) عن الحياة السياسية في البلاد وبحثت الأمور الثقافية والأدبية بحدود ضيقة ، بالرغم أن هيئة تحريرها حاولت تقليد المجلة الكردية الشهيرة (( كلاويز )) ونشرت مواضيع كردية أدبية نادرة .

لكن المجلة تحولت بعد ثورة 14 تموز عام 1958 إلى لسان القوى الكردية التقدمية للمثقفين الذين دعموا نضال الشعبين الكردي والعربي من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي ، إلا أن ملاحقة القوى الديمقراطية والتقدمية في البلاد ، وقد بدأت في عام 1961 ، تركت آثارا سلبية على السمة العامة للمجلة وبالتالي أصبح إصدارها في الآونة الأخيرة بصورة ليست منتظمة .

أما المجلة الأدبية النقدية الشهرية :

(( شفق )) الفجر – فقد تأسست في كانون الأول عام 1958 بمدينة كركوك باللغتين العربية والكردية على يد مجموعة من الأكراد المثقفين التقدميين . أمثال الأديب الكردي ( إبراهيم احمد ) وساهم في تحريرها أيضا الأديب معروف برز نجي والمحامي عبد الصمد خانكا والمعلم عمر عارف والدكتور معروف خزنه دار والعقيد المتقاعد عبد القادر البر زنجي .

وقد أفسحت السمة الكيفية التي تمتعت بها المجلة مكانا واسعا للأدب ونظريته ونشرت بشكل مستمر نتاجات أدباء وشعراء الأكراد وكرت المجلة بصورة خاصة صفحاتها للنثر الكردي ، ولاسيما القصة منه كما كافأت المجلة مرارا على أفضل قصة رأت الحياة على صفحاتها استطاعت المجلة وبهذا الأسلوب أن تلعب دورا إيجابيا ملموسا في تطور الأدب الكردي الحديث .

وبعد ثورة 14 تموز في عام 1958، أضحت المجلة اجتماعية وسياسية ثم انتقلت هيئة التحرير في عام 1961 إلى السليمانية

كان دور الصحافة الكردية واضحا في الظروف الاجتماعية والسياسية المميزة لحياة الأكراد ، فقد قدمت الجرائد والمجلات الكردية خدمة جليلة في تنوير الأكراد وكانت بالنسبة لهم ألف باء وكتابا تعليميا وتدريسيا ، لأن الأطفال لم يكونوا يتعلمون باللغة الأم في المدارس ( باستثناء بعض المدارس في العراق التي درست فيا بعض المواد باللغة الكردية ))

وبما أن هيئات تحرير الصحافة أدركت الوظيفة الأساسية لدورياتها وهي تطوير الثقافة القومية وصقلها على صفحات المجلات والجرائد ، فأنها حررت بصورة منتظمة مخطوطات لنتاجات الكلاسيكيين الأكراد في مقدمة صحافتها كما أمست الجرائد والمجلات منبرا لشعراء وأدباء الأكراد المعاصرين ، ولأول مرة ظهرت على صفحات الصحافة المقالات النقدية للأدب الكردي المعاصر

كانت الجرائد والمجلات الكردية الوسيلة الأولى لتعريف الأدب الأجنبي بالقراء الأكراد ، حيث نشرت فيها ترجمات أوروبية خلال اللغة التركية ، بيد أنه في بداية القرن العشرين أصبحت الترجمة عبر اللغة الإنكليزية ولذلك يرتدي تعريف الأدب الأوروبي بالأكراد أهمية بالغة بالنسبة لهم ، حيث وسع الآفاق وطور اللغة الأدبية والطرائق الفنية الجديدة لديهم وبلا ريب كان دور الصحافة على الصعيد الاجتماعي مهما للغاية أيضا لأنها كانت ناطقة ومعبرة عن آمال قومية واجتماعية للشعب الكردي وعن نضالا ته لنيل الحرية.

وإن الثقافة الكردية استطاعت التوصل والتقدم فهي تقف اليوم على قدميها على مستوى المنطقة الكردية وعلى المستوى العالمي بشكل عام ، وذلك من خلال الإصدارات التي تزيد عددها عن ( 50) مطبوع من مجلات وصحف ودوريات ثقافية وكتب وأبحاث ، هذا التوسع الأفقي الذي طرأ على الواقع الثقافي الكردي يمثل مؤشرا صحيا ومشجعا لحدوث وبروز توسع عمودي مقابل – المسألة جدلية- فالتخصص بدأ يتبلور في كردستان وهناك في الأفق القريب توجه تخصصي كردي آتي ، ولذلك فنحن نلمس صدور مجلات ومطبوعات تخصصية كالمجلات المتخصصة في الآثار والأدب والبحث الأكاديمي والأطفال والكاريكاتير ، ومجالات أخرى عديدة ستطرح نفسها بقوة على الساحة الثقافية بدون شك بعيدا عن المبالغة ومنذ المرحلة التي تبلورت في التوجه العالمي الجديد نحو القضية الكردية والتي لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا هي مرحلة تفاؤلية في الصميم وتبشر بحدوث تطورات ثقافية باتجاه أفق ثقافي كردي مفتوح هذا من الناحية الصحافية أما من الناحية الإعلامية فهناك العشرات من القنوات التلفزيونية والإذاعية المنتشرة في مدن كردستان يعمل فيها العشرات من الكتاب والصحافيين والمخرجين والمذيعين والفنانين والمعدين وهذا الواقع يمثل كينونة إضافية لرفد العملية الثقافية الكردية باتجاه كادر إعلامي متخصص ، وهذا يؤدي لحدوث تطور في البناء الثقافي وعلينا أن نتسلح بالعلم والأمل والتفاؤل وبالنظر إلى المستقبل بعين باسمة ونفس متطلعة .

 المصدر: موجز عن تاريخ الأدب الكردي المعاصر  للدكتور : معروف خزنه دار –

الترجمة عن اللغة الروسية الدكتور عبد المجيد شيخو 

في الثاني والعشرين من نيسـان الجاري يحيي الشعب الكـردي يوم الصحافة الكـردية المتزامن مع يوم صدور أول جريدة كردية في العام 1898 في القاهرة ، التي رأت النور بجهود وإرادة الأمير مقداد مدحت بدرخان ، الذي اسـتطاع بوعيه وتنوره أن يدرك مدى أهمية إطلاع العالم على أوضاع الشعب الكردي عبر صوت ووسيلة إعلامية كردية .

لقد كرس البدرخانيون بشكل عام منذ أواخر القرن التاسع عشر جهوداً جبارة لخدمة الشعب الكردي وقضيته في المجالين الثقافي والإعلامي ، وإذا كان مقداد مدحت بدرخان صاحب أول صحيفة كردية ، فإن أسماء بدرخانية أخرى تبرز بقوة في مجال الثقافة و الإعلام كالأمير جلادت بدرخان والأمير كاميران بدرخان حيث كان لهم الفضل الكبير في نشر الثقافة الكردية عبر النشرات والمجلات والمؤلفات ، ولهم أيادٍ بيضاء على اللغة والأدب والكتابة الكردية .

إن الوفاء لهؤلاء الـرواد الأوائل من البدرخانيين ، وفي هذا اليوم بالذات ، يوم الصحافة الكردية ، يحرّضنا جميعاً على متابعة مسيرتهم الخلاقة والتفاعل الحقيقي والجدي مع التطور الهائل للوسائل الإعلامية ومواكبة التقنيات العصرية للنشر والإعلام الذي يحقق التواصل الفعال مع الـرأي العام الكردي والرأي العام العالمـي .

 . 21 / 4 / 2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…