الثقافة الكردية متأثرة بالثقافة العربية إلى أبعد الحدود

  صفد الساموكبغداد

هل الثقافة الكردية، ثقافة ناشئة.. أم أن لها امتدادات تاريخية وملامح حضارية، كشتى الثقافات العريقة في العالم ؟ وما ابرز معالم تلك الثقافة – الكردية ؟ وبأي الثقافات الأخرى تأثرت ؟ ومع من التقت أو تقاطعت ؟ وأين هي من الثقافة العربية ؟ وماذا قدمت للقضية الكردية على مر الأزمنة ؟
تلك المحاور طرحتها (اليوم) على الكاتب الكردي الكبير والمفكر صلاح بدر الدين، احد ابرز الشخصيات الثقافية الكردية، التي حاولت فتح «قنوات» للاتصال مع الثقافة العربية، والمهتمين بشئونها، بمبادرته بإنشاء رابطة ثقافية، تحت اسم رابطة «كاوا» الثقافية التي سعت إلى تفعيل التواصل الثقافي، بين الأكراد والعرب.. قبل نحو أربعة عقود في بيروت..
ومن ثم انتقل بها إلى كردستان العراق عام 1999، وهو رئيس جمعية الصداقة الكردية – العربية، وقد ساهم مبكراً في بناء العلاقات الودية مع حركة التحرر العربية وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية كما شارك في إقامة عدد من جمعيات الصداقة بين الكرد والعرب وهو رئيس جمعية الصداقة الكردية – العربية. ولد بدر الدين في 11 مارس 1945 بقرية – نعمتلي – قضاء – القامشلي – بسوريا ، ومنذ عام 1968 أصبح السكرتير الأول للحزب الديمقراطي الكردي اليساري في سوريا ثم أمينا عاما لحزب الاتحاد الشعبي الكردي بعد تبديل الاسم في المؤتمر الخامس عام 1975، وأسس في لبنان رابطة كاوا للثقافة الكردية كمؤسسة ثقافية في أعوام 1975 – 1978، وفي كردستان العراق عام 1999. وكان لنا هذا الحوار مع صلاح بدر الدين ..

* ما أهداف «رابطة كاوا للثقافة» ؟ وماذا قدمت لثقافتكم ؟
– تأسست الرابطة في بيروت عام 1978 بهدف تفعيل التواصل الثقافي والانساني والسياسي بين الكرد والعرب، فبدأت بترجمة ونشر الكتب والأعمال التاريخية والثقافية والسياسية وباللغة العربية حتى يتمكن الناطقون بالعربية من متابعة الشأن الكردي حضارة وتاريخا، وحصل ذلك للمرة الأولى في الشرق الأوسط وفي المرحلة التالية بعد انتقال الرابطة الى اربيل منذ 1999 اضيف الى مهامها النشر والتوزيع . ونقيم ندوات أسبوعية (بلغت أكثر من 300 ندوة وحلقة دراسية) حول قضايا العلاقات بين الشعبين والثقافة وحقوق الانسان والارهاب وحل المسألة القومية والتسامح الديني والمذهبي وقضايا كردستان العراق، والعراق والعرب وفلسطين والمرأة والفن والابداع والحوار، كما انبثقت عن الرابطة جمعية الصداقة الكردية العربية التي عقدت مؤتمرا تأسيسيا برعاية رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني وقامت بنشاطات عديدة منها عقد مؤتمر تضامني في اربيل للتضامن مع الشعب الفلسطيني وكذلك الملتقى الثقافي الكردي العربي الأول .

* ماذا حققت الرابطة لخدمة الثقافة الكردية في مجال التواصل مع العالم ، محليا وعربيا وعالميا ؟
– المهمة الرئيسية التي وضعناها أمامنا هي تحقيق التواصل مع العرب بالدرجة الأولى ومن ثم الانطلاق الى الأشمل. نعم هناك نوع من التواصل مع منظمات عالمية غير حكومية وبعض البرلمانات الأوروبية وكذلك ترجمة بعض الكتب حول القضية الكردية والثقافة الكردية الى اللغات العالمية.

* مستقبلا .. ماذا أمامكم من خطوات ؟
– هناك طموحات مشروعة لتطوير عمل الرابطة ولدينا مشاريع وبرامج قيد الدراسة ويبقى نقص الامكانيات المادية عقبة في تنفيذ مشاريعنا الثقافية وبكل أسف لم نلحظ أية بادرة عربية من أجل دعم الجهود التي تصب لصالح خير الشعبين وتقاربهما وتفاعل ثقافتيهما .

* بوصفكم من بين ابرز المعنيين بإظهار ملامح الثقافة الكردية لمن لم يتعرض لها، ما ابرز معالم تلك الثقافة ؟ وما جذورها في العراق والعالم ؟
– إن الثقافة الكردية – وعلى الرغم من سياسات الطمس المتعمد والمحاربة والتجاهل التي واجهتها منذ قرون – بقيت حية، وميزتها أنها تخلدت وعاشت عبر الحكايات الشعبية غير المكتوبة والفولكلور والتراث ومن أبرز معالمها أدبا وشعرا وتاريخا مكتوبا أو شفويا التعلق بالطبيعة وحب الحياة والجمال والشجاعة والفروسية والتضحية من اجل الحبيب (ملحمة مم وزين) والثقافة الكردية حرة تحترم المرأة وتكرس التسامح الديني والقومي والتعايش السلمي وفي المرحلة الراهنة هناك غنى في التطور الثقافي الكردي في العراق حيث الآلاف من الكتب تطبع سنويا في كردستان وتدرس الثقافة الكردية بكل جوانبها في المدارس والمعاهد والجامعات .

* هل تأثرت ثقافتكم بأية ثقافات أخرى ؟ وهل التقت مع ثقافات معينة أو تقاطعت معها في بعض الجوانب ؟
– لا شك ان الثقافة الكردية متأثرة بالثقافة العربية الى أبعد الحدود، بفعل الإسلام والقرآن وبالثقافات الأخرى الفارسية والتركية وهي تأثيرات متبادلة على أي حال كما أن جميع ثقافات شعوب المنطقة متقاربة ومتشابهة مع خصوصيات مميزة لثقافة كل شعب على حدة .

* باعتقادك .. ماذا قدمت الثقافة الكردية للقضية الكردية، تاريخا، وحاضرا، وما يؤمل لها أن تقدم للشعب الكردي مستقبلا ؟
– ما دام ان الشعب الكردي في مرحلة التحرر القومي فالثقافة محرك أساسي في كل ما يتعلق بحاضره ومستقبله ففي مواجهة طمس تاريخه ومعالمه ومنع لغته وتجاهل هويته وحضارته تبقى الثقافة السلاح الفعال في ساحة المعركة بكل جوانبها في هذه المرحلة والمراحل التي تليها من بناء واعمار .

* الثقافة الكردية والثقافة العربية .. ما نقاط الاتصال والاختلاف فيما بينهما ؟
– الثقافتان بالأصل متجانستان ومتشابهتان انسانيا وتاريخيا أما ثقافة الأنظمة الدكتاتورية الشوفينية العنصرية كما حصل لدى نظام البعث في العراق سابقا في تنفيذ المخططات العنصرية ضد الكرد والمقابر الجماعية والتهجير وتغيير الطابع الديموغرافي للمناطق الكردية فهي ثقافة غريبة تتناقض مع ارادة العرب ولا تتفق مع ثقافة الكرد بل ترمي الى الفرقة والانقسام ما يجمع الثقافتين هو الاحترام المتبادل واستيعاب وقبول البعض وهناك الكثير مما يجمع الثقافتين تاريخيا وحضاريا وروحيا.

* حوار أجرته صحيفة-اليوم- السعودية مع الكاتب و السياسي الكردي صلاح بدر الدين-العدد 12734 .السبت 26-4-2008 .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…