اشلاء مسرحية

عامر خ. مراد

تميز المسرح ومنذ ولادته عن غيره من الفنون بكونه الفن الحي الماثل امام جمهور يشكل اهم شروط كينونة هذا الفن وما كان بالامكان وحتى الان وجود مسرح دون جمهور وهذا هو ايضا جوهر الازمة التى يعيشها المسرح كونه قد اصبح جسدا فقد احد اهم عناصره وجوهر وجوده وتميزه وقد يكون المسرح قد عايش مرحلة من الجمود جعلت الهوة ما بينه وبين جمهوره تتسع او ان هذا الجمهور قد تعرض لانواع معينة من التغيير والتبدل في اولويات العمق الجمالي للظاهرة البصرية لديه وبذلك انتقل من حيثيات مسرحية الى اخرى مجهولة الهوية وغير مفهومة المعالم بعد
واذا كانت هذه الخصومة مؤقتة كما يحاول معظم النقاد تصورها وتبدا جميع الفعاليات المسرحية بايجاد حلول لهذه الازمة وتبدا محاولات تجديد وتجريب خاضعة لمفهوم الرغبة في انطلاقة جديدة بالظهور والبحث عن سبل واليات لحيوية هذا الفن من جديد وعلاقة تصالحية جديدة بينه وبين جمهوره فاننا نود ان نطرح ما قد يشعل الاضواء الحمراء ويلفت الانتباه الى ظواهر خطرة على هذا الفن الرائع الذي لم ولن توجد البشرية مثيله طالما التهت العقول بالابداع لتاتي ظاهرة المسلسل المسرحي وهذا ما يمكنني ان اطلقه من مسمى على المسلسلات التلفزيونية الكوميدية والتى ترافق القهقهات الالية بعض النبذات المشهدية منها حيث يعرض المسلسل وفي المونتاج يتربع احدهم على عرش الالة التى تراود خلجات هذا الرجل وهو يتابع كتابته الدرامية ليضحك ويضحك الالة معه ظنا بانه قادر عبر هذا الفعل التسلطي على ان يضحك مع الته ومع خفايا نفسيته الجمهور الواسع الجالس امام شاشات التلفاز بكل ما لها من خصوصيات تختلف عن مثيلاتها في المسرح فهل يحاول هؤلاء المؤلفون ايجاد البديل عن الجمهور بطرح الة للتسجيل همها الخضوع لحركات اصابع المؤلف اولا يعد هذا الامر بمثابة الجمهور الصناعي الذي لا يمكن ان يحل يوما محل الجمهور الحقيقي اولا يعد هذا مصادرة لراي المتابع اولا تبتعد هذه النتاجات عن روحانية الفرجة المسرحية ومدى اهميتها كاداة لاظهار النفسية العامة او دراسة الراي لعام فهل يؤدي هذا الى منع المسرح من كونه اداة بحث كانت الدليل للكثير من الباحثين لاظهار ما يجب طرحه وما تاثير كل ما هو مطروح اصلا في ما بين العامة وبذلك نكون قد فقدنا عنصرا مهما من عناصر البث النفسي وكيف تتمكن الحالة الابداعية الدرامية من خلق جمهور وردة فعل خاصة بها مضمونة في ثناياها فهل يجب على هذا المبدع ان يخفي انتاجه لانه قد صادر راي الجمهور اصلا
واضحك من يريد وانطلق من العمل الى ايجابيته دون العمل على البحث عن ردة فعل الشارع على ما انتج وابدع واذا كان المؤلف قد اوقع نفسه في غياهب من السلبية الذاتية فانه ينطلق منها الى اغفال الاخر ايضا وهذا ما لا يحق له
فهل تكون هذه الادوات البداية لنهاية وجود الفن المسرحي والدليل على شيخوخة حالة المواجهة ما بين الجمهور والعرض وفقدانها لاهميتها ام انها المحمول للنوايا الحسنة من قبل البعض لاعطاء الاولوية للقهقهة الجماعية حتى وان كانت الظاهرة تلفزيونية بالدرجة الاولى وبذلك يكون المسرح قد اجتاح غيره من الفنون وهو في ظل ازمته وما بين الغرغرة والولادة تتناثر الاف الاسئلة وتنبث الشفاه بالاف الاجوبة وليكن فما زال للمسرح هيبته وكنوز عرشه الابدية

com.hotmail@siyaziya

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إدريس سالم

نقرأ في قصيدة «مرثية الأشياء الصغيرة»، لوحة نوستالجية مكتملة العناصر، تقوم على تصوير حسّي غامر، يجعل القارئ يشارك التجربة بكامل حواسه، فيشمّ الماضي، ويلمس دفئه، ويتذوّق طعمه، ويسمع أصواته، ويراه بعين الروح والخيال. إنها قصيدة تتأرجح بين الدفء والألم، بين الذكريات المضيئة والانطفاء القاسي، لتمثّل نصّاً عن هوية مهدّدة بالغياب، وعن حياة كاملة تذوب…

إبراهيم اليوسف

تعد الشاعرة والأديبة مزكين حسكو واحدة من الأسماء التي اختارت طريقها عبر الإبداع، إذ جعلت من الكتابة الجمالية فعلاً يومياً لم يتوقف عند حدود الشعر وحده، بل تجاوزته إلى السرد بأنواعه. فهي شاعرة، وناقدة، ومترجمة، وكاتبة مقال، وصوت حاضر في السرد، حيث يتجاور عندها النص الشعري المكثف مع المقالة النقدية المضيئة، ومع مشروع الرواية…

فواز عبدي

الليل شتائي، الثلج إكليل عرس منقط بالسواد على جبين الأرض، المهجع خلية نحل أدخل فيها طفل مشاكس عصاً، وراح يعبث بها.. فتية في مقتبل العمر؛ تركوا خلفهم أحلام طفولتهم المسروقة ومغامرات المراهقة.. تعلو أصواتهم وضحكاتهم غير عابئين بما يدور حولهم، يريدون الانتقام من الزمن الذي يأخذ ربيع أعمارهم، ويعبث بهم على هواه. جدران المهجع…

في زمن تتسارع فيه الأزمات السياسية والاجتماعية في العالم العربي، يأتي كتاب “الصوت الندي: تأملات في الأداء والأغاني” للكاتب والشاعر الفلسطيني فراس حج محمد كملاذ ثقافي يعيد النظر في دور الغناء كأداة للحفاظ على الذاكرة الجماعية والتعبير عن الهوية الوطنية.

صدر الكتاب مؤخراً عن دار الرعاة للدراسات والنشر في رام الله ودار جسور ثقافية في عمّان،…