مزهريّات

عبد الرحمن عفيف 

غنائم

ربّما النظّارة غنيمتي
نظّارة صديق على كومة من عمى ونسيان.
غنيمتي أيضا الدرّاجة الهوائية
وهواء الدرّاجة الهوائية
لم أجد الهواء ولا الدرّاجة خلف النظّارة
قال الصديق الذي لم يكن الصديق الذي أقصده
نعم، إنها نظّارة خلف التلال البسيطة
تنظر إلينا ونحن نتقلّب على الفصول
أنت كعقرب  وأنا كدرّاجة خارجة من الأرض.
حنين الغيمة
عشت في حديد اللعبة التي دارت في القامشلي
صنعها زوج خالتي البيضاء من الأعراس والأحزان.
خالتي بعكّاز حماتها على ظهرها
طاردت الغيوم البليدة وضربت زوجها ونامت.
أنا نمت أيضا مثل خالتي على الغيوم
البيضاء وأحيانا البنفسجيّة قبل الغروب
وخرجت شخصا يختلف عن لعبة دوران الحديد
وركض الغيوم أو
انهيارها على الشارع من الحنين.

خالي والثعلب
شكرا يا خالي في جحر الثعلب الخائف
شكرا أيها الثعلب الخائف في وكر خالي
وشكرا أيها الشعر الذي لا يخاف من خالي
ولا من الثعلب الخائف من خالي.

الترام
أردتُ أن أصمت وأنظر إلى الناس
وهم يتكلّمون وأمامهم فناجين القهوة الساخنة
وأمامهم طاولة تناسب المقهى
وفي الخارج المساء الذي يناسب موقف الترام الأزرق
والأبيض الآن حينما أفكّر فيه
أردت أن أصمت وأراقب الترام الأبيض الذي سافر
في الثلج وترك الناس في المقهى وهم يدخّنون
ويشربون القهوة ويضحكون ويلغطون.

السلّم والشمس
ريحانة تتطاول على السلّم
سلّم يتطاول على السماء
الشمس المشرقة للريحانة وللسلّم
وللزهرة التي سقطت ولم تسقط
كيف أشرقت الشمس للزهرة التي سقطت ولم تسقط
على الريحانة والسلّم
والسلّم كيف تطاول وتنازل
على الجدار الطيني وكانت الشمس
محرقة وحارقة كتنّور تحت الريحانة
الريّانة والسلّم الحديد الذي
كان سلّما فحسب.

حنفيّة الموسيقى
كيف أعطي أنفي في قصّة حبّ
أنتِ بطلتها على السطوح
لا تتنازلين برمي فستانك لي من فوق السماء
التي لستُ تحتها،
إنما بقرب حنفيّة طائشة
سالت طوال الليل بالموسيقى
التي كانت حبّي لك في المدرسة
وتحت أشجار الصنوبر المتطيّرة في الغبار.

أغنيتي
سأغنّي لك ولغيرك
ولمن يحبّني ولمن لا يحبّني
أغاني لا تهمّني وتهمّني فقط في لحظة سريعة
للغاية. هذه ماهيّة أغنيتي التي
قد تكون طويلة مثل درج سقطت عليه
وعليه أخشاب السقف والحجل من صدري المذبوح
والمزهريّة من قلبي المفتوح
والأصل في الضدّ
والناس في الحشر ميّتون ونائمون
لا يعرفون الحبّ ولا السقف
ولا النحلة ولا الزنبور المنتقم.

لقالق مهاجرة
ارتفع الصخب من البئر
التي وقعت فيها المنارة من فم اللقلق المسافر
اللقلق المسافر سافر على السقف والمنضدة والدخان والمدخنة
أخذ الأولاد والجيران والبيوت والبئر والمنارة
وذهب إلى الجبال والوديان في الشتاء
بقي فقط صخب البئر التي وقعتُ فيها.

المزهريّات
أين تضع المزهريّة أعباءها
من الفساتين والمكاحل الأرجوانيّة والبيضاء والبنفسجيّة والخضراء
والصفراء والمرأة الصفراء وأختها الخضراء وابنة عمّتها حبّة الزيتونة
وابن الخال الضالّ الذي فتّشت عنه الفساتين والمكاحل
واللفاح الدافئ والزعفران المنتشي
كلّ هذا في أنفي المغروس جيّدا على مزهريّات
الغرباء والأصدقاء.
إلى أين أيتها المزهريّات.

جمال
جمل دار في البيوت ولم يدلّه أحد إلى بيتك
جمل شرب الكازوز وسكبه على رأسه
وذيل ثوبه وجمل آخر لم يعرف أن بيتك
في هذه الحارة
الجمل العجوز والجمل الشابّ جاءا إليك
ونظرا من الشبّاك إليك
وعرفا قصيدة الحبّ هذه
وشبّاكا لم يكن موجودا إلاّ
للجمال أمثالنا.

بين القارّات
الفتاة الصفراء خرجت من المزهريّة الصفراء
الولد الخجول من بين أوراق العصفور الخجول
القطا واليمام على الصلاة
النسوة جالسات مع الفلاة
نسوة يغسلن الأطباق
أخريات يفكّرن في الزواج والفتاة التي تزوّجت
والولد الذي تزوّج
والكرة التي تزوّجت في
أفريقيا أو أميركا
أو في قارّة أخرى
هي المزهريّة الصفراء التي صارت
أوروبا البيضاء.

سوريا/ ألمانيا
—–

جريدة النهار

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…