في اللاشيء و الوعظ غير المتعظ

بقلم : وليد حاج عبد القادر

متناقضة هي الأمور …. الحياة و الموت … الحب و البغض …. أتأمل عميقاً في بحر عينيها , أأذوب حباً ؟ لا أدري …. عشقاً ربما …. و لما لا و تلك النرجسة تأبى أن تغرق في بحر الماء , كذوبان بؤبؤة عينيك في ألم صامت , و عروسة البحر تقفز – لا أدري – رقصاً أم ألماً ؟؟ …. أحببتها … ربما – لا أدري – لعنة على هذه – اللا أدرية – التي أضحت ملزمة في عشق اللا شيء و فهم الشيء كما في العقل الباطن لبعض من واعظينا ( المعاصرين ) .

رحم الله الجزيري في قوله :

حياتا دل ميا باقي بنوشين دا بمشتاق …. ألا أيها الساقي أدر كأساً و ناولها
و على ذكر واعظينا الأكارم فبقدرة قادر أضحى ماركس ابن أنجلس و هو بدوره ابن لينين كما البرنامج السياسي يلزمه حمولة أكثر من بغل لتسويقه إلى الفلاحين , و بتنا أسراء الفكر المتأزم الناتج عن واقع متأزم , يأبى بفعلنا أن يتفكك عقده , رغم (قوة بول العجوز الشمطاء) المتشبثة في (دشت) و شتلة البندورة المزهرة في قمم زوزانا … موسيقا صاخبة ضجت بها المكان … أوتار و لغة لا أستسيغها فأنا ابن (بيزوك و حيرانوك) و الغناء المتأوه المنفرد . تناولت كأساً من البيرة و توجهت إلى صدر القاعة أتأمل اللاشيء …. بادرني سؤاله بالانكليزية : من أين أنت ؟ أجبته : من كردستان … لا يدري ما هي , و أين تقع كردستان , سألته : من أين أنت ؟ أجابني : من بريطانيا …. و باللا أدرية المتأزمة في داخلي و بانفعال لا أستطيع للحظة استيعابها , أجبته : طبعاً لا تعرف كردستان لأن امبراطوريتك العظمى كانت وراء تقسيم وطني و و و و , قاطعني : صديقي العزيز , نخب وطنك و تمهل ….. كلمني عن وطنك …. و من أبجدية كلماتي قاطعني مجدداً : عرفت … وطنك و شعبك …. لا تحملني وزر أجدادي , فأنا أعلم بأنهم قد أخطؤوا في بعض الأحيان , و في غمرة الحديث بدأ الضوء الخافت يسطع شيئاً فشيئاً و نأبى الاكتفاء فنترنح قي شوارع دبي و ليله الذي لا ينتهي …. و التقيتها …. ظننتها بداية كغيرها من المتسكعات في نواد الليل و أزقة البارات (على عادة واعظينا الكرام ) أصرت على شرب القهوة الأمريكية , و ما إن علمت بأنني كردي , قالت : مأساة هي قضيتكم أيها الكرد … دفعتم و تدفعون الكثير ضريبة صلاح الدين الأيوبي …. وطنكم مقسم لأربعة أجزاء … تعانون الويل في كل جزء … منذ – سعيد بيران – مروراً بقاضي محمد .. مصطفى البارزاني … أوجلان , و ما حدث أخيراً في (كامشلي) – بلكنتها – قاطعتها : مهلاً مهلاً , من أنت , و ما أدراك ؟؟!! و من أين لك بكل هذه المعلومات , و بانكليزيتها الرصينة أجابت : أنا صحافية من الفيلبين , أهتم بقضايا الشعوب على شاكلة شعبكم … كوَنت بغض المعلومات , و ما زلت بحاجة إلى المزيد , و جميل أن ألتفي بكردي ليوسع مجال معرفتي بهذا الشعب !! من أي جزء أنت , أجبتها : من الجزء السوري , من , قاطعتني : (كامشلو) , أجبتها : نعم , و استطردنا في الحديث عن كل جزء و تاريخ كل انتفاضة .. و عن المدن الكردية الهامة , قلت لها : أن القضية الكردية لا تختزل في سويعات … ضعي برنامجاً و سنفيدك قدر الإمكان في اجراء أية بحوث ترغبينها , و كأية إمرأة ارتأت أن تبدأ من المطبخ الكردي , فالزي الفولكلوري إلى الغناء و الموسيقا و الدبكات الكردية …. إلى اللغة الكردية و آدابها , و لشدة اعجابها بالدبكة الكردية تعلمت بعضاً منها و أتقنتها (أكثر بكثير من بعض واعظينا اللذين يعتبرون هذه الدبكات كفراً و حراماً) , و قالت جملتها التي ما تزال تطن في أذني : أتعلم بأنكم في حفاظكم على عاداتكم و تقالديدكم الفولكلورية تصديتم للذين يحاولون صهركم و اذابتكم أكثر بكثير من بواريدكم !! ….. قرأت لها بالكردية بعضاً من شعر الجزيزي …… باتي … سيابوش … و ترجمت لها قدر استطاعتي إلى الانكليزية قليلاً عن (مم و زين ) و (فرهاد و شيرين) … الله ما أجمل قصصكم … هل من ترجمات انكليزية لها …. للأسف لا أدري , أجبتها .

ف : لواعظينا الأكارم , أقول : أدعوكم إلى مباراة ثقافية مع هذه الصحفية , عن التاريخ و الثقافة و الفولكلور الكردي … قد يجوب البعض منا ساهراً الليالي و لكن يأبى الهم أن يجتزئ أو يغيب مهما كانت أضواء الليل خافتة و همساتها واطئة , فليس كل همسة فيها ما فيها من سوء فهم , أوليس الله سبحانه و تعالى بقائل : (ويل لكل همزة لمزة) … و بالرغم من هذه الارهاصات يأبى العشق أن يلوذ بالصمت في احتكاره لرجل أو امرأة … متنوع العشق بتلون آهاته و لواعجه …. قد تكون لوردة …. نرجسة … زهرة … فتاة … أو وطن , و إلا فأننا لن نستغرب من واعظينا إدانة و تكفير شعراء العشق المساكين ك : ماجن … سيابوش … علي حريري … مروراً بفقي تيرا …. باتي و خاني , و لا ننسى  الجزيري :
روح   و راوانه   مي  حبيب  ديسا   بتلبيسا  رقيب
 رنجي  ده  كر  هر  مسكين  تركا  دلي  أحباب  دا

(اتقوا الله في أقوالكم و أفعالكم) .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…