الملاحظة الأولى، وجدتْ نفسها في العناوين المنقسمة بين مفردة واحدة، ومفردتين، حيث اتفقت خمسة عشر عنواناً على الصِّياغة الفردية، حيثُ العنوان عبارة عن كلمة واحدة، منها عنوان واحد مكوّنٌ من حرف واحد ( لو )، بينما اجتمعت ستة عناوين أخرى من كلمتين منها( قوافل المطر، وعيد الحبّ) مضاف ومضاف إليه، و( المثوى الأخير) من صفة وموصوف، وثلاثة عناوين أخرى جاءت بدلالاتٍ زمنية مختلفة ( حين تكونين، ذات حزن، حين أراك). والعناوين تلك، لم تأتِ موفّقة من حيث المعاني بوصفها البوابة إلى عالم القصيدة، والعتبة التي تفصل القارئ عن النّص، وتأخذه إلى حيث فضاء القصيدة، مثل ( اعتراف، سيرة، ذاكرة، تجليات، دعوة) بينما جاءت عناوين أخرى مفاتيح مرورٍ إلى مخبوءات النّص، وعلاماتٍ تمنح القارئ مكاناً فسيحاً للدخول إليه، مثيرة في الوقت نفسه، تساؤلاتٍ مشروعة في فضاء النّص كـ( نسيان، عنوان، المثوى الأخير).
الملاحظة الثانية :نصوص المجموعة تفيض بالمشاعر السَّيّالة دون أن تتمكّن الشّاعرة من الإمساك بها وصياغتها شعرياً، ممّا أوقعتها في فخِّ ( شَعْرَنَة فيض المشاعر) من دون إيجاد معادلة متوازنة بين العاطفة المتدفقة والحالة الشّعرية ( وتمعن الشمس في نهاراتي النّظر ص31. حين لا تراني، تسخّر للبحث عني كلّ الأغاني والأماني ص34. ازدحمت بين أصابعي عطرُ الياسمين ص 35) فالتاء التأنيث في فعل ( ازدحمت) أربكت الجملة، وليس ثمّة من داعٍ لتأنيث الفعل . ( وقبل أن يبتئس الحبر في أناملي ص 42) .
حاولت الشاعرةُ بثّ صورة شعرية في هذه العبارة، لكن اعتقد أنّ الصورة غير متزنة، ولا تضيف متعة التخيل إليها أثناء القراءة.
وأحياناً أخرى تقف الشاعرة بإجلالٍ أمام سيل المشاعر المتدفقة فتبني قصيدتها بما يليق تلك المشاعر لتسمو بها إلى حيث جمال الكلمة( حين أراك يفيض الصّمت، ثمَّ يسقط الكلام، فأرسل في يديك الجنون ص33. حين تأتي يقف قلبي على أصابعه، ويخوض معركة اللقاء ص42. مازالت جراحاتي واقفة على عتبات القصائد تنزف شوقاً ص61).
وكثيراً ما تأتي الفكرة بسلاسة وانسيابية مع استخدام المفردات البسيطة المتداولة فتجعل من البساطة موقفاً شعرياً مؤثراً ( كلما أودعك، أنسى أصابعي بين يديك ص 17).
وكان يمكن للشاعرة الاستفادة من المخزون العاطفي، والرؤية الواضحة إلى الأمور في كتابة قصيدة تترك الأثر، وتقارب الشعرية.
الملاحظة الثالثة تتولّد من أسلوب السّجع الذي يغري الشاعرة بتنغيماته ووقْعِ (فونيماته ) في الحرف القلق المكرّر في نهاية الجملة السجعية، وكأنّ بها تستمتع بلذَّة السجع في نهايات عباراتها ومن اعتمادها على قافية غير مبررة فنياً، فلا يوجد مسوّغ فنّي يشفع لتكرار السّجع في قصائدها. ( سترث قصائدي أضواء القمر، وتمعن الشّمس في نهاراتي النّظر ص31.كوني صرختي في شقوق المكان، وصمت العيون… كوني ياسميناً ينبت بين أضلعي، في خاصرتي وبين الجفون ص 53. سامحيني إن عبر طيفي مساءاتك دون جواز سفر واستوطن الحزن في قصائدك وتبختر ص13).
بما أنّ النصوص التي تحتوي على عبارات سجعية لا تنتمي إلى شعر التفعيلة فلا حاجة إلى الاعتماد على توافق الكلمات في نهايات حروفها، حاولتُ تقطيع معظم نصوص المجموعة فلم أعثر على شعر التفعيلة، فالنّص يتحول إلى أهزوجة وأغنية شعبية، إنْ خالفت القصيدةُ قواعد التفعيلة والتزمتْ بقواعد السّجع، وهذا ما فعلته الشاعرة بنصوصها.
الملاحظة الرابعة تسجّل للشاعرة على إيجابية الصّورة الشّعرية لديها، فوجود الثغرات والهفوات السابقة لا يلغي القيمة الشعرية في بعض العبارات والنصوص، حيث الصورة الشعرية تفيض جمالية رغم بساطة بنيتها الفنية، ( فأنا أشلاء امرأة أقفل الفجر في وجهي أبوابه ص43.حين تأتي يقف قلبي على أصابعه ويخوض معركة اللقاء ص42. مازالت جراحاتي واقفة على عتبات القصائد تنزف شوقاً إليك ص61.فأرسل في يديك الجنون ص33)
الملاحظة الخامسة تعلنُ عن نفسها أمام اللوحات التي اجتاحت القصائد، فقد احتوت المجموعة رغم قلة القصائد على أربع عشرة لوحة مبثوثة في ثنايا المجموعة، فقاربت ألبوماً فنياً أكثر منها مجموعة شعرية .