ما يميز هذا المشروع أنه لم يتخلف شهراً واحداً طيلة السنوات الست التي مضت، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى إرادة قوية. والأمسيات جميعها تلقى باللغة الكردية، حتى المساهمات التي كتبها أصحابها باللغة العربية طُلِبَ من أصحابها إعطاء فحواها أو ترجمتها إلى اللغة الكردية، ليس انطلاقاً من مفهوم ضيق، وتعصبي حسب كلام السيد أوصمان عبر اتصالنا الهاتفي معه، بل لتعميق محبة اللغة الكردية في نفوس الجيل الجديد – الأكاديمي – خاصة، فالتعويل عليهم للحفاظ على لغتهم الكردية المعرضة لتحديات كبرى، ومن الاندثار والمحو في زمن اُمَّحَت فيه هويات كبرى، ويقول: نجحنا في انجذاب هؤلاء الشباب نحو لغتهم والاهتمام بها.
هذا وقد قرئت أسماء الكتاب والأدباء والمواقع الالكترونية الكردية، والمنتديات الأدبية ومنظمات حقوق الإنسان الكردية الذين أرسلوا برقيات تهنئة للهيئة، وما يثير التساؤل أن أياً من الأحبة القائمين ليس من الأسرة الأدبية، فهم لا يحملون شهادات عالية في النقد والأدب، وليست لهم دواوين ولا روايات، لكن حب لغتهم الكردية، والغيرة عليها دفعتهم لمتابعة هذا المشروع، وعدم تخصصهم في الحقول الأدبية والثقافية ربما يضفي طابع الروتين على الأداء. فليس لديهم مشروع واضح المعالم، لكنهم يرحِّبون حسبما أخبرَنا أوصمان بالقامات الإبداعية الكردية والأكاديميين، ولا مانع لديهم للاتصال بأصحاب الشأن من أجل تطوير مفهوم إحياء الأمسيات إلى أمداء أرحب. وبرأيي لو كان القائمون عليها من الأسرة الأدبية لما استمرت إلى الآن لغزارة الحساسيات، والحروب الصغيرة التي تحدث مع الأدباء، وأنا في لجة الوضع تماماً. وهذا ما يفسر توقف الأنشطة التي رعاها الأدباء، ولم تستمر؟!
وفي اتصال هاتفي مع السيد عباس أوصمان أحد أعضاء لجنة «الأمسيات الكردية» أفادني في الإجابة على سؤال: هل يطمحون إلى تطوير مفهوم هذه الليالي الكردية، وتوسيعها؟؟، فأجاب: نحن نعمل لنجعل من هذه الأمسيات واقعاً، ونطمح لتحويل هذه الأنشطة إلى صالون أدبي، عندئذ لا يهمنا إن لم يبق لنا دور فيه، لأن الدور سيقع على عاتق الأدباء والمثقفين، وهذا يفرحنا. نحن نعمل بعيدين عن المظلات السياسية ونتمنى أن تكون كل التلاوين موجودة شرط بقائها على الحياد، وعدم استغلال أمسياتنا لأغراض حزبية، نحن ننأى عنها في مشروعنا.وحول سؤال: هل ستبقى هذه الفعاليات ضمن إطار إحياء الأمسيات الأدبية والفنية، وماذا لو أشهروا أنفسهم كدار نشر، تهتم بنشر الإبداع الحقيقي للمبدعين الكرد، فأجاب: طموحنا كبير، ولكن الظروف المادية حالياً لا تتعاون معنا، ونحن لا نعتمد إلا على إمكانياتنا المتواضعة، وهي ليس كفيلة بتحقيق بما ورد في صيغة السؤال، نحن كثيراً نحتار في تأمين الكراسي، وبعض السكاكر للحضور، فكيف سنتكفل بطباعة كتب، هذا المشروع أضخم من إمكانياتنا، وسألته: هل تتلقون الدعم المادي من جهة معينة. أحزاب كردية أو كردستانية – فعاليات مدنية في الخارج؟؟ فكان رده: مشروعنا حالياً لا يتطلب هذه الإمكانيات حتى نطلب من أحد نقوداً أو مساعدات، بصراحة لم نطلب المساعدة من أحد، ولم يتكرم أحد بإعطائنا شيء، هكذا أفضل لنا ولهم، ولماذا أفضل: لا أظن أن الفعاليات السياسية خاصة ستعطي شيئاً دون أن يكون لها دورٍ ما في مشروعنا، ونحن حاولنا منذ البداية ألا نُسيِّسه رغبة في استمراريته، أحياناً يهدي لنا مبدع كردي كمية من كتبه فنعرضها للبيع لتغطية التكاليف، هل تعرف أننا إلى الآن لا نملك كاميرا لتوثيق أنشطتنا، عداك عن مستلزمات كثيرة ضرورية لكن الإمكانيات معدومة.
وسألته: ألا تخشون من المنافسة؟؟ فثمة مشاريع على غرار مشروعكم، لديهم رؤى ثقافية أنضج، فردَّ: بالعكس تماماً. نحن نفرح لكل الأحبة الذين وضعوا أمام أعينهم فكرة إعطاء شيء لشعبهم الكردي، يكفينا فخراً أننا وضعنا اللبنات الأولى، والباقي عليكم أيها المثقفون والمهتمون بالشأن الأدبي والفكري، نحن نسمع بهذه المشاريع، وإن طلب منا المساعدة لن نبخل عليهم بخبرتنا المتواضعة، ويمكن التنسيق معهم، إن رغبوا.
وتنتهي هذه الأمسية بانشراح كبير من الجمهور، وسعادة مفرطة من القائمين عليه، لأنهم أجمعوا كل ذلك الوجوه الحلوة في مكان واحد حتى لو كان سطحَ منزلٍ في حارة عشوائية اسمها حارة الأكراد أو «ركن الدين»، أولها حتى آخرها مخالفات و…..