الإِدْمانُ العاشِرُ.. حَلمَتانِ لا تمسّهُما النَّارُ

جوان فرسو

كلَّفَتْني الرَّيْبةَ..
مِنْ وَريدِ الثَّانِيَتَيْنِ الأَخيرَتَيْنِ، خَمْسُ هَزَائِمَ..
حتَّى أَوَائِلِ الظَّفَرِ الَّذي بَدَأَتْ طَلائِعُهُ بالوُلُوجِ أَمامي..
خَمْسُ هَزَائِمَ..
            ..خَمْسُ غاراتٍ
            ..خَمْسُ حَدائِقَ

            ..خَمْسَةُ احتِمالاتٍ
… جِراحِيْ – على الاندمالِ – فاضَتْ ثُغُورُ إيابِها

عَميقةَ المَنْفَذِ..
مِنْ هَزائمي.. خَرَجْتُ.. أَحْملُ لعَيْنَيْنِ يَغْسلُهُما الأَلَمُ.. أصابعَ غرَّتْها المَراكِبُ الحَمْراءُ..
                 ..الأَشْرِعَةُ الحَمْراءُ
تَحْملُ أَسْفارَ العِشْقِ الخَامسِ سَكَراً لا يبشِّرُ بالتَّوازُنِ! يَمْضِيْ مِنْ إِيابٍ ويرجعُ مِنْ ذَهابٍ.
ولمْ يَعتريني.. ذلكَ الدُّوارُ الشَّتويُّ الغائِمُ..
إلاّ حَيثُما الغَيْثُ بدا.. ملتوياً ..
يَدُورُ فِيْ فَلَكِهِ، مُعْلِناً الهَزيمةَ السَّادسةَ، أَمامَ
 حَلَمَتَيْنِ لا تَمُسُّهُما النَّارُ!.
لأتبوَّأَ مَقْعَداً.. في الانصهارِ،
مِنَ الرِّهانِ..
على الطَّريقِ الخاسرِ،
قَدْ أَمُدُّ لُهاثي.
أَوْ.. إِلى شَفَتَيكِ قَدْ لا أَصلُ.. ذاتَ حَديقةٍ
لأُعَوَّضَ عَنْهُما..
إذا ما انْتابَتْني اللَّحَظاتُ..
بما لَمْ يُراودني الشَّكُّ فيهِ!
حِينها.. أَنْ أَفْسَحَ الزَّمانَ لِلُهاثي
اسمَحي لِيْ..
قَوافِلُ عَبَرَتْ.. بأَحْمالِها صَحاري الرَّمَّةِ نَحْوَ سَبيلِ الحِجازِ..
وأنا أَرتَشِفُ أَوْزاري فَيْ هَوْدَجِكِ المُسْكِرِ نَحْوَ سَبيلِ المَجازِ!.
هبيني سِرَّاً لاقْتِطافِ اللَّحْظَةِ..
لَحْظَةَ أَنينٍ..
واسْرُديني مَرَّةً.. حكايةَ طَيْفٍ،
لِشَهْدٍ يَلُمُّ لِشَفَتَيكِ قَناديلَ القُرُنْفُلِ!
وَمَهْدٍ يَلُمُّ لِشَفَتَيَّ كَمانَ السَّفَرْجَلِ!
وَدَعيني أَتْرُكُ العَنانَ!
لِيْ..
لأَمْضي..
وَطَيْرَ اليَمامِ.
أَسْرُدُ لِراحَتَيَّ..
وَجْهكِ أُنْشُودةً لعمقِ البِحارِ..
وَنَشْوةً لِصَمْتِ الفُؤادِ.
أمّا..
كَيْفَ تَزُورُني ظِلالُ النَّرْجِسِ فِيْ وَرْدَتي وَجْنَتيكِ؟
وَكَيْفَ تَسْرُدُ لِطَيْفي كَلاماً نَسَجَتْهُ مَرَاسيلُ اللَّحَظاتِ
الهَاربةِ مِنْ ذاكرَةِ الماضي؟
فَذاكَ.. ما لَمْ يَعْتَريني بَعْدُ سِرُّهُ الدَّفينُ!
لَعَلَّ الَّذي تَبُوحينَ يمينُ الغُروبِ.
سَميرُ الهِضابِ.
رَقيقُ الجَبْهَتينِ..
لا تُبَدِّدُهُ الظُّلْمَةُ،
كلَّما لاحَ لِشَوقِنا ضِياءُ المَساءِ..
هِبي سُتْرَتَكِ.. للرِّيحِ.
وعَبيرَكِ.. لأوراقي البَيْضاءِ.
والْمحي
بَيْنَ دفَّتي الشَّمْسِ،
هُيامَ المَوْجِ.
دَعي عَنْكِ خَصْرَ البانِ
لأنَّهُما تُحْرِقانِ
ولا تَحتَرِقانِ

لأنَّهُما حَلمتانِ!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…