زواج المقايضة أو البدائل في المجتمع الكردي

حسن برو

هذه الظاهرة عادت للانتشار بعد أن اختفت لفترة من الزمن في المجتمع الكردي الذي ربما نقول: بأنه يعيش في حالة سلبية نتيجة سوء الأحوال المعاشية وتكاثر نسبة العازفين عن الزواج من الشباب لغلاء المهور ،وعدموجود ملامح لمستقبل واضح يلوح في الأفق،  وبخاصة في بعض القرى من عين العرب (شمالي شرق مدينة حلب)  والدرباسية (شمال شرق سورية ) ،ويعيد الكثير من الناس ظهور هذه الحالات من الزواج لإيجاد حل لمشكلة عدم زواج بناتهم أو تأخر الزواج لأحد الأطراف الأربعة أو لطرفين منهما الذين يرتبطون بهــذا العقد  
ويبدو أن هذا النوع من الزواج يعيد إلى الذاكرة مسألة الحط من كرامة المرأة والتعامل معها كسلعة ، إلا أن المجتمع الكردي لا يفكر ببداية الزواج على هذا النحو بل يعتبر البعض منهم بأن  العلاقات بين العائلتين تقـوى ،ويزيد الصلة كما يقول المثل الكردي القرابة عن طريق النساء هي أقوى وأمتن من أية قرابة أخرى ، ومن خـلال متابعتي لحالتين من هذه الحالات من الزواج ،وجدت بأن هذا الزواج يتم بداية بالاتفاق  بين الكبار من العائلتــين حيث يوافق الأب والأم في البداية وتظهر للعلن بعدها ليوافق العم أو العمومة وأولادهم في كثير من الأحيان ،ومن ثم يلتقي الأفراد الأربعة أما كل أثنين مع أحد المحارم لينظروا إلى بعضهم البعض أو يوافق على هذا الزواج  من حيث الشكل وربما لا يتجاوز هذا اللقاء فترةالدقائق أو مجرد الانتهاء من شرب فنجان من القهوة ،وليتم من بعده التحضير على عجل لهذا الزواج الذي يبدأ كل من الطرفين بالتحضير من حيث شراءالجهاز أو أشياء أخرى وعلى الأغلب يتفق الطرفان على أن يتم تجهيز العروستين مع بعضهما البعض من حيث الأثاث والأدوات المنزلية التي يتمشرائها للطرفين بحيث يتم التحكم حتى في ذوق الأطراف من قبل الأهل الذين يجدون بأن أي زيادة هي بمثابة إهانة من طرف لأخر ،وبعد أن يتم التجهيز من قبل ذوي الطرفين وعلى عجل يحدد موعد العرس ودون أخذ رأي العروسين حتى في موعد هذا الزواج الذي من المفروض أن يكونوا أول المعنيين بها ،والفصل في هكذا أمور يكون من شأنهــم وبخاصة إذا ماتعلــق الأمر بالتكــوين الفيزيولوجي للمرأة وهي مسألة الدورة الشهرية فتتزوج الفتاة مكرهة وهي في دورتها الشهرية لأنها ملتزمة مع زواج أخر مرتبط بنفس الموعد ويحصل في ذات الفترة مما يعرضها للأمراض  وكل هذه الأمور لاتستغرق أكثر من أسبوع على الأكثر خوفاً من تبدل رأي أحد الأطراف وبخاصة الشباب منهم لأن الفتاة ليس بيدها حيلة ، وبعد ما يحصل في واقعنا الاجتماعي كما ذكرت سابقاً : يمكننا أن نعرف زواج البدائل أو المقايضة بمايلي : (وهو أن يتزوج الشاب فتاة تعهد أخوها من الزواج من أخت العريس _ أما زواج الأسوأ في المقايضة هو أن  أبوان بنات بعضهما ويكون بينهما من العمر مايزيد عن جيل  وهذه الحالة تحصل بشكل كبير في منطقة عين العرب ) ولكن هل يجوز هذا الزواج قانوناً أو شرعاً :أمام القضاء لاوجود زواج أسمه زواج البدل أو المقايضة أنما الزواج هوالزواج الذي يتم جميع  أركانه من الإيجاب والقبول وشهادة الشهود والمهر ،
ويكون عقداً من مستقلاً عن عقد الزواج الأخر الذي ربما تم بنفس الوقت إلا أنه زواج مستقل بذاته أمام المحاكم لا يجب أن يذكر في عقد الزواج شيئاًأما في الشرع: فأنه زواج فاسد لأنه يفتقد أحد شروطه وهو المهر أي يجب أنيذكر المهر في العقد  فالفاسد يصح العقد ويبطل الشرط الآخر ويكون بذلك الزواج صحيحاً ويلغى شرط تقيده بعقد نكاح أخر أو زواج أخر ، أما الباطل فأنه غير جائز أصولاً وشرعاً.
أما الرأي الأستاذ عبد الرزاق إسماعيل –المرشد الاجتماعي وخريج كلية علم الاجتماع يقول بأن الأمر يتعلق بالواقع الاجتماعي والعشائري في المنطقة   بالإضافة إلى ظهور حالات كثيرة من العنوسة ، كما أن الوضع الاقتصادي المتردي في المنطقة مما  أدى إلى رجوع هذه الحالة البدائية ،وهي حالة من الموروث العشائري والقبلي للمنطقة ،ولا يمكن التغلب عليها في الفترة الراهنة برأيي لأنها تجمع في ذاتها اعتبارات عدة كما ذكرت منها(الاقتصادية والاجتماعية …والعشائرية) فما النتائج المترتبة على هذا النوع من الزواج: 1- ارتباط أكثر من طرفين بهذا الزواج (أربع أشخاص) وربما تتحمل المرأة ما تتحمله في سبيل الطرفين الآخرين مضحية بسعادتها وحياتها في سبيل ذلك 2- إذا انتهى أحدالزوجين بالطلاق نتيجة وجود ما يعكر صفو الحياة الزوجية, وجدنا أن الزواج الآخر ينهار ويحدث الطلاق مع أنه لا يوجد ما يوجب الطلاق، بل العكس تمامًا ربما كان زواجًا ناجحًا، والزوجان يعيشان في انسجام
ووئام3-في حال الطلاق فإن أولاد الزواجين يكونون في مهب الريح ويلاحقهم الضياع في أغلب الأحيان 4- لا تستطيع المرأة أن تكتب ما يضمن لها حقوق في عقد الزواج كمعجل المهر أو مؤجله لأن ذلك رهن بموافقة الأطراف الأخرى.5 – يخلق حالة من النزاعات في حال فشله تصل إلى حد ارتكاب الجرائم

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…