الهَذَيانُ التّاسعُ.. وأدْمَنْتَ العُيونَ ذاتِ الدّلالِ السَّماويّ

     جوان فرسو

لأنَّ السَّماءَ تُعاوِدُ الغِناءَ
كلَّما مَرَّ بفضاءِ عينيكِ
سِرْبُ عِشْقٍ
من ضياءٍ..
لأنَّ وَجْهَكِ تلويحةٌ
لطُيورِ القطا
وهيَ تبوحُ لأصابعي التَّعبَةِ

بِسِرِّ السَّفَرْجَلِ..
لأنَّ شَعْرَكِ وِسادةٌ للقدّيسينَ،
وغطاءٌ لقلبي..
كلَّما راوَدَتْهُ الصَّلاةُ
كلَّما عَشِقَ..
لأنَّ السِّرَّ في عَيْنَيكِ
يُشْعرُني بالخَجَلِ..
ويقطفُ مِنْ شَذا عَبَراتي
ترانيمَ القُبَلِ..
يَعتريني دُوارُ الأَمَلِ
لأنَّكِ حبيبتي..
أَرْسُمُ خَرَائِطَ المَجْدِ
فَوْقَ أساطيرِ الهَوى
وأَنْحَني لإِغفاءةِ السَّرابِ
ونُعاسِ العَصافيرِ..
فَوْقَ وجنتيكِ
يكمنُ كلُّ ما يَجْعَلُني
أنا أنا..
ويَجْعَلُني
أبوحُ لكِ بشيءٍ منّي
بكلّي..
بمراسيم الحُرِّيَّةِ الأخيرةِ..
حَوْلَ قيودِ نَهْدَيكِ
سِوارٌ مِنَ الغِناءِ
وضَجَّةٌ مِنْ ثِمارِ الحِكْمَةِ
تذكِّرُني بِعِطْرِ الجَمالِ
أَمُرُّ بِمَمْلَكَتِكِ.. أَوَّلَ الزُّوّارِ..
وآخرَهُمْ..
ويَعْتَريني شُعُورٌ بأنَّني ضَيْفٌ.. رَقيقُ الظِّلِّ.. عميقُ الجُرْحِ..
سريعُ الهذيانِ..
كلَّما لَمَحْتُ في عَيْنَيْكِ ابتسامةَ الصَّلاةِ الأخيرةِ
أرقدُ بينَ مملكتينِ مِنْ حنينٍ، فتدورُ بي الأنامِلُ فوقَ شَعْرٍ مِنْ سَرابٍ!
وأَجدني أَرْحَلُ حَيْثُ ماري.. حيثُ أسوارُ القُبلةِ الأخيرةِ
حَوْلَ بابلَ..
لأقطفكِ مِنْ ألفِ عَبْرةٍ سَكَنَتْ وجدانَ الصَّباحِ الأحمرِ
راقداً بينَ ضفّتينِ لدجلةَ والفراتِ
فأرتوي من تلكَ الأساطيرِ الّتي تذكّرني دوماً بِعِشْقِ الخيالِ لفلسفةِ السُّكون
لفَوْضى الغناءِ.. لقبلتينِ وأنينٍ
لأنَّ البَوْحَ المسائيَّ
في فضاءِ الشّفتينِ
قَدْ أحرقني بِنَجْمَةٍ وشَمْعَتينِ
لأنّكِ حبيبتي..
لا نهايةَ لعَناوينِ المَسَرَّاتِ في جعْبَتَيْنا لأنَّنا رَسَمنا تَرانيمَ القَدَرِ، وَحاصَرنا الخُلُودَ
وَكَتَبنا من لَهيبِ الشَّمْسِ صُوَراً لأَسْمائِنا الجَديدةِ.. لَكِ سرُّ الأُسطُورةِ والنُّورِ والنَّارِ
وللزَّهرِ في عَينيكِ مَوجٌ لاخضرارِ التَّاريخِ يُومِضُ من صَباحٍ..
ولي…
فَلسَفَةٌ ارتَجَلتُها
.. التَزَمتُ الفَوضى
            .. التَزَمَنِي الهَباءُ
رُبَّما الماءُ
مَنْ غَرَّتهُ ابتِسامَتُكِ
فصَارَ قَطَراتِ نَدى..
] الرُّبَّما الأَوّلُ [
رُبَّما النّارُ
مَنْ خَدَعَتْها شَرارةٌ مِنْ عَيْنيكِ
فارتدَّ لَهيباً للزّعْفرانِ..
] الرُّبَّما الثّاني [   
رُبَّما سُكُونُ اللَّيلِ
مَنْ زيَّنَتْهُ نُجُومُ قُبْلَتِكِ
فَحَالَ صَلاةً للملائكةِ
] الرُّبَّما الثّالثُ [
رُبَّما أنا
مَنْ رَأى ذَاتَهُ في القَلْبِ الّذي
طالما بحثَ عَنْهُ.. فَصِرْتُ أُحبُّكِ
لأنَّكِ حَبيبتي..
] الرُّبَّما الرّابعُ [
رُبَّما لأنَّ الوَحْيَ أَمْطَرَنا
بِلَحَظاتِهِ الهارِبَةِ إلى المُعْجِزاتِ
والأنبياءَ..
] الرُّبَّما الخامسُ [
رُبَّما لأنَّ إِشْراقةً ما
تُوْمِضُ كُلَّما سَكَنَ عَيْنَيْكِ
ذاتَ مَساءٍ،
صُوْرَتي وَأَنا أَلْثُمُ جَبْهةَ القَصيدةِ
وَأُحَرِّكُها لِتَعُودَ..
رُبَّما لأنَّ البَوْحَ لَمْ يَبُحْ لنا قَبْلَ اليَوْمِ
باسْمَيْنا الجَديدَينِ عَلينا وَعَلى الحَياةِ
لأنَّ العُشَّاقَ لَمْ يَستوعبوا بَعْدُ
صَلاةً تُغادِرُ السُّكونَ..
وَتَرْسمُ للقُبَلِ صُوْرَتينِ
للشَّمْسِ كلَّما آذنَتْ بالخُلُودِ
لأنَّكِ..
      رُبَّما حَبيبتي…!

                                  ] الرُّبَّماتُ التِّسعُ [

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…

زوزان ويسو بوزان
1
كوباني على الحدودِ تصرخ..
تودِّع أبناءها واحدًا.. واحدا
وترحلُ في الليلِ مثقلةً بالوجيعةْ
تحملُ أحلامَها فوقَ أكتافها المتعبةْ
منهم من خرجْ.. حافيَ الروحِ والقدمينْ
ومنهم من تركْ غنائمَ العمرٍ الطويلْ
وسافرَ وحدَه مع ذاكرتهْ

فماذا جنتْ الشيخةٌ في الخريفْ
بأيِّ ذنبٍ تُشرَّدُ الطفولة
كأنَّ البلادَ نسيتْ أنَّهم من رَحِمِ الأرضِ
وُلدوا ها هنا
2
أيُّ دينٍ يبيحُ ذبحَ العجائزْ
أيُّ دستورٍ يشرعُ قتلَ الأباريح
أيُّ بلاد…

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…