«إنها الريح» لـ عمر كوجري في مرآة النقد في الثقافي الروسي بدمشق

نظم المركز الثقافي الروسي بدمشق، مساء الأربعاء، ندوة نقدية حول ديوان “إنها الريح”  للشاعر الكوردي السوري عمر كوجري، الصادر، مؤخرا عن دار هيرو في بيروت، وبدعم من مؤسسة سما كورد للثقافة والفن في دبي.
شارك في هذه الأمسية النقدية خمسة نقاد، وهم: د.خالد حسين، هايل الطالب، نورا محمد علي، أحمد هلال وحمزة رستناوي، وقد نظر كل ناقد إلى المجموعة الشعرية من زاوية مختلفة، فبعضهم (رستناوي) ركز على موضوعة الزمن في قصيدة كوجري وحرصه على الحديث عن هموم شعبه الكوردي، وبعضهم الآخر (نورا محمد علي) قدم توصيفا مدرسيا للقصائد
بينما ذهبت وجهات نظر أخرى (هلال) إلى تقديم قراءة هادئة تبحث عن جماليات القصيدة، في حين هاجم حسين والطالب المجموعة هجوما عنيفا، وبذلك تباينت الآراء بشأن القصيدة التي يكتبها عمر كوجري الذي “يرعى قصائده كما رعى الكوجريون أغنامهم من قبل، يتركها لترتع وتنتشر حينا، وحينا يلمها” وفق تعبير الشاعر الكوردي السوري طه خليل.
طرحت في الأمسية وجهات نظر بدا بعضها معقولا وخصوصا تلك الآراء التي انتقدت اعتماد كوجري على لغة سردية مسرفة في الإسهاب، وعجز الشاعر عن استثمار لغة “مكثفة بليغة” يفترض أن الشعر يستهدفها دائما.
لكن في المقابل هناك من اتهم كوجري بأنه لم يستطع في هذه المجموعة أن يؤسس لحساسية شعرية جديدة، وكأن مئات الدواوين الشعرية التي تصدر هنا وهناك تؤسس لتلك الحساسية المنشودة، وكان على الناقد الذي أشار إلى هذه النقطة، وكان خالد حسين على الأرجح، أن يجيب على أسئلة من قبيل: هل أسس ديوان محمود درويش “كزهر اللوز أو أبعد” لحساسية شعرية جديدة، وهل أسس ديوان أدونيس “أول الجسد..آخر البحر” لتلك الحساسية، وما الذي أضافه سعدي يوسف من جديد إلى المشهد الشعري عبر “حفيد امرئ القيس”.
الهدف من هذا الكلام هو أن النقاد الذي تناولوا الديوان شرحا، وتحليلا، وتفكيكا طالبوا القصيدة أن تقوم بوظيفة صعبة ومستحيلة، فكوجري كأقرانه من الشعراء السوريين يكتب همومه وأوجاعه وقلقه، ولا نبالغ إذا قلنا بان نص كوجري يعادل أو يضاهي المجاميع الشعرية الأخرى التي تصدرها المطابع بكثرة، ولم نرَ أحدا يطالب شاعرا ما بان يؤسس لحساسية شعرية مغايرة.
الأمر الآخر الذي أثار الانتباه هو أن يشير خالد حسين إلى مفردة الريح الواردة في العنوان ليقول بان هذه المفردة قد فقدت بريقها ودلالاتها، ولا نعلم كيف استنتج الناقد المجتهد حسين مثل هذا الرأي، ونحيله هنا إلى ما يقوله سليم بركات (كاتب حسين المفضل) في هذا الخصوص: “ليس في اللغة من لفظ ضارٍ، أو ليِّن العريكة، أو أنيس، أو وحشي، أو هَلِع…تتزاحم الألفاظ على سُلطة اللسان الناظم للشفهي والمدوَّن، بنازع الغلبة من طبائع النمطيِّ، والمكرور، والمعتاد الواجب المحاكاة. لكن الأمر ليس دِيْنا: لا يُلغى لفظ بإقصائه، ولا تتَّضع مرتبتُه في طبقات الألفاظ بتصنيفه وحشيَّأ، موحشاً، حوشياً صُرِف إلى الإهمال. هناك رياء في طبع القراءة العربية للأثر الأدبي، وازدواجية في خُلُق الإدراك: ما من أربعةِ عربٍ يقدرون على تفسير معلَّقة، أو بيتين من شعر امرئ القيس (الرائد في طلب عون الأجنبي على بني جلدته، فلم تتحصل له دبابة من الروم، أو هيطل) من غير نقلة البصر إلى هامش شرح الألفاظ. ومع ذلك تبقى المعلَّقة معلَّقة في قدسية النفس الأدبية العربية، ويبقى امرؤ القيس فتاها، كأنما يصنَّف “الإرث” طاهراً خارج ألفاظه المشمولة ـ راهناً ـ بوجوب الإقصاء، عنفاً، عن اللسان الحاضر. فإن استعادها نصٌ “مارق”، في حضرة يومنا، عُدَّ الأمرُ هُذاءً.
لكل لفظ، في اللغة، حصانة، مذ سلَّمه العقلُ خصيصةَ القبول كأثر من ميلاد اللسان، حصانة لا يُسقطها تقادم، أو نسيان، وأنا لن أتخلى، حيثما استطعتُ، عن تعزيز لفظةٍ بجلالها، ثانيةً”.

 PUKmediaابراهيم حاج عبدي/ دمشق  13:47    13/06/2008
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

Ebdilkerîm Resul

 

ديرك لها بصمات لامعة في سجلها الأدبي والوطني وشخصية اليوم هو المربي الفاضل الأستاذ القدير عدنان بشير الرسول تولد ديرك 1961 نشأ وترعرع في كنف أسرة عريقة

درس الابتدائية بمدرستي خولة بنت الازور ومدرسة المأمون الريفية بديرك

والاعدادية والثانوية بثانوية يوسف العظمة وحصل على الثانوية الأدبية ١٩٨٠

ودخل كلية الحقوق بدمشق وتركها وهو بالسنة الثالثة

تعين معلما وكيلا…

خالد حسو

الذي ينهض فينا مع كل خيبة، ويصفعنا مع كل تكرارٍ للماضي:
هل نحن مؤمنون حقًا بالتغيير والتطوير؟
أم أننا نكتفي بترديد شعاراته في العلن، ثم نغلق عليه الأبواب في دواخلنا؟

التغيير ليس رفاهية فكرية، ولا نزهة في ممرّات القوة،
ولا يُقاس بسلطة الحاكم ولا بعدد الواقفين في الصف.
هو في جوهره موقف،
صرخة أولى تُقال قبل أن تتجسّد،
وثقة جريئة في…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَر الشاعرُ السوري نِزار قَبَّاني ( 1923 دِمَشْق _ 1998 لندن ) أَحَدَ أبرز وأشهر الشُّعَراء العرب في القرن العشرين ، وَهُوَ أكثرُ شُعراء العربية إنتاجًا وشُهرةً ومَبِيعًا وجَمَاهيرية ، بسبب أُسلوبه السَّهْل المُمْتَنِع ، وشَفَافيةِ شِعْرِه ، وغِنائيته ، وبساطته ، وسُهولة الوُصول إلى الجُمهور ، مِمَّا جَعَلَه…

ماهين شيخاني

 

في قلب الجزيرة السورية، وعلى تخوم الخابور والحدود، نشأت بلدة الدرباسية في ثلاثينيات القرن الماضي لتكون أكثر من مجرد نقطة على الخريطة. فقد تحوّلت خلال العقود التالية إلى ملتقى اجتماعي نابض بالحياة، بفضل ما عُرف بـ”المضافات” – تلك المؤسسات الشعبية التي جمعت بين الضيافة، والحوار، والمكانة الاجتماعية.

المضافة: أكثر من مجلس ضيافة

في التقاليد الكوردية، لم…