وطنٌ يعشقُنا في المَنفى

إدريس سالم *
احتضرتْ المفرداتُ في أفواهنا
بكاءٌ أخرسٌ أبكانا
ورحيلٌ أفقدَ صوابَ الرحيل
لحمٌ يتطايرُ حِرقةً
روحٌ تُذبَحُ ألماً 
رحلتَ..، 
وتركتَ خلفَك وطناً يعشقُنا في المنفى
***     ***     ***
أخذَك الموتْ
الجلادُ الرحيمْ..
أخذَك بروحٍ من الياسمين
تركتَ عجوزةَ قلبي تنهار
وأمٍّ أَنبَتَّ في أمومتها سكاكيناً، ومزّقتها
رتلتَ الدموعَ تحتَ رخامِ الخناجر
أغرتَها في خطوط كفتي
فنظرتُ إلى زرقة السماء، وسألتُ الآلهة:
لماذا الطيبون كأزهار الربيع يرحلون باكراً؟!
***     ***     ***
ناضلتَ هَمَجَ العصر
وهلوساتِ المنافقين
ودجلَ الخائنين
وبائعي القيم
وأسقطتَ رجولتهم، 
وأفشلتَ مَنْ حاولَ شراءَ الكرامة بالنقود
  ***     ***     ***
سنعيشُ أيّاماً بلا أرواح
سنتكلمُ، وقد غادرنا صوتُ الحياة
كنتَ أولَ رصاصةٍ تخترقُ وتحترقُ كبدي صدفة
أيا ليتَها صرعتْني قتيلاً
  ***     ***     ***
لا تأتي إليّ بطيفك مدّاً وجزراً
فتستبيحُ ذاكرتي
واقعي
نومي
صباحاتي
حدْسي
تضاريسَ قريتي الصغيرة..
  ***     ***     ***
اذهبْ إلى أبيك يا فارس
فقد اشتاقَ إليك
أطعمْه ممّا جنيتَه بنُبلِك
أشربْه من عرق تعبك 
احرسْه
امسحْ دمعَته بلقائه بكَ، وبرحيلك عن أمك
قبّلْ يديه بطُهْرك
قلْ له:
تركتُ وطني يعشقُ قضيتي في المنفى
ولم يبقَ لي إلا أن أحضنَك بروح إخوتي
* شاعر كردي سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…