القائد الحقيقي والقائد الفلتة

شيرزاد زين العابدين

 

القائد الحقيقي الذي يخلده التأريخ هو الذي يضحي بكل حياته وجهده في سبيل إسعاد شعبه وخدمة قضيتهم لا من يستولي على المنجزات لمصلحته أو حزبه ومن أبرز صفات القائد الأمانة و نكران الذات وبعد النظر والإيمان بعدالة القضية والثقة بالنفس والتواضع ورحابة الصدر والشجاعة وأن يؤمن بالعمل الجماعي والتشاور وعدم التهور والانفراد باتخاذ القرارات المصيرية وأن يكون ملماً بتأريخ الشعوب والثورات والمنعطفات المهمة في التأريخ البشري وسيَّر القادة العظماء لا لكي يقلدهم بشكل أعمى بل لكي يتكون لديه خزيناً من المعلومات فيختار الأنسب منها لأن كل قضية قد تختلف عن سابقاتها من حيث الزمان والمكان والعوامل المؤثرة فيها وبالتالي التعامل معها وإيجاد أنجع الحلول لها ، ومن الضروري أن يكون القائد صادقاً مع نفسه ومع شعبه وأن يكون قليل الكلام كثير العمل لأن الأقوال بدون الأفعال تؤدي إلى فقدانه لثقة الشعب به

 وكما يقول الشاعر أبو الأسود الدؤلي: 
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ … حساده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنها … ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى … فكلاكما في جريه مذموم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله … عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
بعد النظر عند القائد من الأسباب المهمة في النجاح فكما في لعبة الشطرنج يربح من يستطيع أن يرى ويحلل الموقف أبعد من خصمه ودراسة ردود فعله لكي لا يتفاجأ بكش مات سريع ، أما القائد الفاشل الفلتة فمن أبرز سماته التكبر و ضحالة التفكير والتفرد بالرأي وإيثار  المصلحة الشخصية على مصلحة الشعب  ويقوم بقمع المعارضة للحفاظ على  مصالحه ومصالح أتباعه ومطبليه وحاشيته       
أكثرية القادة العظام ماتوا ولم يتركوا ثروة مالية تذكر كمهاتما غاندي حيث كان زاهداً وهو الذي قال : هناك كفاية في العالم لحاجة الإنسان ولكن ليس لجشعه.   
ومثال آخر هو العظيم مانديلا لذي قاد النضال لتغيير النظام العنصري في جنوب إفريقيا بآخر ديمقراطي متعدد الأعراق. وقضى في السجن 27 عاما، ثم خرج منه ليصبح أول رئيس أسود للبلاد، وأدى دورا رئيسيا في إحلال السلام في مناطق النزاع الأخرى، وفاز بجائزة نوبل للسلام عام 1993. المشكلة الرئيسية التي تولى مانديلا علاجها هي توفير السكن للفقراء والنهوض بالأحياء الفقيرة، ومكافحة الفساد في معظم المدن .
ويقال بأن عبد الكريم قاسم مات وهو لا يملك بجيبه سوى ثلاثة ارباع الدينارالعراقي ، ولا يملك منزلآ مسجلآ بأسمه . 
المثال الحي الرئيس الأفقر في العالم خوسيه موخيكا يغادر كرسي الرئاسة  بعد انتهاء ولايته وهو في أوج شعبيته.  
ومن أبرز القادة الفاشلين والطغات بطل الحفرة هدام العراق وحسني وبن علي وغيرهم وهم جميعاً يشتركون بصفات  كالفساد والقمع وجمع السلطة بحلقة ضيقة والتضييق على الحريات وكرههم للوطنيين والمثقفين وأحسن مثال على ذلك ما فعل هدام العراق عندما سحب الجنسية العراقية من الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري حيث كان الرد بقصيدة مدوية.
 يا غادرا إن رمت تسألنـــي أجيبك من أنــــــــــــــــــــا
فأنا العربي سيف عزمــــه لا ما أنثنــــــــــــــــــــــــى
وأنا الأباء وأنا العـــــــراق وسهله والمنحنــــــــــــــــى
وأنا البيان وأنا البديــــــــع به ترونق ضادنـــــــــــــــا
أدب رفيع غزا الدنــــــــــا عطر يفوح كنخلنــــــــــــــا
وأنا الوفاء وأنا المكـــــارم عرسها لي ديدنــــــــــــــــا
وأنا أنا قحطان منــــــــــي والعراق كما لنــــــــــــــــا
أنا باسق رواه دجلــــــــــة والشموخ له أنحنــــــــــــى
من أنت حتى تدعــــــــــي وصلا فليلانا لنــــــــــــــــا
أو أنت قاتل نخلتــــــي ذلا بمسموم القنـــــــــــــــــــــا
أو أنت هاتك حرمــــــــــة الشجر الكريم المجتنــــــى
أو أنت من خان العهـــــود لكي يدنسها الخنــــــــــــى
لولاك يا أبــــــــــن الخيس ما حل الخراب بارضنــــا
لولاك ما ذبحو الولـــــــود من الوريد بروضنــــــــــا
لولاك ما عبث الطغـــــات بأرضنا وبعرضنــــــــــــا
أنا … من أنا … سل دجلة سل نخيل بلادنـــــــــــــــا
أنا .. من أنا .. سل أرضنا تدري وتعلم من أنــــــــــا
وسل الأباء لبناتــــــــــــــه من طيب أنفاسي بنــــــــا
أنا دومة من رامهـــــــــــا غير الفضيلة ما جنـــــــى
لكن من يرمو لك حصنــه الرذيلة والفنــــــــــــــــــى
أنا في النفوس وفي القلوب وفي العيون أنا السنـــــــــا
أنا بالقرون بذاتهـــــــــــــا بضميرها أبقى أنــــــــــــا
سأضل في ألق العيــــــون وبين أجفان المنــــــــــــى
ويظل شعري كالســـــراج ينير داجيه الدنــــــــــــــــا
أنا إن مت فــــــــــالأرض واحدة هنا او ها هنـــــــــا
وأذا سكنــــــــــت الأرض تربتها ستمنحني الهنـــــــا
أو عرفت يا أبن الطينــــة السوداء يا أبـــــــن الشينا
أنا وخيمتــــــــــــــــــــــي علم يوطر درسنـــــــــــا
علم يحيي كل مــــــــــــــا قد مات فـــــــي وجداننا
أنا العروض أنا القوافـــي والقريض وما عــــــــلا .
قالوا في السياسة 
يعتقد رجل الدولة انه ملك للأمة ويعتقد رجل السياسة أن الأمة ملك له وما أكثر السياسيين عندنا .
فشتان ما بين الفئتين فئة خلدت في أنصع صفحات التأريخ وأخرى في دياجيرومزابل التأريخ فأتعظوا يا أولي الألباب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…