كوردستان سوريا.. الجرح الدامي في جسد الوطن

جهاد عثمان 
في شوارع وأزقة الوطن يدفعون شبابنا إلى الموت، ويصنعون بحيرات من دماء الأبرياء، مدن منكوبة عاربة من الحياة، يد الموت مازالت تسرق الحياة لم يتوانوا لحظة واحدة بزيادة الحصار المطبق على وطننا، منذ ما يزيد عن اربعة أعوام، كل يوم والمدن تنام وتستيقظ على الخوف من اعتقال وأصوات الرصاصات الطائشة، والانفجارات التي تحصل من صناع المآسي في شوارع كوردستان، آلاف الأسر تشردت من ديارهم، لم يكن أمامهم من خيار سوى النزوح طمعاً في النجاة وهروباً من الموت.
مناظر تستوقفك من الوهلة الأولى، تبعث في الأنفاس شيئاً من الحزن، مناظر الأطفال الذين تطايرت أشلاؤهم في شوارع المدينة وأرصفتها، أشلاء الموتى التي تدل على وحشية القاتل وقساوته، وتجرده من كل القيم الإنسانية ومن كل معاني الرحمة .
الجراح الدامية في جسد الوطن، جرح ينزف ليلا ونهارا أمام مرأى العالم ومسمعه، كوردستان سوريا تستغيث مستنجدة، وما من منقذ يلبي نداءها، لقد تجذرت المأساة وتوسعت رقعة الخلاف .
الاعداء يتكالبون عليها من كل حدب وصوب ينتقمون من كل شيء جميل، إنهم بوحشية المغول يجتاحون أرضها الطاهرة، لقد ملأوا سماءها الجميل بسحب قاتمة سوداء، هؤلاء الخفافيش يتعلقون بأهداب الأمل الكاذب. إلى متى يا وطن يحاصرك خفافيش الظلام .
اما أن يتحملوا كل انواع الويلات نتيجة الحصار المفروض على المدينة منذ ما يزيد عن أربعة اعوام حيث روج آفا يقتلها صمت الشرعية وتخاذلها قبل أن يقتلها الحصار المطبق. واما أن يقبعوا تحت جناح من ملؤوا مسامعنا ضجيجا وهم من لم يخدموا القضية الكوردية يوما، وأما أعداء الحياة فلا يزالون في غيهم وتغطرسهم، تتجاذبهم الأهواء، وعلى سلم من الغباء يريدون الصعود إلى قمة المستحيل . اللهم أجر الوطن من جورهم .
ويبقى الأمل دوما نبراسا حيث كوردستان سوريا وعلى الرغم من جراحاتها لا زالت تقاوم ببسالة تتحدى كل أساليب الموت، ستنتصر بأبطالها ولن يتغلب قاهر الضوء عليها غدا سينجلي ليل الطغاة إلى الأبد وستنتصر روج آفا وستعلو رايتها خفاقة على جبل من الايمان والصبر .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…