قراءة في كتاب: (العائلة البدرخانية – رحلة النضال والعذاب) للكاتب والشاعر(كونى ره ش)

خالص مسور
كونى ره ش (Konê REŞ: سلمان عثمان عبدو)، المولود عام 1951م في قرية (دودان) الواقعة على الحدود التركية السورية، كاتب وشاعر كردي عشق الكتابة باللغة الكردية وعمل على نشرها بهمة منقطعة النظير بين أبناء شعبه ومنذ ريعان شبابه، كما كان مولعاً بالأساطير والقصص الكردية، وقد دفعه هذا الحب الإلهي والشغف بها إلى الاهتمام بالتراث والفولكلور الكرديين، وبشكل خاص بتراث العائلة البدرخانية، حتى أصبح الرجل مرجعاً في البدرخانيات وموثوقا به في الأوساط الكردية بشكل عام. وقد اكتسب (كونى ره ش) بسبب اهتماماته الغنية تلك شهرة ثقافية واسعة في الوسط الثقافي الكردي سواء في كوردستان أوفي المهجر. 
(كونى ره ش)، هذا المثقف الكردي الصادق مع نفسه والوفي لتراث شعبه، ما انفك ومنذ وقت ليس بالقصير يحاول ويدقق، ويبحث بدون كلل أو ملل في كل ما تصل إليه يده، ويؤلف فيما تتفتق عنه قريحته، من دراسات وأبحاث حول الأدب، والتاريخ، والشخصيات الكردية، التي لها باع طويل في إغناء الثقافة الكردية كنوع من الوفاء لشعبه أولاً ولهذه الشخصيات وميراثها التاريخي الأصيل ثانياً. 
والأصالة تنبع متدفقة من مداد قلم (كونى ره ش)، وهو يغوص بإحساس عال بالمسؤولية في فضاءات التراث والفولكلور الكرديين وبروح من التفاني والتجرد والإخلاص، وهو – كما قلنا – الشخص الكلف بتاريخ العائلة البدرخانية بشكل خاص، وتاريخ كل العوائل التي أنجبت ممن وجدوا أن الثقافة والتراث الكرديين أمانة في أعناقهم. وفي الحقيقة أقولها، فلولا (كونى ره ش) وأبحاثه المستفيضة عما أنجزته العوائل والشخصيات الكردية تلك، لبقي الكثير من التاريخ والتراث الكرديين تسبحان في عماءات الضياع والنسيان، وفي المحصلة فقد كان ثمرة جهوده ومسعاه المستمر في هذا المجال، احدى وعشرين كتابا كلها تتوسم بالصبغة الكردولوجية وبشكل موضوعي جاد وأصيل.     
ونعيد القول بأن الكتاب المذكور والذي هو بين أيدينا الآن والمعنون بـ(العائلة البدرخانية – رحلة النضال والعذاب) هو الكتاب الحادي والعشرين للكاتب والشاعر الكوردي الشهير (كونى ره ش) وقد أهدى الكتاب إلى الأميرة (سينم خان جلادت بدرخان)، والتي تواصل درب أجدادها كما يقول الكاتب، وإنه ألف كتابه بناء على طلب من بعض الاصدقاء الذين أصروا على أن يجمع ما نشرته من مقالات بالعربية حول أمراء جزيرة بوتان في كتاب ليستفيد منه القاريء بالعربية. 
وبالفعل فقد وجدت في الكتاب كنزاً من معلومات غنية وثرة عن العائلة البدرخانية وجهدهم الكبير في خدمة الثقافة الكردية وتوعية الشعب الكردي وتثقيفه. حيث يأتي المؤلف على ذكر الأمير بدرخان البوتاني وهو الجد الأكبر للعائلة البدرخانية وينعته بأنه آخر أمراء بوتان على تراب كردستان، ومن ثم يتابع سرد تاريخ أفراد العائلة أمراء وأميرات، وما قدمه كل منهم في خدمة الشعب الكردستاني، ويستشهد بين الحين والاخر بشهادات شخصيات أجنبية عن مجهودات العائلة وشخصياتها، وما كانت تعانيه في رحلة حياة تسربلت كلها بالالم والعذاب والنضال، رحلة طويلة يسردها الكاتب بشكل شيق ومثير، منوهاً بهذا التاريخ الأثير للعائلة البدرخانية، وحيث لا يصيب القاريء من قراءته الكلل والملال! وبهذا الشكل يستطيع الكاتب (كونى ره ش) أن يجذب قارءه إليه، لدرجة أنه لن يستطيع ترك الكتاب ما لم يقرأه حتى نهايته.
وفي الكتاب أيضاً فصول شيقة ومثيرة عن جمعية (Xoybûn) وعن نضالات شخصيات وعوائل كردية أخرى عرضت نفسها للمهالك والاخطار في سبيل حرية الشعب الكردي واستقلاله، وكانت الشخصيات أمثلة للتفاني والوطنية والاخلاص، من أمثال عائلة (جميل باشا) و(آل علي يونس) قومى جيى وانتفاضتهم، وشخصيات كردية مشهورة في نضالها القومي أوالثقافي وسأذكر هنا بعضأً من هذه الشخصيات، وهم الكاتب والسياسي الشهير أوصمان صبري (آبو)، والسياسي والشاعرالكردي الخالد سيدايى جكرخوين، والشاعر قدري جان، والدكتور قاسم مقداد، والكردولوجي جليلى جليل، والمناضل ممدوح سليم بك، وابراهيم باشا المللي، والكاتب والصحفي موسى عنتر، والأميرة روشن بدرخان….الخ.
وفي الختام وبدون مزيد من الإطالة نقول، بأن كتاب (كونى ره ش) هذا، هو ثروة قومية ووطنية، يليق بكل شخص كردي مثقفاً كان أم غير مثقف، قراءته والاحتفاظ به كمرجع دائم يمكن العودة إليه باستمرار والاعتماد عليه في كل كتابة وبحث، ومناسبة. 
………………………………………………………..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…