أنفلونزا الأخلاق !!؟

  أحمد حيدر
hydr65@hotmail.com   
 

جاء في سيرةِِِ الملك  سيف بن زي يزن بأن المارد أرميش كان يفعل كل ماتطلبهُ منه بالمعكوس وعلى ذمة الشاعرالعراقي فاضل العزاوي أن قلتَ له :فكَّ وثاقي قيدك وأن حكيتَ سكتك وان طلبتَ منهُ أن يصعدَ بك إلى السماء هبط بك إلى الأرض وان قلتَ له :لا تقتلني قتلك لذلك يعتبر أرميش المخالف أول من أكتشف بأن العالم يسيرُ بالمقلوب ويستحق المارد أن نحني له قاماتنا أسوة بأقرانه: اينشتاين وأديسون وبل أكدت الوقائع البانورامية صحة رؤيته هذه في عصرنا  المتقلب – الرديء- إذ تبدلت الرؤى واختلطت المعايير الغث بالسمين والصالح بالطالح والفاعل بالمفعول به الشريف صار لصا ُ واللص شريفاُ يحلف بمبادئه أمام الرفاق بمحاربة مراكز الفساد أينما وجدت والجبان صار مناضلا يقبع وراء القضبان يكتب يومياته في السجن وتاجر الدجاج يصير ثورياُ بامتياز يتقدم مسيرات الاحتجاج ضد ممارسات السلطة ويجلس في الصفوف الأمامية في المناسبات القومية والأعراس ويتحول الديمقراطي إلى أعتى ديكتاتور والديكتاتور من غلاة الديمقراطية ومن يعتدي على حقوق والديه وجيرانه وزوجته وأولاده وأصدقائه صار ناشطاُ يدافع عن حقوق الإنسان في منابره المردودة الثمن .
والبائسة التي فشلت في المطبخ وفي متابعة دراستها صارت تهتف في الاعتصامات والقاص القصير يكتب رواية من عدة أجزاء ينشرها على حلقات في جريدته التي تعنى بشؤون البيئة والمثقف الأممي يصبح قوميا (يأكل عند معاوية لقِدره ويصلي وراء على لقَدره) والمعارض السياسي يتحول إلى كاتب تقارير والممنوع من السفر يصول ويجول في العواصم  ويصير الأجرب بقدرة قادر من وجهاء قومه.
ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية يوماُ بعد يوم ويرخص سعر المواطن وعدو الأمس القريب يصير حليفاُ استراتيجياُ والسلفي ليبرالياُ والملحد تقياُ ورعاُ وإماما في المسجد يرتدي الجبة والعمامة إذا اقتضت المصلحة والمجاهدُ مُرابياُ والحزب الذي يكنى باليمين يصير تقدمياُ ويقود فريق المعارضة والحزب اليساري يستبدلُ شعار المطرقة والمنجل بشعار آخر ينسجمُ مع طبيعة المرحلة الجديدة ويصبحُ ملكياُ أكثر من الملك والبلشفي منشفياُ  يدافعُ بضراوة عن الملكية الخاصة ويعلنُ في كونفرانس فرعيته الحزبية عن إعجابه  الشديد بمواهب الرفيق غورباتشوف أثناء ظهوره في فيلم إعلاني عن البيتزا في أحد مطاعم واشنطن بالقرب من تمثال الحرية ويرى بأن الثورة والثروة وجهان لعملة واحدة وصاحب رأس المال يترحمُ على أيام صدور (البيان الشيوعي) وكومونة باريس وحصار لينينغراد ويحنُ إلى أيام شباب كاسترو ولحيته وسيجاره ويردد قصائد ناظم حكمت وأيمن أبو شعر ومايكوفسكي
ومن أسهم في انشقاق حزبه التاريخي  إلى أحزاب وتكتلات وشلل  ليحتفظ بكرسيه فقط يصير من دعاة وحدة الحزب وعودة الحزب إلى جماهيره وحريصاُ على كل ماتنشرها الجريدة المركزية  لفصيله المعتدل من اتهامات واتهامات مضادة
لقد تنبه (البيركامو) لهذه العاهة التي شوهت عالمنا اليوم المليء بالمظالم والفجور والفساد والرذيلة والأقنعة والانحلال الخلقي وعدم التصالح مع الذات والازدواجية في الرأي وفي السلوك اليومي يقول في رائعته (الإنسان المتمرد) : ” انظروا إلى جثة البراءة التي نصطدم بها أينما توجهنا أنها تعكس لنا عوراتنا ولكنها تظهر لنا جبننا أيضاُ نحن نرفض الجريمة ولكننا نستمر في ارتكابها وقد لانجد ضرورة لتبريرها أو تفسيرها ” 

فهل ينتبه البقية الباقية لهذه العاهة ؟؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…