سعاد جكرخوين
جاءت رسالتي هذه متأخرة بعض الشيء لأسباب وظروف خاصة مع أنني كنت قد كتبتها بعد نشر مقالتك المعادية لشخص جكرخوين مباشرة, لكن مع ذلك أردتُ إرسالها إليك لأنك تحمل أفكاراً حاقدة على هبة الطبيعة وظهور النابغين والعظماء أمثال جكرخوين.
جاءت رسالتي هذه متأخرة بعض الشيء لأسباب وظروف خاصة مع أنني كنت قد كتبتها بعد نشر مقالتك المعادية لشخص جكرخوين مباشرة, لكن مع ذلك أردتُ إرسالها إليك لأنك تحمل أفكاراً حاقدة على هبة الطبيعة وظهور النابغين والعظماء أمثال جكرخوين.
كم كنت أتمنى لو أنك كنت ناقداً حقيقياً صادقاً, تنتقد عن معرفة ودراية وإدراك, تعبر عن وجهة نظر معينة فتعطي المادة حقها, فتشرح وتفصل بين العصور, وتوضح الأوضاع التي كانت بلادنا تمر بها آنذاك, وتقدر الظروف المعيشية التي كانت ناجمة عن تلك الأحداث من بؤس وشقاء وما نحن عليه اليوم.
سأكون سعيدة لو أنك وأمثالك من الذين يهاجمون جكرخوين وأمثاله لو استعملوا ضميرهم وجانبوا بعض الشيء أنانيتهم وجحودهم ولكنكم ولأسباب خاصة بكم, تتخبطون في الظلام وتسعون إلى خلق الضوضاء لينشغل بكم البعض. وها أنا أنشغل بك وأرد عليك مع أنه كان من الأجدر بي أن أهملك.
أخي الكريم لا أخالك تكره جكرخوين لو كان شخصاً عادياً, ولا أظن أنك تنتقده عن دراية وإلمام ودراسة فلو كان ذلك لجئت بإحدى قصائده التي تراها ركيكة أو غير صالحة, وانتقدتها أدبياً نصاً وشعراً وتقول: إن جكرخوين يقول كذا وكان عليه أن يقول كذا…. تشرح وتفصل.. كان عليك أن تنتقده بطريقة مؤدبة وتبين لنا جميعاً ما تريد إصلاحه.. لكنك دون
أن تدقق وتحاسب نفسك, قلت ما تبغيه دون صعوبة, لتؤكد لنا مقالتك على أنك لا تمارس النقد ولا تجيد التحليل فلم تترك لنفسك فراغات بين السطور ولم تضع موازنة بين الكر والفر.
أنا أعرف حق المعرفة أن ما كتبته لا ينمّ سوى عن كراهية تكنها لشخصية جكرخوين, تريد أن تمحيه وتزيله كنجم يلمع في سماء كردستان, وفي الحقيقة وفي داخل نفسك تتمنى لو كنت مثل جكرخوين.
ولأنك لا تملكُ القدرة على ذلك فأنت تكرهه لعبقريته وقوته في المثابرة والعطاء حتى آخر يوم في حياته, مع أن هذا يسعد كل كردي أينما كان, إلا أنه يبدو أنه يؤلمك أنت لأنه مخالف لأمنياتك التي تتمناها والتي تكمن بشكل واضح وصريح في رغبتك على أن يختفي نجم جكرخوين وفوق كل ذلك فإن حفلات التأبين التي تُقام له, وتستذكر ذكراه العطره تراها تنزل على نفسك ثقيلة وصعبة الهضمِ, فتكتب دون مراقبة أو وازع من ضمير.
عليك أن تدرك يا سيد أن الذين يسعون إلى المجد والعظمة عليهم أن يضحوا بكل غال ونفيس عليهم أن يتحدوا مع عطاءات الطبيعة فيبدعوا وتظهر مواهبهم, ويكرسوها لتحسين وتطوير الثقافة التي تدر على المجتمع بالخير والعطاء. فبين الفينة والأخرى تظهر مواهب مبدعة, تضمحل بعضها فوراً لكونها لم تثابر على مسيرتها فتلحق بذوات الفكر البالي المتخلف, والأخرى تتمرد على الأفكار المتعفنة وتحاربها بقوة فتصل إلى الذروة ومنهم (جكرخوين) الذي تفتقت عبقريته من خلال إبداعه في نظم أشعار وقصائد لم يأت أحد بمثلها من قبل, وجاءت قصصه المعبرة, وقد تجسد فيها نضاله الدؤوب مع الآخرين ضد الظلم والجهل والفقر.
فكان الداعية الكبير الذي نادى بكردستان, وتغزل بها, وعشقها حتى العبادة, فبات نجماً في سمائها, وقاد مسيرة النضال السياسي والاجتماعي والفكري والأدبي. وقد حاربته فئات مختلفة وعاداه كثيرون. لكنهم باؤوا بالفشل, لأنه كان أقوى من أعاصيرهم جميعاً وهكذا بالنسبة لك. في الحقيقة أنا أشفق على هؤلاء الذين يحاولون قتل النجوم وهدم الجبال. أشفق عليهم لأنهم يحاربون الطبيعة فيظهرون الصورة الحقيقية واللوحة الطبيعية لمسارهم البطيء, أين هم من سحر النجوم وشموخ الجبال!
في الحقيقة لا تكفيني دفاتر الدنيا وأقلامها للكتابة عن جكرخوين, ولكنني الآن بصدد الرد عليك, والقول لك ولأمثالك إن الساحة واسعة شاسعة تكفي الجميع, وقد احتل جكرخوين بدأبه ونشاطه زاوية كبيرة منها. اعملوا شيئاً مما عمل واحتلوا مساحة كبيرة منها, وهاتوا بجكرخوين جديد يحتل مكانه أوعلى الأقل يملأ الفراغ الذي تركه, فنحن بحاجة إلى نابغة يلم شملنا ونكون لك من الشاكرين.
لقد عاش جكرخوين حياة قاسية, وأنا ابنته وأعرف تماماً كيف عشنا. مازال الألم يعتصر كياني ولكننا ومع ذلك نفتخر بعطاءاته لأنه عمل من أجل الجميع ولا ضرر في أن نكون نحن عائلته الصغيرة الضحية.
آه لو كنت تدري كيف كان يجلس جكرخوين ويأخذ القلم والقرطاس, وعندما يأتيه شيطان الشعر, يبدأ بكتابةِ ما تبدعه أنامله من أشعار جميلة تسحر الألباب والعقول والعشاق, لقد كان يعلو في سماء الشعر الكردي كما حلق من قبله الجزيري وخاني وفقهي طيران وسار شامخاً بعقله النير, وشعره السامق, وشخصيته الكردية البسيطة البعيدة كل البعد عن الغرور والكبرياء, لذا أحبه الشعب الكردي وقد رأيت مراسم استقبال جنازته الضخمة في الجزيرة السورية.
أقولها وأود أن أخبر الذين لا يعرفون كيف كان يكتب؟
كان يجلس على الأرض, يضع مخدتين على بعضهما البعض لتصبح له كالطاولة, لأن هذا المبدع العبقري الذي أبدع أروع القصائد الخالدة لم يكن يملك منضدة يكتب عليها. ولا ننسى صوت بابور الكاز وهو ينفث الدخان الأسود كقطار يصم الآذان, وغليان الماء يعكر صفو أفكاره.. تطول جلسته فتتنمل أصابعه من الكتابة ولم تقف معاناته إلى هذا الحد, بل كان عليه أن ينقل كتاباته إلى الآلة الكاتبة التي كانت تتعب أصابعه, لذلك خاطت والدتي له أصابع من القماش لتكون واقية لأصابعه تخفف من آلامه, وأكثر الأحيان كان يختبئ في مخازن المؤونة (بخيرية) عند الجيران والأحباب. ويضرب على الآلة الكاتبة وهو خائف من خروج صوت الآلة إلى الشارع ويفشى سر مكانه.. وفي تلك الظروف القاسية العصيبة لم يكن له مساعد كما يسمونه اليوم بالسكرتير يساعده على الكتابة أو من يصحح له أخطاءه الكتابية.
كان جكرخوين يكتب معظم كتاباته بين البؤس والشقاء, ويستقبل في الوقت ذاته يومياً الأفواج من عشاق شعره وأصدقائه من مختلف الطبقات الاجتماعية والثقافية والسياسية, ينصتون لقراءة قصائد جديدة تثلج قلوبهم وتفرحهم.
لقد كانت أشعار جكرخوين تعبّر عن المرأة ومعاناتها والظلم الذي تلاقيه في ذلك المجتمع المتخلف, وترفع درجة الوعي القومي الكردي, وتتناول القضايا الإنسانية العالمية فمن (بول روبسون) المغني الزنجي الأمريكي إلى هوشي منه, إلى الحرية والثورة التي سوف تغير المجتمعات وترتقي بهم إلى الأمام. وقد كان سيفاً حاداً ناقداً لأولئك الشيوخ والملالي المزيفين الذين يستغلون الدين لمصالحهم الخاصة ولطبقة البكوات والأغوات أعوان السلطات الحاكمة التي تربط مصيرها بسياساتهم.
عاش حياة بسيطة ابتعد فيها عن الثراء والمال فجاء شعره صادقاً معبراً عن آمال الشعب في الحرية والكرامة. وقد غنى أشعاره مئات الفنانين الكرد الذين اشتهروا بأشعاره الجميلة.
كان الأولى بك يا سيد أن ترثيه بكلمات معبرة جميلة تخلد ذكراه, وها أنت تكتب بظلم وقساوة ضده. فجكرخوين الشاعر المبدع الكبير تألق وأشعل النيران لكي يضيء دروبنا, وها أنت اليوم أمام حاسوبك وتنعم في خيرات أوربا وتكتب بحرية, بينما هو كان يعاني الفقر والظلم والملاحقة الأمنية نتيجة مواقفه السياسية ولم يحد قيد أنملة عن مبادئه وقيمه ورسالته الثقافية.
كان يكتب للأخوّة والمحبة والإنسانية, ونحن أولاده نفتقدُ إلى لحظات الاشتياق واللهفة إلى صدره الحنون, إلى قبلة أبوية, كلمة عاطفية. كنا نعيش في بيت واحد, لكنه كان بعيداً عنا مشغولاً بكتاباته, صديقاً حميماُ لقلمه وأوراقه والآلة الكاتبة التي كان يمتلكها, فجاءت تلك الكتابات والأشعار غاية في الروعة, وذاع صيته في الآفاق. وقد كان تأثيره كبيراً على كل الشعراء الكرد الذين جاؤوا من بعده وقائمة الشعراء طويلة ولا مجال لحصرها في عدد منهم. نعم لقد كتب جكرخوين الشعر الكلاسيكي لكنه أبدع فيها وأوصلها إلى آفاق عالية رائعة, وما الضرر في ذلك؟
هاهم العرب يعتزون بشعرائهم الكلاسيكيين ويقيمون المهرجانات الشعرية تخليداً لذكراهم. وأخيراً ستظل أشعار جكرخوين الرائعة في قلوب الشعب الكردي وستظل ذكراه في الذاكرة الكردية مادامت الدماء الكردية تجري في قلوب محبيه وعشقاه.
القامشلي
أخي الكريم لا أخالك تكره جكرخوين لو كان شخصاً عادياً, ولا أظن أنك تنتقده عن دراية وإلمام ودراسة فلو كان ذلك لجئت بإحدى قصائده التي تراها ركيكة أو غير صالحة, وانتقدتها أدبياً نصاً وشعراً وتقول: إن جكرخوين يقول كذا وكان عليه أن يقول كذا…. تشرح وتفصل.. كان عليك أن تنتقده بطريقة مؤدبة وتبين لنا جميعاً ما تريد إصلاحه.. لكنك دون
أن تدقق وتحاسب نفسك, قلت ما تبغيه دون صعوبة, لتؤكد لنا مقالتك على أنك لا تمارس النقد ولا تجيد التحليل فلم تترك لنفسك فراغات بين السطور ولم تضع موازنة بين الكر والفر.
أنا أعرف حق المعرفة أن ما كتبته لا ينمّ سوى عن كراهية تكنها لشخصية جكرخوين, تريد أن تمحيه وتزيله كنجم يلمع في سماء كردستان, وفي الحقيقة وفي داخل نفسك تتمنى لو كنت مثل جكرخوين.
ولأنك لا تملكُ القدرة على ذلك فأنت تكرهه لعبقريته وقوته في المثابرة والعطاء حتى آخر يوم في حياته, مع أن هذا يسعد كل كردي أينما كان, إلا أنه يبدو أنه يؤلمك أنت لأنه مخالف لأمنياتك التي تتمناها والتي تكمن بشكل واضح وصريح في رغبتك على أن يختفي نجم جكرخوين وفوق كل ذلك فإن حفلات التأبين التي تُقام له, وتستذكر ذكراه العطره تراها تنزل على نفسك ثقيلة وصعبة الهضمِ, فتكتب دون مراقبة أو وازع من ضمير.
عليك أن تدرك يا سيد أن الذين يسعون إلى المجد والعظمة عليهم أن يضحوا بكل غال ونفيس عليهم أن يتحدوا مع عطاءات الطبيعة فيبدعوا وتظهر مواهبهم, ويكرسوها لتحسين وتطوير الثقافة التي تدر على المجتمع بالخير والعطاء. فبين الفينة والأخرى تظهر مواهب مبدعة, تضمحل بعضها فوراً لكونها لم تثابر على مسيرتها فتلحق بذوات الفكر البالي المتخلف, والأخرى تتمرد على الأفكار المتعفنة وتحاربها بقوة فتصل إلى الذروة ومنهم (جكرخوين) الذي تفتقت عبقريته من خلال إبداعه في نظم أشعار وقصائد لم يأت أحد بمثلها من قبل, وجاءت قصصه المعبرة, وقد تجسد فيها نضاله الدؤوب مع الآخرين ضد الظلم والجهل والفقر.
فكان الداعية الكبير الذي نادى بكردستان, وتغزل بها, وعشقها حتى العبادة, فبات نجماً في سمائها, وقاد مسيرة النضال السياسي والاجتماعي والفكري والأدبي. وقد حاربته فئات مختلفة وعاداه كثيرون. لكنهم باؤوا بالفشل, لأنه كان أقوى من أعاصيرهم جميعاً وهكذا بالنسبة لك. في الحقيقة أنا أشفق على هؤلاء الذين يحاولون قتل النجوم وهدم الجبال. أشفق عليهم لأنهم يحاربون الطبيعة فيظهرون الصورة الحقيقية واللوحة الطبيعية لمسارهم البطيء, أين هم من سحر النجوم وشموخ الجبال!
في الحقيقة لا تكفيني دفاتر الدنيا وأقلامها للكتابة عن جكرخوين, ولكنني الآن بصدد الرد عليك, والقول لك ولأمثالك إن الساحة واسعة شاسعة تكفي الجميع, وقد احتل جكرخوين بدأبه ونشاطه زاوية كبيرة منها. اعملوا شيئاً مما عمل واحتلوا مساحة كبيرة منها, وهاتوا بجكرخوين جديد يحتل مكانه أوعلى الأقل يملأ الفراغ الذي تركه, فنحن بحاجة إلى نابغة يلم شملنا ونكون لك من الشاكرين.
لقد عاش جكرخوين حياة قاسية, وأنا ابنته وأعرف تماماً كيف عشنا. مازال الألم يعتصر كياني ولكننا ومع ذلك نفتخر بعطاءاته لأنه عمل من أجل الجميع ولا ضرر في أن نكون نحن عائلته الصغيرة الضحية.
آه لو كنت تدري كيف كان يجلس جكرخوين ويأخذ القلم والقرطاس, وعندما يأتيه شيطان الشعر, يبدأ بكتابةِ ما تبدعه أنامله من أشعار جميلة تسحر الألباب والعقول والعشاق, لقد كان يعلو في سماء الشعر الكردي كما حلق من قبله الجزيري وخاني وفقهي طيران وسار شامخاً بعقله النير, وشعره السامق, وشخصيته الكردية البسيطة البعيدة كل البعد عن الغرور والكبرياء, لذا أحبه الشعب الكردي وقد رأيت مراسم استقبال جنازته الضخمة في الجزيرة السورية.
أقولها وأود أن أخبر الذين لا يعرفون كيف كان يكتب؟
كان يجلس على الأرض, يضع مخدتين على بعضهما البعض لتصبح له كالطاولة, لأن هذا المبدع العبقري الذي أبدع أروع القصائد الخالدة لم يكن يملك منضدة يكتب عليها. ولا ننسى صوت بابور الكاز وهو ينفث الدخان الأسود كقطار يصم الآذان, وغليان الماء يعكر صفو أفكاره.. تطول جلسته فتتنمل أصابعه من الكتابة ولم تقف معاناته إلى هذا الحد, بل كان عليه أن ينقل كتاباته إلى الآلة الكاتبة التي كانت تتعب أصابعه, لذلك خاطت والدتي له أصابع من القماش لتكون واقية لأصابعه تخفف من آلامه, وأكثر الأحيان كان يختبئ في مخازن المؤونة (بخيرية) عند الجيران والأحباب. ويضرب على الآلة الكاتبة وهو خائف من خروج صوت الآلة إلى الشارع ويفشى سر مكانه.. وفي تلك الظروف القاسية العصيبة لم يكن له مساعد كما يسمونه اليوم بالسكرتير يساعده على الكتابة أو من يصحح له أخطاءه الكتابية.
كان جكرخوين يكتب معظم كتاباته بين البؤس والشقاء, ويستقبل في الوقت ذاته يومياً الأفواج من عشاق شعره وأصدقائه من مختلف الطبقات الاجتماعية والثقافية والسياسية, ينصتون لقراءة قصائد جديدة تثلج قلوبهم وتفرحهم.
لقد كانت أشعار جكرخوين تعبّر عن المرأة ومعاناتها والظلم الذي تلاقيه في ذلك المجتمع المتخلف, وترفع درجة الوعي القومي الكردي, وتتناول القضايا الإنسانية العالمية فمن (بول روبسون) المغني الزنجي الأمريكي إلى هوشي منه, إلى الحرية والثورة التي سوف تغير المجتمعات وترتقي بهم إلى الأمام. وقد كان سيفاً حاداً ناقداً لأولئك الشيوخ والملالي المزيفين الذين يستغلون الدين لمصالحهم الخاصة ولطبقة البكوات والأغوات أعوان السلطات الحاكمة التي تربط مصيرها بسياساتهم.
عاش حياة بسيطة ابتعد فيها عن الثراء والمال فجاء شعره صادقاً معبراً عن آمال الشعب في الحرية والكرامة. وقد غنى أشعاره مئات الفنانين الكرد الذين اشتهروا بأشعاره الجميلة.
كان الأولى بك يا سيد أن ترثيه بكلمات معبرة جميلة تخلد ذكراه, وها أنت تكتب بظلم وقساوة ضده. فجكرخوين الشاعر المبدع الكبير تألق وأشعل النيران لكي يضيء دروبنا, وها أنت اليوم أمام حاسوبك وتنعم في خيرات أوربا وتكتب بحرية, بينما هو كان يعاني الفقر والظلم والملاحقة الأمنية نتيجة مواقفه السياسية ولم يحد قيد أنملة عن مبادئه وقيمه ورسالته الثقافية.
كان يكتب للأخوّة والمحبة والإنسانية, ونحن أولاده نفتقدُ إلى لحظات الاشتياق واللهفة إلى صدره الحنون, إلى قبلة أبوية, كلمة عاطفية. كنا نعيش في بيت واحد, لكنه كان بعيداً عنا مشغولاً بكتاباته, صديقاً حميماُ لقلمه وأوراقه والآلة الكاتبة التي كان يمتلكها, فجاءت تلك الكتابات والأشعار غاية في الروعة, وذاع صيته في الآفاق. وقد كان تأثيره كبيراً على كل الشعراء الكرد الذين جاؤوا من بعده وقائمة الشعراء طويلة ولا مجال لحصرها في عدد منهم. نعم لقد كتب جكرخوين الشعر الكلاسيكي لكنه أبدع فيها وأوصلها إلى آفاق عالية رائعة, وما الضرر في ذلك؟
هاهم العرب يعتزون بشعرائهم الكلاسيكيين ويقيمون المهرجانات الشعرية تخليداً لذكراهم. وأخيراً ستظل أشعار جكرخوين الرائعة في قلوب الشعب الكردي وستظل ذكراه في الذاكرة الكردية مادامت الدماء الكردية تجري في قلوب محبيه وعشقاه.
القامشلي
23 – 12- 2009