ميديا كدو*
أصبحت منذ تخرجي من الجامعة أتابع الصحافة بشكل دائم، إلى حد أستطيع أن أقيّم منها زوايا كثيرة، وهذا الزمن السائر الماضي الذي نلاحقه دون أن نصل إليه أو نملّ من التأمل بالوصول إليه، زمن تخرجي، يقارب العام ونصف العام، إضافة إلى كوني ابنة رجل يعج بيته بجل أنواع الجرائد والصحف أكثر من أنواع الطعام وألوان الأثاث، فأنا تربيت بين الكتب وقصاصات الورق المكتوبة المطوية بحذر في جيوب أبي مذ كنت طفلة صغيرة تمسك بطرف فستان أمها، تدور معها البيت كله إلى ان تكوّرت في ذاكرتي قصاصات و وريقات أبي التي كانت تصنفها أمي وكنت أسمعها تندندن بأسماء رجال لم أعرفهم، حتى بتّ أعتقد بأنه لا مكان لإسم أنثى في تلك المملكة الذكورية التي كنت أحسها تجتذبني كلما رأيت أبي غارقا فيها لقراقيط أذنيه منتشياً، لولا تشجيعه وعائلتي لي على المطالعة والانتماء لعالم الأوراق المطوية في الجيوب
عندما بدأت أعبر عن هوسي بها، وقتها عثرت على جواب قطعي لتساؤلي عن شرعية النساء في عالم الوريقات المكتوبة بعبثية، وبأني كفتاة أستطيع أن أنتمي اليه!!
ياله من نصر، نصر الانتماء هذا الذي جعلني أبتلع كتب أبي كلها، أقرأها دون ملل وكأني أسابق الريح، حتى صرتُ أهذي بأسماء أبطالها وأنا نائمة!!
مالي وانتصارات الطفولة الساذجة، فلنعد لزمن أقرب، زمن الآمال الخائبة والأحلام المهدورة، زمن بعد تخرجي، وتحديداً هذا الفطر السعيد الذي لم يمض عليه سوى أيام معدودة، عندما جالست نفسي بين حشود الضيوف المهنئين كنت أغوص بين الجرائد المتناثرة في أركان البيت، تقرأ عيناي الضجرة كل سطورها وترى صورها وتتأمل في عنواوينها، ابتداءً بصفحاتها السياسية وشؤون البلاد ومصير الأمة برجالها ذوي الأسماء المطوّلة الملقبة بالتشريفات والاحترامات والتبريكات مكتوبة بالخط العريض، ببذلاتهم الأنيقة من ماركات لم نسمع بها قط، واجتماعاتهم الهامة التي تدفع فيها كل قناة نصف عمرها لتكون الاولى في تغطيتها، وبقراراتهم التي تدخل صفحات تاريخنا، نحن سكان الأرض. أما صفحات الثقافة التي ينازع رجالها ليصلوا الى جماعة السياسة ملاكي الليموزين والشبح والمحاطين بشباب الحماية والبودي كارد المهيبين، نرى مشهدنا القديم يتكرر بدراماتيكيتيه القديمة لكن بهندام ثقافي بسيط من الجينز والتيشرت ليصطادوا كلماتهم من لغة عيون الناس ووقع خطواتهم.
أيّ كان فالرجال من النوعين المتواري والظاهر، السياسي والمثقف والمبدع والمكتشف أيضاً، هو الذي يحتل المقاعد الأولى والثانية والخامسة والعشرين حتى في أوراق صحافتنا ومنتدياتها، واسمه يستولي على كل الأسطر المنتقاة وصوره تتربع في كل الزوايا الهامة، حتى باتت المرأة في هكذا مواقع نادرة وشاذة، كندرة لذة العيد مقارنة بأيام تشبثي بفستان أمي!! فالسادة الآنفو الذكر موزعون في كل صفحات صحافتنا تعلو وجوههم ابتسامة تنم عن ثقة طاغية بالنفس لا نجد مثيلاً لها على وجوه السيدات، وإن وجدت فشرطها يلازم الموضة وصرعة العصر، سيدات لا بل غالبيتهن آنسات طاغيات الجمال، من فنانات وراقصات وعارضات، توزع صورهن المعالجة بكل البرامج لتبدو أجمل، والتي تباع الواحدة منهن في مزادات علنية وبأسعار خيالية، تطبع هذه الصور الى جنب صورة الرجال الشديدي الأهمية، لتحتل هي الغلاف وهو المضمون، هي الدعاية والإعلان لجذب المشتري وهو التاجر الذي تتكدس جيوبه بالعملات، هي الطعم والمجتمع كله السمكة ووحدها صحافة التشويه هذه هي المستفيدة مادياً ليس إلا، حتى باتت صورهن وأخبارهن تمثل صورة المرأة، الانسان العاقل الذي شق مع الرجل طريق التطور المطّرد هذا، لتصبح بذلك هذه الفئة من السلع صورة المرأة الطبيعية ليضيق الخناق أكثر على المرأة، الانسان، وتسير الى الانقراض من صحافتنا…وربما من حياتنا أيضاً!!
ياله من نصر، نصر الانتماء هذا الذي جعلني أبتلع كتب أبي كلها، أقرأها دون ملل وكأني أسابق الريح، حتى صرتُ أهذي بأسماء أبطالها وأنا نائمة!!
مالي وانتصارات الطفولة الساذجة، فلنعد لزمن أقرب، زمن الآمال الخائبة والأحلام المهدورة، زمن بعد تخرجي، وتحديداً هذا الفطر السعيد الذي لم يمض عليه سوى أيام معدودة، عندما جالست نفسي بين حشود الضيوف المهنئين كنت أغوص بين الجرائد المتناثرة في أركان البيت، تقرأ عيناي الضجرة كل سطورها وترى صورها وتتأمل في عنواوينها، ابتداءً بصفحاتها السياسية وشؤون البلاد ومصير الأمة برجالها ذوي الأسماء المطوّلة الملقبة بالتشريفات والاحترامات والتبريكات مكتوبة بالخط العريض، ببذلاتهم الأنيقة من ماركات لم نسمع بها قط، واجتماعاتهم الهامة التي تدفع فيها كل قناة نصف عمرها لتكون الاولى في تغطيتها، وبقراراتهم التي تدخل صفحات تاريخنا، نحن سكان الأرض. أما صفحات الثقافة التي ينازع رجالها ليصلوا الى جماعة السياسة ملاكي الليموزين والشبح والمحاطين بشباب الحماية والبودي كارد المهيبين، نرى مشهدنا القديم يتكرر بدراماتيكيتيه القديمة لكن بهندام ثقافي بسيط من الجينز والتيشرت ليصطادوا كلماتهم من لغة عيون الناس ووقع خطواتهم.
أيّ كان فالرجال من النوعين المتواري والظاهر، السياسي والمثقف والمبدع والمكتشف أيضاً، هو الذي يحتل المقاعد الأولى والثانية والخامسة والعشرين حتى في أوراق صحافتنا ومنتدياتها، واسمه يستولي على كل الأسطر المنتقاة وصوره تتربع في كل الزوايا الهامة، حتى باتت المرأة في هكذا مواقع نادرة وشاذة، كندرة لذة العيد مقارنة بأيام تشبثي بفستان أمي!! فالسادة الآنفو الذكر موزعون في كل صفحات صحافتنا تعلو وجوههم ابتسامة تنم عن ثقة طاغية بالنفس لا نجد مثيلاً لها على وجوه السيدات، وإن وجدت فشرطها يلازم الموضة وصرعة العصر، سيدات لا بل غالبيتهن آنسات طاغيات الجمال، من فنانات وراقصات وعارضات، توزع صورهن المعالجة بكل البرامج لتبدو أجمل، والتي تباع الواحدة منهن في مزادات علنية وبأسعار خيالية، تطبع هذه الصور الى جنب صورة الرجال الشديدي الأهمية، لتحتل هي الغلاف وهو المضمون، هي الدعاية والإعلان لجذب المشتري وهو التاجر الذي تتكدس جيوبه بالعملات، هي الطعم والمجتمع كله السمكة ووحدها صحافة التشويه هذه هي المستفيدة مادياً ليس إلا، حتى باتت صورهن وأخبارهن تمثل صورة المرأة، الانسان العاقل الذي شق مع الرجل طريق التطور المطّرد هذا، لتصبح بذلك هذه الفئة من السلع صورة المرأة الطبيعية ليضيق الخناق أكثر على المرأة، الانسان، وتسير الى الانقراض من صحافتنا…وربما من حياتنا أيضاً!!
* مهندسة زراعية